رغم منافسة الوسائل الحديثة يواصل محمود فناس ما يفعله منذ 37 عاما في صيدا كبرى مدن جنوب لبنان : ان يقرع طبلته ليوقظ النيام فيتناولوا وجبة السحور قبل انبثاق فجر يوم جديد من ايام الصوم في شهر رمضان . المسحراتي محمد فناس في صيدا ""اف ب - محمود الزيات " ويتساءل فناس عما اذا كان سيتمكن من مواصلة عمله والصمود في وجه الرسائل النصية عبر الهواتف الخلوية او مكبرات الصوت التي اصبحت تستخدم لايقاظ الصائمين . بدأ محمود فناس منذ ان كان في الخامسة عشرة من عمره يجوب كل ليلة من ليالي رمضان احياء وشوارع مدينة صيدا القديمة وتقع على بعد 40 كلم جنوببيروت . ويستبدل فناس ثيابه الحديثة بعيد منتصف الليل فيرتدي جلابية تقليدية ويغطي راسه بمنديل ابيض ثم يحمل عدة شغله : طبلته وفانوس قديم " سراج " وينطلق في جولته . ويقول " السراج صديقي القديم نوره يضفي رونقا ودفئا ويعيد الناس الى اجواء رمضان القديمة كما يساعدني على السير ليلا في الطرقات المظلمة من جراء انقطاع الكهرباء في معظم الاحيان " . ينطلق فناس في جولته من احياء صيدا القديمة وزواريبها المجاورة للبحر وللمرفأ التجاري وميناء صيادي الاسماك ويسير بمحاذاة منازل مبنية من الحجر يزين نوافذها زجاج ملون . يعبر المسحراتي وفقاً لرويترزحارة مار نقولا ويمر امام كنيسة طائفة الروم الارثوذكس ثم يتقدم في حارة اليهود ويمر امام كنيس كان اللبنانيون من ابناء الطائفة اليهودية يصلون فيه قبل ان يرحلوا جميعا مع انسحاب الجيش الاسرائيلي عام 1985 من صيدا بعد ان احتلها لمدة ثلاثة اعوام . يقف فناس تحت النوافذ او يدخل المباني .يقف امام كل باب يردد اسم ساكنه مرفقا بنداء " يا نايم وحد الدايم " . ويقول " احاول ان استمر في احياء تقليد المسحراتي لكني اخشى ان اكون قد اصبحت من ابناء مجموعة على وشك الانقراض " . ويضيف متسائلا " هل يمكنني ان اصمد في مواجهة الحداثة وتطور التكنولوجيا بهذه السرعة " . يشير فناس الى اساليب مبتكرة في ايقاظ المؤمنين بواسطة مكبرات للصوت نصبت على سيارات تجوب الاحياء ويقول " بصوت واحد وبدون عناء يوقظ المنادي مئة شخص لكنها وسيلة لا تتعامل مع كل شخص بمفرده " لافتا الى " استخدام الرسائل القصيرة على الهواتف الخلوية مؤخرا " . ويقول " انا افضل ان اقرع الطبلة واردد الموشحات الدينية .وكثير من السكان ينتظرون سماع صوتي لينهضوا من فراشهم " . في الاسبوع الاخير من شهر الصوم يبدأ فناس بالتجول مع فرقة يحمل افرادها الات موسيقية نحاسية متعددة الاحجام وهم يرددون الموشحات الدينية " لاضفاء اجواء احتفالية على وداع شهر رمضان " . ويجني فناس ثمرة اتعابه من السامعين بدون اجر محدد . ويقول " ليس هناك من تسعيرة .كل واحد يعطيني ما يراه مناسبا " .ويضيف " لا اقوم بعملي كموظف في مؤسسة دينية يقبض راتبا شهريا " . مع انتهاء شهر الصوم يخلع محمد فناس زي المسحراتي ويضعه مع طبلته وسراجه في زاوية من زوايا منزله المتواضع . وبعد عيد الفطر يبدأ فناس مهنة اخرى ويتنقل من مكان الى مكان اما عاملا في احد مقاهي المدينة او خادما في الحفلات والاعراس او مشاركا في احياء الاحتفالات الدينية التي تنظمها جمعيات اهلية . ويقول " امضي العام انتظر رمضان لاني اكون على موعد مع عمل احبه واصبح جزءا من حياتي كما هو جزء من حياة المدينة " .