يتواصل معالي الشيخ صالح بن طه خصيفان المستشار في الديوان الملكي متحدثاً عبر " البلاد " عن ذكرياته في مكةالمكرمة بعد أن نشرت " البلاد " لمعاليه في الشهر الماضي حديثاً عن حياته وأسرته في مكة وبداياته في العمل العسكري ..ويتحدث الفريق صالح اليوم ل " البلاد " عن الحياة في مكة قبل أكثر من نصف قرن وذكرياته مع والده الفريق طه خصيفان رحمه الله وبداياته في العمل وأيام رمضان والعيد والحج في مكةالمكرمة والتقاليد والعادات في العاصمة المقدسة . الفريق طه يقول الشيخ صالح متحدثاً عن والده الفريق طه خصيفان والتزامه بالتربية المكية القديمة ونقلها إلى أبنائه واصفاً حياتهم في حي " جياد " الذي سكنته الأسرة منذ سنوات طويلة والمطل على المسجد الحرام " جبل ابي قبيس " يقول الشيخ صالح إن والده انتقل إلى رحمة الله في 1392ه وهو على رأس عمله في السلك العسكري . استعراض الخيل قلت للشيخ صالح ان هناك من يتحدث عن العرض العسكري الذي يمر بشوارع مكةالمكرمة في فترة الخمسينيات والستينيات الهجرية بمشاركة والده ..قال نعم فقد كان طلبة الشرطة في جياد حيث مدرسة الشرطة يستعرضون على الخيل في يوم العيد وكان يوم الاثنين الدرس والتفتيش وكان والدي أحد من شارك فترة طويلة في هذا الاستعراض بمصاحبة الفرقة الموسيقية " المزيكة " على الخيول وكان العسكري يرتدي البنطلون والقميص ويلبس الغترة الخضراء والعقال وكان رجال الأمن المشاركون في حراسة الملك عبدالعزيز رحمه الله في أيام الحج في مكة يرتدون هذا الزي ويظهر حتى الآن في الصور القديمة التي تنشرها بعض الصحف وكان الوالد يستعرض داخل الثكنة العسكرية من موقع مستشفى جياد الآن حتى ريع بخش ويوم الأربعاء في " البلد " ويسمى " التشريفة " وكنا ونحن " ملازمين " نؤدي العمل ليلاً بالخيول . عبدالحليم حمزة وعن مدير مدرسة الشرطة في مكةالمكرمة وهي أول مدرسة شرطة في البلاد قال : المدير كان اللواء عبدالحليم حمزة بعد ان درس البوليس في القاهرة عاد إلى المملكة وأذكر من الخريجين أحمد يقمور، حسين زقزوق رحمهما الله أما والدي فقد درس في الجيش في المدرسة العسكرية في الطائف . مراتع الصبا ويواصل الشيخ خصيفان حديثه وهو يصف بداياته في مكةالمكرمة ويطلق عليها " الزمن الوردي الجميل في كل شيء " وكما يقول اتحدث عن مراتع الصبا والذكريات خاصة وقد شرفنا الله أن يكون سكن الأسرة بجوار المسجد الحرام مباشرة من جهة " جياد " . أخبار الحرب وعن كيفية انتقال الأخبار لهم قال كنا نذهب إلى شخص اسمه " محمد خوجة " لديه راديو نستمع عبره إلى نشرة الأخبار عن الحرب العالمية الثانية . في مبنى واحد ويتحدث خصيفان عن مقر " الحميدية " والذي كان ضمن حديثه ل " البلاد " في ما نشر سابقاً إلا أنه يضيف أن الحميدية ومجلس الشورى والسجن في مبنى واحد وفصول مدرسة الشرطة وكنا نستمع إلى أصوات أحمد الغزاوي والشريف شرف وحمزة مرزوقي رحمهما الله وهما يتحدثان عن القضايا لقرب المسافة لأننا في مبنى واحد مجاور للحرم الشريف وكان الدور الأرضي للسجن ثم مدرسة الشرطة ثم الشورى . مقاهي مكة يصف الشيخ صالح مقاهي مكة تلك الفترة بأنها كانت ملتقى للأدباء الكبار وكانت تقوم مقام الأندية الأدبية والصوالين الثقافية بحضور الكبار من الأدباء والمثقفين والكتاب ومنها