مارس الاعلام كمهنة وتعامل معه كأكاديمي استاذا لتكنولوجيا الاعلام ورئيسا لقسم مهارات الاتصال ونائبا للمشرف العام على المركز الاعلامي لجامعة الملك عبدالعزيز .. كما انخرط فيه كمسؤول حين انتقل الى وزارة الاعلام مديرا عاما للإعلام الخارجي ثم سفيرا في وزارة الخارجية ووكيلا للوزارة لشؤون الدبلوماسية العامة. "البلاد" حاورت الدكتور السفير سعود كاتب متوقفة امام كل هذه المحطات .. وبالتأكيد كان الاعلام هو القاسم المشترك ..ورغم رؤاه لقضايا الاعلام وهمومه ودوره الحالي والمنشود منه التي ربما يختلف معها آخرون الا ان وجهات نظره ورؤيته تكتسب مشروعيتها ووجاهتها من طول الممارسة ومسيرة التعليم والتعلم ومشاركته في صناعة السياسات الاعلامية وتحرير بعض المفاهيم والمصطلحات المستجدة مثل الدبلوماسية العامة .. واخيرا كانت هناك وقفة لم تطل في محطة الادب التي منحته رواية واحدة ووحيدة لم ولن تتكرر مبررا ذلك بمشغولياته الأكاديمية والبحثية. بداية .. دكتور سعود كاتب مهموم طوال مشواره بالإعلام، ما بين الإعلام كممارسة بصفته كاتبا، والإعلام كأكاديمي بصفته أستاذ تكنولوجيا الإعلام، والإعلام كمنصب مدير عام الإعلام الخارجي والمتحدث باسم وزارة الإعلام وكدبلوماسي وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدبلوماسية العامة والإعلام احد أدوات الدبلوماسية العامة، كيف وجدت الإعلام السعودي من خلال مواقعك المختلفة؟ ربما أكون من القلائل الذين سنحت لهم الفرصة بممارسة مهنة الإعلام عبر الغوص في محيطاته المختلفة، ففي بداية حياتي مارست العمل الإعلامي في القطاع الخاص لقرابة 20 سنة نصفها في العاصمة الأمريكيةواشنطن، ثم مارسته في القطاع الأكاديمي بجامعة الملك عبدالعزيز كأستاذ لتكنلوجيا الإعلام ورئيسا لقسم مهارات الاتصال ونائبا للمشرف العام للمركز الإعلامي بالجامعة، بعدها انتقلت للعمل في وزارة الإعلام مديرا عاما للإعلام الخارجي، فسفيرا في وزارة الخارجية ووكيلا للوزارة لشؤون الدبلوماسية العامة والتي يندرج الإعلام ضمن مسؤولياتها، ناهيك عن ممارستي للإعلام ككاتب رأي وباحث ومؤلف لعدد من الكتب .. هذا التنوع جعلني أتمكن من رؤية الإعلام عموما، والإعلام السعودي تحديدا من العمق بكافة تفاصيله، ومن ذلك مصادر تفوقه وقوته الهائلة التي تجعلني أردد دوما بأنه الإعلام الأقوى والأكثر تأثيرا عربيا، ونقاط ضعفه التي تجعله رغم كل ذلك التفوق والقوة يعجز نسبيا عن الوصول لسقف التوقعات العالية المرجوة منه والقادرة على مسايرة التطورات والتغيرات فائقة السرعة التي تمر بها المملكة في ظل رؤية 2030. عش الدبابير نبهت مبكرا منذ منتصف التسعينات من تأثيرات الإعلام الجديد، ومن ذلك كتابك بعنوان "الانترنت، المرجع الكامل" الذي صدر عام 97 ثم كتاب "الإعلام القديم والإعلام الجديد، هل الصحافة المطبوعة في طريقها للانقراض" والذي صدرت طبعته الأولى عام 2002م، فهل كنت حينها تعي حجم ذلك التأثير، وهل تجاوبت وسائل الاعلام لصرخاتك الهادئة إذا لنا أن نقول ذلك؟ كنت بالتأكيد أعي جيدا حجم وقوة التغيرات التكنولوجية، وساعدني كثيرا في ذلك عملي في واشنطن، وإكمالي هناك لدرجة الماجستير في تخصص الكمبيوتر ونظم المعلومات، وأخذي لما يزيد عن 10 دورات متقدمة وبرامج تدريب متخصصة في التكنولوجيا الرقمية، وكنا حينها نستقبل صحيفة الشرق الأوسط بالأقمار الصناعية ونطبعها في نفس اليوم في العديد من المراكز حول العالم ومنها نيويورك ولوس انجليس، وكانت هذه عملية مكلفة جدا. الإنترنت كانت حلا أشبه بالحلم، لكن الصعوبة تمثلت في كيفية إقناع بعض إدارات ومسؤولي التحرير بضرورة البدء في الاستثمار في الصحافة الالكترونية خاصة أنها لم تكن حينها تحقق دخلا ماديا بينما كانت الصحف الورقية في أوج قوتها وربحيتها وبريستيجها. لجأت للمقالات ثم حضرت من واشنطن للمملكة عام 1996 ثم 1997 وقدمت دورات للإعلاميين عن الانترنت والصحافة الالكترونية في كل من الرياضوجدة والدمام. للأسف المقاومة كانت شديدة جدا .. لا يمكن تخيل أن تلك المقاومة استمرت بل ازدادت شراسة لأكثر من ربع قرن.. في سبيل الإبقاء على الورق وبريستيجه وحميميته ورائحته. كنت أتصور أن هذا الاهتمام المهني والعلمي بالإعلام الجديد ومستقبل الصحافة المطبوعة سيجد لأهميته وحساسيته آذانا صاغية. تقزيم القوة الناعمة ما هي المآخذ والأخطاء التي تأخذها على الإعلام السعودي والإعلام الخارجي تحديدا؟ يمتلك الإعلام السعودي كل المقومات اللازمة للتحليق عاليا فوق كل منافسة ليس فقط عربيا بل الوصول والتأثير عالميا. بعض أسباب معاناة هذا الإعلام يمكن إيجازها في التالي: – النظرة غير الواقعية إليه وتحميله أكثر مما يحتمل بمطالبته وحده بتغيير الصورة المغلوطة عن المملكة، فهذا الإعلام لا يمتلك عصا سحرية قادرة على ذلك، بل هي مسؤولية مشتركة تتحملها معه العديد من الجهات الأخرى، مع أهمية إدراك حقيقة أن تغيير الصورة خارجيا يبدأ من الداخل وليس من الخارج. – غياب أو تقزيم كنوز القوة الناعمة السعودية لأكثر من 30 سنة وعدم وجود رؤية واضحة لتوظيفها زاد من صعوبة مهمة الإعلام الخارجي وسهل مهمة الجهات المعادية في تشويه صورتنا التي أخفينا نحن أنفسنا طويلا أجمل ملامحها، ومن ذلك على سبيل المثال تمكين المرأة والسياحة والآثار والتنوع البيئي والثقافي وتفوق التعليم والمساعدات الدولية وغيرها. – النظر للإعلام باعتباره جبهة من الجبهات يستلزم دعمه بما يتناسب مع حجم هذه المسؤولية بالغة الأهمية، وتوفير الاستقرار والتطوير لمؤسساته وهيئاته المختلفة وفي مقدمتها وزارة الإعلام. – إذا كان إعلامنا عانى لربع قرن من إعاقة وتعطيل "مقاومي التغيير" له، وعانى لأكثر من 30 سنة من تشويه "الصحوة"، فعنوان معاناة الإعلام في المرحلة الحالية هو "الشللية" والتي لا تقل ضررا وتعطيلا لهذا الإعلام. صحوة وتطرف آخر تعرض الإعلام السعودي لفترة طويلة لحملات انتقاد حتى من بعض الاعلاميين السعوديين بماذا تفسر ذلك؟ هذه الانتقادات الحادة ناتجة عن أسباب عديدة لا بد من النظر إليها بحياد وتوازن وشمولية، ومنها: – ارتفاع سقف التوقعات من الإعلام بما يتوافق مع النهضة والتطور الذي تشهده المملكة ومكانتها السياسية والدينية والاقتصادية، وهو طلب وتوقعات محقة ومشروعة دون جدال. – تراكمات أكثر من 3 عقود من التشويه والشيطنة الذي مارسته "الصحوة" البائدة بحق الإعلام بهدف تقليل الثقة به والسيطرة عليه. هذا التشويه بلغ درجة عالية من التكرار والاحتراف بشكل لا زالت آثاره موجودة بل محفورة في أذهان الكثيرين حتى اليوم. – تطرف "الصحوة" البائد ورثه لحد ما تطرف آخر يرى الحل في انسلاخ بعض الإعلام من أي التزام بقيم وعادات المجتمع بما فيها تلك القيم الإيجابية المترسخة في نفوس الناس، مما فاقم من حالة عدم الرضا والانتقادات من أطياف مختلفة وحتى متضادة في المجتمع. – سبب هام آخر هو النظرة الخاطئة لمفهوم الإعلام الخارجي باعتباره مجرد مناكفات إعلامية وإغفال حقيقة أن ذلك الإعلام يستلزم تناغم وتكامل وقيام العديد من الأطراف والجهات الأخرى بدورها على أكمل وجه، إضافة لفاعلية أنشطة الدعم advocacy. البعض وجه سهامه بقسوة بالغة للإعلام.. قسوة خلت في كثير من الأحيان من وضع الإصبع على جوهر المشكلة وتشعباتها، فأصبح انتقاد الإعلام لدرجة التسفيه من قبل البعض هو الحل الأسهل الذي يمنح علامات الإعجاب، في حين أن أقل ثناء عليه هو مدعاة لكل أشكال الهجوم والتعليقات الساخرة. دون إدراك بأن هذا الإعلام هو جبهة حقيقية تحتاج دوما للانتقاد والتوجيه وتصحيح المسار، ولكن دون هز الثقة به والتقليل من شأنه، فهو كما ذكرت جبهة يكرهها ويتمنى أعداء الوطن انهيارها ويفعلوا ما لا يخطر على البال لتحقيق ذلك. – ارتفاع درجة حساسيتنا من الانتقادات والحاجة للتخفيف منها، حيث أن تلك الانتقادات لن تتوقف طالما أن المملكة دولة عظيمة ومؤثرة ولديها قيم ومبادئ ثابتة وراسخة. هذا قطعا لا يعني إغفال الحملات الموجهة ضدنا بل إدراك أسبابها ودوافعها وتركيز الجهد على علاج أي أخطاء حقيقية، وإبراز ما لدينا من إنجازات وكنوز بدلا من استنزاف تلك الجهود نحو أطراف حاقدة لا أمل في ارضائها وتغيير نظرتها لنا. نعم نجح في رأيك، هل نجح الإعلام السعودي في الدفاع عن مواقفنا العادلة وعلى سبيل المثال ما يتعلق بحرب دعم الشرعية ومواجهة المخطط الإيراني الحوثي في اليمن؟ الحالة اليمنية هي مثال جيد للدور المهم الذي يقوم به الإعلام السعودي والتنسيق الكبير الذي يتم بهذا الخصوص مع كافة الأطراف المعنية ومنها على سبيل المثال لا الحصر وزارة الدفاع ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، ووزارة الخارجية ممثلة بسفاراتها حول العالم كالسفارة في اليمن والدور الكبير والنشط للسفير محمد آل جابر، والسفارات الأخرى كالسفارة في واشنطن والوفد الدائم في نيويورك وفي بروكسل وغيرهم. لاحظ أنني هنا أتحدث عن الإعلام الخارجي بمفهومه الشامل الذي يتضمن الإعلام التقليدي والرقمي وأنشطة الدعم السياسي والتناغم والتنسيق بين كافة الجهات ذات العلاقة، لذا يجب تكثيف دعم الجهود الإيجابية المبذولة. النقد والعبارات المدمرة دعنا نعود إلى الإعلام الخارجي وقد توليت مسؤوليته في وزارة الإعلام، والبعض يرى أن إعلامنا الخارجي لم ينجح بالقدر الكافي في نقل الصورة الكاملة للمملكة ويستشهد في هذا الصدد بفشل تسويق نجوم سعوديين في مجالات مختلفة مثل الادب والرواية والشعر رغم وجود حركة أدبية ونقدية مشهودة واستمر لفترة طويلة من يملك المال والعلاقات هو المتسيد للمشهد الثقافي السعودي في الخارج؟ الإعلام الخارجي يقوم بدوره وفقا للإمكانات المتاحة له، وهو حسب علمي لم يغب يوما عن أية مناسبة أو أزمة، وسبق لي أن ذكرت بأن من الخطأ تحميله أكثر مما يحتمل. الانتقاد دون أدنى شك هو أمر مطلوب وصحي، ولكن بعيدا عن العبارات المدمرة التي تهز الثقة في ذلك الإعلام. إعلام اليوم ليس هو إعلام الأمس، بل هو عملية تكاملية وتشاركية يتحمل الجميع مسؤوليتها بدءا من المواطن الذي أثبت في كثير من المواقف أنه خط دفاع صلب في وجه الحملات المسيئة. وفيما يتعلق بعدم قيام الإعلام الخارجي بتسويق النجوم السعوديين، ففي اعتقادي أن وزارة الثقافة وهيئة الترفيه تقومان بدور جبار بهذا الخصوص تتهافت على نقله قنوات الإعلام المختلفة، كما تقام المعارض والمشاركات في العديد من دول العالم. فرصة تمثيل المملكة في الخارج هي لمن يملك الموهبة والجاذبية ولا ينبغي أن تكون لأي سبب آخر. من هنا نبدأ من اين نبدأ معالجة مشاكل الإعلام الخارجي من الخارج ام من الداخل؟ بناء إعلام خارجي قوي يبدأ أولا من الداخل من خلال بناء إعلام داخلي قوي ومتطور ويحمل رؤية وطنية واضحة ومحددة لا تخضع للأهواء والتوجهات الفكرية الفردية والمصالح الشخصية. إعلام قادر على الاقناع والانتشار ومخاطبة الآخر بلغته وثقافته، وصناعة إعلاميين سعوديين نجوم بمعايير عالمية، في عالم تلاشت فيه الحدود بين ما هو محلي وما هو دولي. بناء إعلام خارجي قوي يستلزم معاملته معاملة الجبهات من حيث الدعم والاستثمار الجاد والمستمر به تقنيا وبشريا.. يستلزم وضع آلية قادرة على تحقيق أقصى درجات التفعيل لمصادر قوانا المختلفة مثل السفارات والملحقيات والقطاع الخاص والقطاع الثالث، وتوظيف كنوز مصادر قوتنا الناعمة وفق رؤية محددة وواضحة أيضا. مطلوب كيان للدبلوماسية العامة دعنا ننتقل إلى السفير سعود كاتب وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدبلوماسية العامة ودعنا نتساءل: المملكة كما ذكرت تمتلك كنزا هائلا من مصادر القوى الناعمة، لماذا لم يستغل؟ هناك حاليا توظيف هائل وغير مسبوق للقوة الناعمة السعودية تقوم به جهات عديدة منها وزارة الثقافة وهيئة الترفيه ووزارة الخارجية ووزارة التعليم ووزارة الرياضة ووزارة السياحة ومجلس الشورى، وغيرها. جهود ضخمة مدعومة برؤية 2030 التي أصفها دوما بأنها تمثل ميلاد القوة الناعمة السعودية بعد غياب طويل لأكثر من ثلاثة عقود. هذه جهود رائعة وذات تأثير خارجي هام وقوي. ما تحتاجه هذه الجهود هو وجود كيان يعمل كمظلة تجعلها تسير وفق رؤية وطنية واحدة، بتناغم يحول دون أي ازدواجية أو تناقض في الرسائل أو هدر في الموارد. حداثة المصطلح كيف تقيم تجربتك في الخارجية كوكيل وزارة للدبلوماسية الناعمة، ماذا قدمت وماذا واجهت من عقبات؟ تجربتي في الخارجية اعتبرها من أهم وأثرى التجارب في حياتي المهنية والتي افتخر كثيرا بها. فخلال تلك الفترة ساهمت مع زملائي في الوزارة بتأسيس وبناء وكالة الوزارة لشؤون الدبلوماسية العامة، وقمت بصياغة استراتيجية طموحة لها وفق رؤية وطنية وأهداف محددة ومعايير أداء بمؤشرات محلية ودولية، واستفادت من أنجح التجارب العالمية في توظيف مصادر القوة الناعمة. وتمكن شباب وشابات هذه الوكالة –ولا يزال- ولله الحمد من التحليق بها عاليا بجناحي الثقافة والإعلام (تقليدي ورقمي)، وتحقيق الكثير من الإنجازات والفعاليات داخليا وخارجيا خلال فترة زمنية وجيزة. ونظرا لحداثة مفهوم "الدبلوماسية العامة" فقد كان أحد الأهداف التي تم العمل عليها هو التعريف بهذا المفهوم وبأهميته، وتسليط الضوء على مصادر القوة الناعمة السعودية وكيفية توظيفها، ومد جسور التعاون والتنسيق مع كافة الجهات المعنية، بما فيها الجامعات ومراكز الفكر ومنظمات المجتمع المدني، والنخب الثقافية والإعلامية. حداثة المفهوم استلزمت جهودا مكثفة للإيضاح بأن الدبلوماسية العامة ليست مجرد إقامة للفعاليات بل هي رؤية وفكر وأنشطة تواصل وتفاعل مستمر مع الشعوب الأخرى عبر الكاريزما العظيمة المتنوعة التي يمتاز بها هذا الوطن العظيم. لن اكرر التجربة في روايتك "التقدم إلى الخلف" التي صدرت عام 2007 تطرقت إلى الصدمة الحضارية والثقافية التي يشعر بها السعودي حين يسافر إلى الخارج، فهل ما زالت الصدمة موجودة ولماذا وكيف يمكن ازالتها خاصة فيما يتعلق بالسلوك المجتمعي ومنظومة القيم؟ وبالمناسبة هذه الرواية هي الوحيدة لك لماذا؟ وهل يمكن أن نشهد تواصل انتاج للدكتور سعود الكاتب الروائي بعد أن أصبح أقل تخففا من مسؤولياته الوظيفية، ام ستظل حالة اختطاف الروائي قائمة؟ الصدمة الثقافية وصراع وتآكل القيم في المجتمع كان هو محور تلك الرواية التي كتبتها قبل 15 سنة بعد رحلة اغتراب طويلة في الولاياتالمتحدةالأمريكية للعمل والدراسة. الزمن من تاريخ صدور تلك الرواية لليوم تغير كثيرا، لدرجة يمكنني القول معها بأن الصدمات الثقافية لم تعد تحدث للمسافرين إلى الخارج وتحديدا الدول الغربية، فثورة المعلومات الهائلة ألغت تماما الحدود بين الخارج والداخل لدرجة يمكن معها لشاب أو شابة في قرية نائية بعيدة عن المدن أن يصابوا بشكل أو آخر بالصدمة الثقافية. المشكلة ليست بسيطة وتتطلب قدرا كبيرا من العناية والاهتمام، وشكلا مختلفا من أشكال التربية والتعليم الذي يرسخ القيم المعتدلة البعيدة عن التطرف بشقيه سواء التطرف القائم على التشدد الديني أو ذلك القائم على الانسلاخ عن القيم والأخلاق وفقدان الهوية. رواية "التقدم إلى الخلف" هي الرواية الوحيدة لي، وأعتقد أنها تجربة ليس لدي النية لتكرارها لأسباب وجود أولويات يضيق بها الوقت، فمسؤوليات العمل كثيرة، وأولويات الكتابة القادمة هي للدراسات وقضايا التخصص، ثم السيرة الذاتية إن سمح الوقت.