لا تختلف عبارة "خد الباب في إيدك" عن عبارة "قفّل الباب وراك" مع اختلاف الثقافات، وهي إن ذُكرت على الوجه الحقيقي لصياغتها فهي فعل أمر يستهدف إغلاق الأبواب بعد الخروج لا أكثر ولا أقل، إنما من باب اللؤم والدهاء. فهي تعبّر عن رغبة صاحب فعل الأمر في التخلّص من بعض الأشخاص غير المرغوب فيهم في حياته، لذا يستخدام العبارات "الملفولة" الممزوجة بالسخرية، وهذه السخرية مطلب عندما نرغب في إظهار القوة والاستغناء.. المغادرة تكون على قدر العشم.. فكلما كانت مشاعر الحنين والوفاء عالية كان الحرص على البقاء أكبر، وقد تزول نقاط الخلاف التي استدعت الرحيل القصير بعد حين من الدهر، إنما كلما قلّت تلك المشاعر أو انعدم وجودها ، أصبح إغلاق الأبواب من قبل المأمور أكثر إحكاماً. في هذه الحالة، يلجأ الحكماء من بيننا عند ظهور علامات الخلاف والفتور من الغالين على قلوبهم فيمن حولهم إلى ترك الباب "موارباً" أي ليس بمفتوح ولا مغلق بين هذا وذاك، حتى لو كان هناك بصيص من الأمل في العودة يصبح فتح الباب من جديد أمر هيّن. قد تؤثر خلفياتنا في المواقف التي مرت بنا أو لمن هم بالقرب منّا في تفسيرنا للعبارة.. ونعلم أن المقصود أن نبتعد ونرحل إنما قيلت "بصنعة لطافة"، فالحسيس على قول (ست الحبايب) يفهمها وهي "طايرة"، أما لو كان هناك شخص من فئة أصحاب النيات الصافية الذين يقال عنهم (نيّاتي) وهم يتعاملون مع الأشخاص والأحداث لأول مرة في كل مرة، فأعتقد أن التصرف الذي سيقوم به عند سماعه لعبارة "خد الباب في إيدك" هو أنه سيقوم بحمل الباب من موقعه، فهذا هو المقصود لفظاً، وهو بذلك التصرف يكون قد كسب دخوله وخروجه بسهولة دون عائق يمنعه ولعله بفعله غير المقصود كسر حاجز الفراق بينه وبين أحبابه. هندسة الديكور الحديثة تميل في الأغلب إلى التقليل من الحواجز والحوائط والأبواب في تصميمها للمنازل، وتدعو لإيجاد مساحات مفتوحة حتى تعطي حجم أكبر للمكان، وأريحية في الحركة والتنقل. قد نحتاج إلى عمل ترميمات هندسية من هذا النوع لأنفسنا نقلّل فيها من عدد الأبواب والمساحات المغلقة مع ضرورة إحكام النوافذ والأبواب الرئيسية فهي التي نحتاجها لمنع دخول الطفيليات من الدخول كالأتربة والحشرات وبعض البشر، فإن تسلّل بعض منها وتمكّن من الدخول ، لن نعجز عن التخلص منه، والمجودون بالداخل لن يتوانوا عن طردهم والمحافظة على الأجواء آمنة ومطمئنة، كيف لا فهم من سكان المكان، الأدعى من باب الحرص أن نختارهم بعناية حتى لا نُجبرعلى توديع أحدهم قائلين:" خد الباب في إيدك.. والقلب دعيلك".