تواصلت امس الخميس الرابع والعشرين من شهر جمادى الأولى الجاري فعاليات البرامج الثقافية لملتقى مجمع الملك فهد لأشهر خطاطي المصحف الشريف في العالم المقام حالياً في المدينةالمنورة تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود لليوم الثاني على التوالي . فقد نظمت المحاضرة عن الجهود الصينية في كتابة المصحف الشريف للأستاذ الدكتور يحي بن محمود جنيد ، وقدم المحاضرة الأستاذ الدكتور عبدالله بن عبدالرحيم عسيلان أمين عام مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بالرياض ، ومن أبرز أعمال المحاضر العديد من المؤلفات والبحوث ، منها : (الوقف وبنية المكتبة العربية) ، و(الطباعة في شبه الجزيرة العربية في القرن التاسع عشر الميلادي) ، و(طباعة المصحف الشريف في أوروبا) ، وقد حصل على جائزة الملك فيصل العالمية في الدراسات الإسلامية في عام 1418ه . وتناولت المحاضرة عناية الصينيين بكتابة المصحف الشريف، مع عرض لمجموعة من المصاحف المخطوطة وإبراز أهم ملامحها الفنية وتأثرها بالفن الصيني. وتعتمد الدراسة بشكل رئيس على مصادر منشورة عن الإسلام في الصين، ومجموعة من المخطوطات التي اطلع المحاضر على مصورات لها في كتب الفن الإسلامي، وقوائم المزادات، وكذلك ما اطلع عليه بشكل مباشر؛ ومن ذلك مجموعة مميزة من اللوحات القرآنية المحفوظة في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية.كما تضمن البرنامج الثقافي امس إقامة ندوة بعنوان : (جماليات الخط العربي في كتابة المصاحف : مفهومها ، ومقوماتها ، وخصائصها) وشارك فيها كل من الأستاذ الدكتور منور ثامر المهيد ، والأستاذ الدكتور إدهام محمد حنش ، وأدارها الأستاذ الدكتور يحي محمود جنيد .وقد ناقشت الندوة محورين ، المحور الأول ركز على جمالية الخط في المصحف الشريف ، البنية والخصائص : وتقوم على البنية الجمالية لخط المصحف الشريف في الأساس على ما نُسَمِّيه ب (الهندسة الفاضلة) التي تعنى بقيم التناسب والتفاضل المعرفية والجمالية لتقويم الشكل والحركة والبنية في طبيعة الأشياء وحقيقتها الرمزية والمعنوية والمادية، مهما تكن هذه الأشياء مختلفة في حجمها وسعتها وشكلها ومادتها وطبيعتها.. ومن هنا ، يعد أحسن الخط ما كان على النسبة الفاضلة والنسبة الفضلى، فصار (الخط المنسوب) هو الخط الأفضل لكتابة القرآن الكريم؛ وذلك لبنيته الجمالية الملائمة لراحة النفس وقبولها من حيث الإشباع البصري والأداء الوظيفي والأثر الطيب .المحور الثاني: جمالية الصورة الخطية وتقاليدها الفنية في كتابة المصحف الشريف: تقوم جمالية الصورة الخطية هذه على ثلاثة مقومات رئيسة هي: حسن الشكل، وحسن الوضع، وحسن الضبط. أما تقاليدها الفنية فتتمثل في الاتجاه الفني العام، الأصيل المتوارث المختلف الطرائق والقواعد والأساليب الواضحة والمميزة في اختيار نوع أو أكثر من أنواع الخط في كتابة المصحف الشريف. وكانت أبرز هذه التقاليد الفنية وأوضحها تتمثل في الطرائق والقواعد والأساليب المستندة إلى كل من (خطوط المصاحف) الآتية: الجزم خط المصاحف الأولى ، وهو الذي أطلق عليه : (الخط الكوفي) الذي نرى أشكاله الأولى في (المصحف الإمام) ، وأنواعه اللاحقة في مصاحف القرون الهجرية الأربعة الأولى، والخط الثاني (المحقق) وهو قلم المصاحف المكتوبة بالخط المنسوب التي بانت ملامحه الأولية في (الأقلام الستة) ؛ فظهر لأول مرة ما صار يعرف ب (خط المصاحف) الذي كانت ملامحه الفنية الأساسية غالباً قريبة من خطوط : المحقق ، والثلث ، والريحاني ، والرقاع ، والنسخ . أما الخط الثالث فهو : خط النسخ الذي جعله الخطاطون العثمانيون أساساً معرفياً وفنياً ووظيفياً لكتابة المصحف الشريف؛ حتى صار يطلق عليه: خادم القرآن الكريم أو خادم المصحف الشريف .