مقهى " عبدالحي " في المسفلة . علمني الزيدان ويذكر الشيخ صالح عبارة استمع اليها من الرائد الاديب محمد حسين زيدان رحمه الله يصف فيها حال الناس اليوم يقول ان الزيدان قال عبارة اعتبرها درساً وهي " اعيش الحاضر بذكرى الماضي لان الحاضر مرهق " ويعلق بان الزيدان وصف فعلا حياة اليوم وحياة الامس وان الرابط هو " الذكريات " للماضي لعدم وجود ما يستدعي الاهتمام في الحاضر اليوم . دار الأرقم ويضيف الشيخ خصيفان حرص جيله على اداء الصلاة في المسجد الحرام وحضور حلقات الدرس ويضيف دخولهم الى الحرم بخشوع مع والدهم وكانوا يدخلون الى مكان " دار الارقم " الشهير في عهد الاسلام وبداية الدعوة المحمدية على صاحبها قديماًافضل الصلاة والسلام . مكة ويسترسل معالي الشيخ صالح متحدثا عن وصف دقيق لحي " اجياد " المجاور للمسجد الحرام يقول : كان هناك فندق يسمى " بنك مصر " ، في " العريضي " واسباب التسمية خلو المنطقة من السكان واذكر ان الامراء ممدوح وثامر ومشهور كانوا يسكنون في جياد بجوار شخص يدعى " حكمت الكبابجي " خلف المستشفى . المرستان وفي هذه المنطقة خلف المستشفى يقع " المرستان " وهو اول مكان يعالج المرضى النفسيين والمسؤول عنه شخص اسمه السيد حسين وبجاور المرستان " عم معروف " بائع المنتو ورباط " البهرة " واذكر ان وزير الصحة انذاك د .رشاد فرعون وكان مقر الصحة هناك ودار الايتام والمالية ومنزل الامير منصور . والد طلال مداح ويكشف الفريق صالح معلومة ربما كما يقول لا يعرفها الكثير وهو ان والد الفنان طلال مداح كان يسكن خلف الثكنة العسكرية وكان متعهداً للماء ونقله على الدواب يقوم بايصالها لدار الايتام وخاله شخص يدعى " محيميد " يعمل لدى مدير الأمن انذاك علي جميل . زيارة طه حسين ويذكر الشيخ صالح زيارة الاديب العلم طه حسين بدعوة من الامير فهد انذاك وزير المعارف للعمرة ووصوله الى مكة يقول : كنت احد المكلفين بالمرافقة وكنت ملازماً اول ويصف مفاجأته بعزوبته وسلاسة وجودة الحديث الذي تحدث به العميد طه حسين عميد الادب وهو بثياب الاحرام بحضور عدد من رجال المعارف وواصل بعد ذلك الى جدة وحول هذا المشهد يقول الفريق هذا هو طه حسين فاقد البصر يتحدث بهذا الابداع . " انها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور " . رمضان وحول ذكريات رمضان " يضحك " الفريق وهو يتذكر حياة قبل نصف قرن في رمضان في مكةالمكرمة ويقول كنا نعيش بدون اضاءة ومكيفات وبدأنا بالقمرية والفانوس ثم تطور الامر لاستعمال " الاتاريك " والتي اشتهر بتأمينها " ابو الريش " وكانت والدتي رحمها الله تقوم بتجهيز " السطح " للافطار وبعد رشه بالماء وفرشه " بالحنبل " ويوضع مرفع " الشراب " والطبلية و " نصبة " الشاي ويتم وضع " الكرويتة " وهي مخصصة للجلوس وتناول طعام الافطار ويذكر من طعام الافطار " السمبوسك " و " السقط " للشوربة ويتم احضاره من المنشية في القشاشية وكذلك " المهلبية " ويذكر ان اكثر البيوت كانت تربي " الماعز " للاستفادة من " الحليب " و " اللبن " . مكيف طبيعي ويواصل ذكرياته عن رمضان ويقول اننا كنا نقوم باحضار " سطل " ماء ويتم وضع " الشراشف " فيه ثم وضعها على " الوجه " بعد عصره وتبريد الجو " بمنشة خصف ويذكر ان ساعات الصيام كانت تقترب من ال 18 ساعة في جو مكة شرفها الله المعروف بالحرارة ورغم ذلك يقول اننا كنا في غاية السعادة . ماء زمزم وحول زمزم قال كانت المنازل القريبة من الحرم يتفق رب الاسرة مع عدد من " الزمازمة " لاحضار " دوارق " الزمزم ويتم وضعها عصراً امام ابواب المنازل ويقول ان اخواننا " الافارقة " الذين يعيشون في مكة كانوا يصنعون " الحب " بالدق اليدوي ويتم بيعه رمضان .