أضافت تجربة المملكة في مواجهة جائحة كورونا المستجدة، مفاهيم مبتكرة في إدارة الأزمات، وقدمت للعالم أنموذجاً في تعاملها مع تداعيات الموقف صحياً، واجتماعياً، واقتصادياً، متفرداً بقيمه الإنسانية فلم تفرق بين مواطن ووافد على ثراها، وإلى أبعد من ذلك امتدت جهود المملكة خارجياً لتساند الأسرة الدولية حمايةً لملايين البشر من خطر الجائحة. واتسمت إدارة الأزمة في المملكة بالنهج التكاملي لمنظومة العمل الحكومي والأهلي والتطوعي، غايتها في المقام الأول الحفاظ على الصحة العامة وفق المعايير المعتمدة، إلى جانب دعم جهود الدول والمنظمات الدولية وبالأخص منظمة الصحة العالمية لوقف انتشار الفيروس ومحاصرته والقضاء عليه -بإذن الله-. وتميزت بالتقصي والتدقيق لمهددات الصحة، وتقييم درجة المخاطر، والتأهب بتدابير وقائية حازمة في تنفيذها، لذلك دفعت نتائج متابعة مركز القيادة والتحكم بوزارة الصحة لمستوى الإصابة بفيروس (covid-19) بمدينة ووهان الصينية، إلى استجابة المملكة المبكرة لمواجهة تداعيات الفيروس، وصدر الأمر السامي بتاريخ 26 يناير2020 م بتشكيل "اللجنة العليا الخاصة باتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية والتدابير اللازمة لمنع انتشار الجائحة"، تضم في عضويتها 24 جهازاً حكومياً. ويحسب للمملكة في إدارتها للأزمة الاستباقية في اتخاذ الإجراءات اللازمة، وجاء تعليق "السفر للصين، ودخول المملكة بالفيزا السياحية" في فبراير2020م تفادياً لوصول الوباء لأرضيها، الأمر الذي يكشف عن مدى الاستشعار المبكر في المملكة لخطر الفيروس والتحديات التي يفرضها قياساً على الخط الزمني لمراحل تطور الجائحة؛ بدءاً بإعلان الصين 31 ديسمبر 2019م تسجيل عدة حالات مصابة بالتهابات رئوية لم تُعرف حينها الأسباب، وأدت لاحقاً إلى اكتشاف "فيروس كورونا المستجد"، حتى إعلان منظمة الصحة العالمية في 11 مارس 2020م تصنيف الفيروس "وباءً عالمياً". واستندت المملكة في إستراتيجية مواجهة الجائحة، إلى خبراتها المتراكمة على مدى عقود في التعامل مع الأوبئة والحشود البشرية خلال مواسم الحج والعمرة خاصة في شؤون التنظيم والرعاية الصحية، إلى جانب البنية التحتية المتقدمة للقطاع الصحي، الذي يوفر رعاية طبية وخدمات علاجية من خلال أكثر من 494 مستشفى موزعة في مختلف مناطق المملكة. وإدراكاً للأثر السلبي الناتج عن إجراءات مكافحة الفيروس على المواطنين والشركات، نفذت المملكة إجراءات بهدف التحفيز الاقتصادي، مقدمة ضمانات لتغطية 60 % من مدخول المواطنين المتضررين العاملين في القطاع الخاص، وسمحت لأصحاب الأعمال بتأجيل دفع ضرائب القيمة المضافة، والإنتاج والدخل لمدة ثلاثة أشهر، إضافة إلى تقديم باقة دعم للمشاريع الصغيرة والمتوسطة حسب الحاجة بلغت 177 مليار ريال، فيما ضخت لوزارة الصحة 47 مليار ريال، وأمرت بتوفير العلاج المجاني لجميع المصابين وإجراء فحوصات واسعة النطاق بين فئات عشوائية من السكان بغية الاكتشاف المبكر للحالات، وإطلاقها تطبيقاً إلكترونياً يوفر نتائج الفحوص.