استيقظت العاصمة السودانية الخرطوم امس "الأربعاء"، على غير ما اعتاد عليه صبيحة الأيام الأربعة الماضية، دون أصوات رصاص أو قنابل غاز مسيلة للدموع، والتي عهدها أهلها منذ بدء الآلاف اعتصاما مفتوحا أمام مقر قيادة الجيش في 6 أبريل الجاريوبخلاف مخاوف تصاعدت عقب تصريحات المتحدث الرسمي للقوات المسلحة السودانية، أحمد خليفة الشامي، بصدور تعليمات تقضي بفض الاعتصام، بدت الأجواء أكثر هدوءًا حتى مساء امس حيث لم تسجل أي محاولة اقتحام لساحة المعتصمين. هذا فيما واصل آلاف المتظاهرين اعتصامهم المفتوح أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة وكانت ساحة الاعتصام قد شهدت امس الأول، طرد مدير مكتب قناة "الجزيرة" القطرية، بعد ان حاصره المحتجون بالهتافات المنددة بالكذب والتضليل الذي تمارسه القناة بحق الحراك بالبلاد. وأفادت وسائل اعلام سودانية بإن المعتصمين هتفوا في وجه مدير مكتب "الجزيرة" المسلمي الكباشي بعبارات مثل "الجزيرة قناة خنزيرة" ولاحقوه بالهتافات حتى خرج من ساحة الاعتصام. وأوضح الشهود أن هذا الطرد يأتي، نتيجة حملة التضليل التي ظلت تمارسها قناة "الدوحة" بحق الاحتجاجات السودانية ونقلها لصورة غير واقعية، في محاولة للتقليل من المظاهرات تنظيم الاخوان المسلمون. وكانت لجنة أطباء السودان المركزية قد أفادت بأن عدد ضحايا الاحتجاجات من يوم السبت الماضي وحتى الثلاثاء ارتفعت إلى 21 قتيلا، بينهم 5 من قوات الجيش. وفي اليوم الرابع للاعتصام تصدى الجيش السوداني لقوات أمنية حاولت فض آلاف المعتصمين بمحيط قيادته بالقوة الجبرية. وكانت اشتباكات الثلاثاء الأعنف من سابقاتها، ما يرجح سقوط أكبر عدد من القتلى وسط غياب للإحصاءات الرسمية. ومنذ 19 ديسمبر الماضي، يشهد السودان مظاهرات متواصلة ضد الحكومة، اندلعت في بدايتها بسبب ارتفاع الأسعار ونقص السيولة النقدية. وما بين هذا وذاك، أثار تأخر السلطات الحاكمة في تنفيذ تهديدها بفض آلاف المعتصمين أمام مقر قيادة الجيش كثيراً من التساؤلات لدى المتابعين للمشهد السوداني من حيث الدواعي والأسباب وراء هذا التراجع. وأكد الناطق باسم الجيش السوداني، اللواء أحمد الشامي، في اتصال مع العربية، أن لا وجود لأي خطة من أجل فض الاعتصام أمام مقر القيادة العامة. ونفى كل ما تردد حول وجود أي خطة لفض الاعتصام. كما أوضح أن ما تم من إجراءات سابقاً كان لإبعاد المواطنين عن حرم قيادة الجيش. وأتت تصريحات الشامي بعد أنباء أفادت بوجود خطة أمنية من أجل فض اعتصام المحتجين حول قيادة الجيش، تتضمن تحييد قوات الجيش عن حماية المعتصمين عبر تجريد جميع العناصر الموجودة بالقيادة من سلاحهم. في غضون ذلك دعا أنصار الرئيس السوداني عمر البشير لخروج مسيرة مؤيدة له في الخرطوم اليوم الخميس، وفق ما أفاد حزبه وقال بيان صدر عن حزب المؤتمر الوطني الحاكم إن "المكتب القيادي للمؤتمر الوطني يدعم مبادرة قوى الحوار الوطني لتنظيم مسيرة حاشدة يراها الجميع الخميس"، داعيا أعضاءه في أنحاء ولاية الخرطوم للمشاركة. ووجه رئيس الحزب المكلف أحمد هارون، عضوية الوطني في ولاية الخرطوم بالمشاركة في المسيرة. وأشاد هارون عقب انتهاء اجتماع المكتب القيادي بالقوات النظامية المختلفة وما تؤديه من دور للحفاظ على أمن السودان. كما أبدى قلقه من آثار الاحتجاجات وما ترتب عليها من ظهور ما أسماها بعمليات سلب ونهب وتعطيل لحركة المواطنين.