في خطوة على طريق محاولة الوصول بالمملكة إلى رحاب مجتمع المعرفة دفعت المطابع مؤخرًا بأحدث إصدارات نادي القصيم الأدبي " نحو مجتمع المعرفة .. متطلبات التنمية الثقافية والأمن الفكري في المملكة العربية السعودية " وهو الكتاب الذي ألفه عضو هيئة التدريس في كلية الآداب بجامعة طيبة الدكتور محمد بن سالم الصفراني ، وحاول من خلاله الإجابة عن عدد من الأسئلة المعرفية المركزية ومن أهمها : ما المعرفة ؟ وما مجتمع المعرفة ؟ وما متطلبات التنمية الثقافية في المملكة ؟ وما معوقات الأمن الفكري ودعائمه فيها ؟ ويشير المؤلف إلى أن بناء مجتمع المعرفة يحتاج إلى اعتماد المعرفة مبدأ ناظمًا في الحياة البشرية بهدف تطوير نهضة إنسانية في عموم الوطن العربي عبر إنتاج المعرفة والتوظيف الكفء لها ، لافتًا إلى أن بناء المعرفة يقوم على خمسة أركان هي : إطلاق حريات الرأي والتعبير والتنظيم وضمانها بالحكم الصالح ، النشر الكامل للتعليم راقي النوعية ، توطين العلم وبناء قدرة ذاتية في البحث والتطوير التقني في جميع النشاطات المجتمعية ، التحول الحثيث نحو نمط إنتاج المعرفة في البنية الاجتماعية والاقتصادية العربية ، وتأسيس نموذج معرفي عربي منفتح ومستنير . كما وضع الكتاب تصورًا للخصائص التي تميز مجتمع المعرفة ، والتي كان في مقدمتها : المعرفة التخصصية ، العمل في فريق ، منظمات التعلم ، الاستقصاء ، التعلم المستمر ، تقنيات الاتصال والمعلومات ، العولمة ، إضافة إلى ضمان الجودة . وأشار إلى أنه لا سبيل إلى مجتمع المعرفة إلا من خلال التنمية الثقافية الشاملة التي عرفها بأنها " استراتيجية عمل جادة وديناميكية ترمي إلى إيجاد تغييرات إيجابية في فكر وثقافة المجتمع " . وقسم الدكتور محمد بن سالم الصفراني كتابه إلى خمسة فصول تناول أولها مجتمع المعرفة بما يضمه من مفهوم المعرفة ومكوناته ، ومفهوم مجتمع المعرفة وأركانه ، وعوامل التحول إليه . في حين استعرض الفصل الثاني عددًا من المفاهيم المرتبطة بالتنمية الثقافية ، وعلاقتها بالتوازن الثقافي . أما الفصل الثالث فقد تركز حول أسباب غياب التنمية الثقافية وفراغ المشهد الثقافي بالمملكة ، موضحًا متطلبات التنمية الثقافية التي تحتاجها المملكة لملء فراغ ذلك المشهد ودفع عجلة التنمية الثقافية فيه. بينما تطرق الفصل الرابع من الكتاب إلى معوقات الأمن الفكري ، بوصفها معوقات للتنمية الثقافية في نفس الوقت . واختُتم الكتاب في فصله الخامس بدعائم الأمن الفكري التي تمثلت في : توحيد مرجعية الفتوى ، وتجريم التصنيف الفكري والتكفير ، وإصلاح مناهج مؤسسات التربية والتعليم " الخفي والرسمي " ، وغيرها من العناصر الأخرى . ولا ينس الكاتب أن يلفت قراءه إلى أن الكتاب يطل من نافذة الحوار الوطني ، ويقترح رؤية ثقافية وفكرية من غير ادعاء أو ضوضاء . داعيًا مؤيدي هذه الرؤية ورافضيها إلى أن يكون التحاور مع الكتاب وأفكاره لا مع المؤلف ونواياه . وينصح بالالتزام بميثاق القراءة العادلة ، موضحًا أن كل قراءة لا تنطلق من الفكرة المركزية للكتاب وتعود إليها ولا تربط الأفكار الجزئية بمفاهيمها المركزية أو الإجرائية تعتبر قراءة اقتصاصية جائرة .