نحن ولله الحمد نعيش في مملكتنا الحبيبة براحة وطمأنينة لامثيل لها، نتقلب بين نعمتين: نعمة الأمن، ونعمة رغد العيش.. فلله الحمد من قبل ومن بعد. قال تعالى (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ) الانعام ( 82). وقال تعالى{ ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [لأنفال:53] وقوله جل جلاله: { إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ}الرعد(11). في الآية الأولى تكفّل الله عز وجل بالأمن، والأمان، والهداية، لعباده بشرطين؛ أن يكونوا مؤمنين، وأن يجتنبوا الظلم .. وقال البغوي في تفسير الآية الثانية والثالثة : أراد أن الله تعالى لا يغير ما أنعم على قوم حتى يغيروا هم ما بهم بالكفران وترك الشكر، فإذا فعلوا ذلك غيّر الله ما بهم فسلبهم النعمة. وقال تعالى: { وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُواْ أَمْثَالَكُم } محمد(38). ولقد سمعنا وشاهدنا بأم أعيننا ما يندى له الجبين، وما تدمع له العين، وما يتفطر له القلب حزناً وألماً وحسرة !! إسراف وتبذير، وكل ذلك يقع تحت راية ( الهياط) أو بذل المال في غير وجوه الحق وهذا ما أسميه جهل وسفاهة!! رياءً وسمعة!! ولو كان الأمر ونتائجه الوخيمة تقع على الفرد فقط لهان الأمر وسهل !! لكن الأمر أكبر من ذلك وأعظم !! فالنتائج بسبب ذلك الفعل تعم ولا تخص!! وهنا مكمن الخطورة !! وهذا من خرق سفينة النجاة !! فإما أن يتم الأخذ على يد المسرفين والمبذرين المهايطين إخوان الشياطين، قال تعالى " « وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً» ونهى الله عباده عن الإسراف فقال " يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ" وقال النبي صلى الله عليه وسلم" كلوا واشربوا وتصدقوا من غير سرف ولا مخيلة " قال ابن عباس: كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك اثنتان : سرف أو مخيلة ، وقال أبو حيان -رحمه الله-: كانت الجاهلية تنحر إبلها ، وتبذر أموالها في الفخر والسمعة، وتذكر في أشعارها، فنهى الله تعالى عن النفقة في غير وجوه البر، وما يقرب منه سبحانه. وهذا والله جرس إنذار وخط أحمر قد تجاوزناه بمراحل ولا حول ولا قوة إلا بالله !! فإما أن نتكاتف ونمنع مثل تلك المظاهر الهدامة، والصور السلبية، وأسباب زوال النعم وتحولها!! وحينئذ لن ينفع الندم على من رحل، ولا البكاء على من أرتحل!! وفيما ذُكر أن شخصاً بالعراق كان مبذرا ومسرفا فقيل له، أتق الله ولا تسرف لكي لا تتبدل النعمة ويصيبنا الفقر !! فقال : كيف نفتقر وهذا البترول؟!! كيف نفتقر وهذه التمور؟!! كيف نفتقر وهذه الأنهار؟!! كيف نفتقر وهذه المزروعات والأثمار والمزارع الخصبة ؟!! ويحمي كل ذلك جيش يعتبر من أقوى جيوش العالم ؟!! فياليت شعري كيف هو العراق الآن ؟!! وسمعت أن أرض الصومال كانت من أغنى البلاد، لدرجة أنهم كانوا في أغلب الأوقات يذبحون الأغنام لأخذ الكبدة فقط !! فكيف كانت الصومال وكيف أصبحت ؟!! أتمنى من كل مسؤول أو محافظ، أو رئيس مركز، أو شيخ قبيلة، أن يعمل على منع تلك المظاهر، سواء بأمر صريح، أو تعميم فيه توضيح، أو إتفاقية مبرمة لا يمكن لأحد أن يخرقها ولا لمجتمع أن يخترقها !! اللهم أني قد بلغت اللهم فأشهد. الرياض [email protected] Twitter:@drsaeed1000