ليلاًفي العمل ولصعوبة العمل في النهار يقول خصيفان كان العمل الحكومي في رمضان ليلا وكنا نذهب للثكنة العسكرية مع الوالد ليلا ويكون العمل على " الاتاريك " وبعد " المدفع " الأول ننصرف الى منازلنا للسحور والنوم ثم القيام لصلاة الفجر ويقول ان الكبار والصغار في تلك الفترة كانوا يفرحون برمضان . العيد وعن العيد يقول ان ايام العيد كانت جميلة تبدأ بصلاة المشهد في المسجد الحرام وقبل الصلاة يبدأ منظر " الكرنفال " الجميل للأطفال وهم يخرجون مرتدين الملابس الجديدة بصحبة ابائهم لأداء الصلاة . وبحكم السكن يجوار الحرم كنا نرى المنظر الجميل يتكرر كل عام . المعايدة أما باقي ايام العيد فيتم فيها التواصل بالذهاب الى منازل الاقارب والاصدقاء للمعايدة والتهاني بين الاحياء ويربط الشيخ صالح بعيد هذه الأيام الذي يصفه بأنها العلاقات الان مكالمات هاتفية او رسالة جوال وقد كنا عند خروجنا من المنازل في العيد نضع " سجل " لتسجيل اسماء الناس الذين يصلون في غياب رب الأسرة لنقوم برد الزيارة في نفس اليوم او اليوم الثاني . وادي فاطمة وخلال ايام العيد تلتقي الأسر في رحلة جميلة الى وادي فاطمة خارج مكة ولوعورة الطرق كان سائق السيارة يحمل معه " الصيجان " لوضعها تحت الاطارات في حالة " التغريز " . المداريه وحول العاب العيد قال لم تكن منتشرة في كل الاحياء وكنا نذهب الى حيث وجود " المداريه " وكانت موجودة امام عمائر الاشراف بجوار الحرم او ريع الرسام امام نزل التونسي .وكذا ما يطلق عليه " السنما " وهي صور متحركة في الة مغطاة بقماش . أكلات العيد ويذكر اكلات مكية في العيد - الدبيازة وغيرها وكذا الملابس الجديدة والاحذية التي تصنع في مكة من " الجلد " . أيام الحج ويختم الشيخ خصيفان حديثه عن ايام الحج في مكةالمكرمة وحرص اهالي مكة على خدمة الحجاج ويرتبط اكثر اهالي مكة بذلك سواء مطوفين او غيرهم من اصحاب العلاقة . المعمول ويقول إن من الأكلات الشهيرة في الحج " المعمول " و " الغريبة و " النُقل " وهو المكسرات . القيس ويضحك وهو يذكر ما كان يشاهد في بعض الاحياء من تجمع " سيدات " الحي امام المنازل ايام عرفة ومنى بعد ذهاب رب الأسرة للمشاعر ويرددون " يا قيس ..يا قيس " .. هذه حياتنا الشيخ صالح خصيفان يقول في نهاية حديثه للبلاد انني اذكر كثيراً من اهالي مكة من اسر معروفة مثل ال الشيبي وآل بدر والريس وغيرهم ولقاءات الأسر في المناسبات والحب والترابط بينهم كما ذكر بعض زملائه في السلك العسكري والجهود التي بذلوها في اعمالهم بكل امانة واخلاص وذكر منهم - الفريق محمود بخش - اللواء ياسين البار - اللواء محمد حسن الطف وغيرهم . تقدير البلاد والبلاد تقدر لمعالي الشيخ صالح عنايته وحرصه للحديث لها مقدرة له ذلك خاصة وهو الرجل " العلم " والذي قدم واسرته الكثير من الواجبات على مدى سنوات طويلة لخدمة الوطن في اكثر من مجال .