أكد معالي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور محمد بن سليمان الجاسر أن الإلتزام بجميع الأنظمة والتشريعات ، المتعلقة بمكافحة غسل الأموال ومحاربة تمويل الإرهاب ، يقتضي أن يتزامن تطبيق الأنظمة واللوائح مع إنشاء إدارة الإلتزام ، مشدا على ضرورة أن يكون هذا الإلتزام منسجما مع الصالح العام والخاص وتنفيذه على المستويين الفردي والمؤسساتي . وقال: إن العالم اجمع أدرك في السنوات الاخيرة أهمية الإلتزام بجميع الأنظمة والتشريعات ، وأنه لا يمكن في الوقت الحالي لأي مؤسسة مالية أو حتى شركة غير مالية أن تغفل عن تأسيس إدارة التزام وتعيين مسؤول التزام ، بل وحتى المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية تضطلع بهذه الأنشطة لكي تضمن الالتزام بالأنظمة واللوائح والتوجيهات على نحو سليم وفي الوقت المناسب . جاء ذلك في كلمة للدكتور محمد الجاسر لدى افتتاحه اليوم الندوة السنوية الأولى للإلتزام ومكافحة غسل الأموال التي ينظمها المعهد المصرفي بالتعاون مع شركة كومبلاينت في الرياض حيث تعد الندوة الأولى التي تعقد في المملكة من أجل إيجاد أرضية مشتركة يلتقي فيها الخبرات الدولية والمشرعين وصناع السوق لتبادل الخبرات وعرض أفضل التجارب . وأبان الدكتور الجاسر أن التطبيق المناسب للوائح وتعليمات الإلتزام يتطلب مساهمة خبراء يحيطون بتلك المتطلبات ويسهمون في وضع آليات وخطط الإلتزام المناسبة ، وقد تقتضي تلك التعليمات والتوجيهات ذات الصلة, التنفيذ في نفس الوقت ، أو قد تتطلب إعادة صياغة التعليمات الداخلية والإجراءات التي يتم تنفيذها تدريجيا من خلال تعميمها على مختلف إدارات وأقسام المنشأة ، مؤكدا ضرورة وضع برنامج متابعة لضمان صحة تطبيق برنامج الالتزام وبشكل شامل . ولفت النظر إلى انضمام المملكة العربية السعودية إلى الدول الرائدة في مكافحة غسل الأموال بإصدارها نظام خاص بذلك في عام 2003م نص على تجريم تلك الأفعال المتعلقة بغسل الأموال . وأضاف: غن هذا لا يعني أن المملكة لم تتخذ إجراءات تجرم تلك الأفعال المشينة قبل صدور نظام مكافحة غسل الأموال بل أصدرت المحاكم الشرعية قبل عام 2003م أحكاما شاملة وواضحة في قضايا ترتبط بجريمة غسل الأموال ، إلا أن صدور نظام مكافحة غسل الأموال وما تبعه من لوائح تنفيذية دفع جميع أجهزة الحكومة المعنية بمكافحة جريمة غسل الأموال والجهات الخاضعة لإشرافها كلا فيما يخصه لوضع آليات وإجراءات لتطبيق نظام مكافحة غسل الأموال والقواعد ذات العلاقة لضمان الالتزام بها بالكامل ، حيث أنشأت تلك الأجهزة دوائر متخصصة تضطلع بمسؤولية تنفيذ تلك القواعد ( مهمة الالتزام ) وتعيين الكفاءات البشرية المؤهلة بها ( مسؤولي التزام ) وتخصيص الموارد المالية والبشرية لها في سبيل تمكينها من آداء مهامها في مجال الإلتزام على الوجه المطلوب ، وفي الوقت نفسه قامت كل جهة إشرافية حكومية بسن القواعد واللوائح المستقاة من أحكام نظام مكافحة غسل الاموال ولائحته التنفيذية واعتمدتها في إجراءاتها الداخلية بما يتناسب مع أعمال تلك الجهات. وأشار محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي إلى أن المؤسسة قامت بصفتها جهة إشرافية على القطاع المصرفي وقطاع التأمين وشركات التمويل في المملكة بإصدار عدد من القواعد واللوائح أهمها .. قواعد مكافحة غسل الأموال للبنوك ومؤسسات الصرافة ( التحديث الثاني ديسمبر 2008م) , وقواعد مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لشركات التأمين ( الإصدار الأول يناير 2009م ) , وتعليمات مكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب لشركات التمويل ( الإصدار الأول ديسمبر 2008م )وقواعد فتح الحسابات البنكية في البنوك التجارية بالمملكة العربية السعودية, والقواعد العامة لتشغيلها ( التحديث الثاني ديسمبر 2008م ) ودليل الالتزام بالأنظمة للبنوك العاملة في المملكة العربية السعودية ديسمبر 2008م . وبين أن إصدار المؤسسة للوائح الإلتزام جاء متزامناً مع إصدارها لعدد من لوائح غسل الأموال الموجهة للبنوك ومؤسسات الصرافة وشركات التأمين وشركات التمويل وبذلك عززت المؤسسة قوة الإرتباط بين إدارة الإلتزام ولوائح مكافحة غسل الأموال واعتبرت تلك اللوائح جزء لايتجزأ من الالتزام بالأنظمة بشكل كامل , مشيراً إلى أن هيئة سوق المال أصدرت كذلك لوائح مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب الموجهة لشركات الأوراق المالية وشركات الوساطة المالية . وأشار الدكتور الجاسر إلى أن التقييم الأولي لفريق العمل المالي الفاتف الذي دعته مؤسسة النقد العربي السعودي عام 2004م لتقييم مدى التزام المملكة بتوصياته الأربعين إضافة إلى توصياته التسع كان إيجابيا جدا حيث كشف أن المملكة العربية السعودية ملتزمة بشكل كامل أو إلى حد كبير بجميع التوصيات لا فتا النظر إلى أن فريق العمل المالي / الفاتف والمينافاتف / يجري الآن تقييماً مماثلا . وقال: إن الهدف من تحقيق المتطلبات الدولية والإقليمية والمحلية بشأن مكافحة غسل الأموال يأتي من أجل المصلحة الخاصة بالدرجة الأولى , مع عدم إغفال أهمية المصلحة العامة , ولكن من المهم أن تدرك المصارف والمؤسسات المالية وإداراتها العليا أن تطبيق تلك التشريعات واللوائح والأنظمة المتعلقة بمكافحة غسل الأموال يؤدي إلى حماية أعمالها من مخاطر غسل الأموال مما يضمن بالتالي استمرارها ويساعدها على المحافظة على مراكزها ويجب ألا ينظر إلى هذه الانظمة بأنها قيود تحول دون تقدم أو تطور أعمال المصارف أو المؤسسات المالية وإنما هدفها تقليل المخاطر ومرافقة أعمالها . وخاطب المصرفيين قائلاً: ( لا بد أن تكونوا على دارية بخطورة جرائم غسل الأموال على مؤسساتكم وعلى النظام المصرفي ولا بد أن تبذلوا قصارى جهدكم لمكافحة تلك الجرائم .. ونعلم أنكم لستم حراس أمن أو قضاة محاكم ولكنكم مصرفيون ترغبون درء خطر استغلال مؤسساتكم المالية من قبل الذين يحاولون على الدوام تمرير مكاسبهم غير المشروعة من خلال النظام المصرفي ) , وأضاف ( إنكم تستطيعون تحقيق أهدافكم بضمان تطبيق دليل الإلتزام الصادر عن المؤسسة في شهر ديسمبر عام 2008م تطبيقاً تأما وسيدعمكم الإطار القانوني والتنظيمي وسياساتكم وإجراءاتكم الخاصة ). وأكد أهمية حماية المجتمع من مجرمي غسل الأموال معربا عن يقينه بأن ذلك لن يتحقق إلا ببذل جميع الجهود للإلتزام التام بالتعليمات ووضعها موضع التنفيذ . وتهدف الندوة التي تستمر يومين إلى نشر ثقافة الإلتزام لدى الأفراد العاملين في المصارف والمؤسسات المالية، وبالتالي إيجاد مجتمع مهني متماسك لمواجهة التحديات المتزايدة وتقليل المخاطر التي تواجه المشرعين والمصارف والمؤسسات المالية في سبيل مكافحة عمليات غسل الأموال . ويحاضر في الندوة نخبة من مديري الشركات والخبراء والقانونيين العاملين في مجالات الإلتزام وحوكمة الشركات ومكافحة غسل الأموال محلياً وإقليميا ودولياً .