نجحت دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال رؤية قيادتها الحكيمة واستراتيجية حكومتها في تحويل أسواق الدولة إلى مركز إقليمي وعالمي للمعارض والمؤتمرات الدولية المتميزة بشكل يواكب الريادة الاقتصادية التي تتبوأها الإمارات على المستوى الإقليمي. ويأتي هذا النجاح نتيجة جهد متكامل وتخطط إستراتيجي مبدع للدولة انطلق من الإدراك المبكر لأهمية صناعة المعارض ودورها في تنويع الاقتصاد الوطني وتحفيز نمو القطاعات الاقتصادية والتجارية وتعزيز جهود الشركات الوطنية لتطوير خبراتها التقنية والتكنولوجية وتفعيل دور القطاع الخاص في التنمية الشاملة . وتشير الدراسات العالمية المتخصصة إلى أن دولة الإمارات تستأثر على معظم مساحة المعارض في منطقة الخليج واستحواذها على أكثر المعارض نوعية وتنافسية. ولعل معرض أبوظبي الدفاعي الدولي " أيدكس " الذي يعقد دورته التاسعة خلال الفترة من 22 إلى 26 فبراير الجاري في مركز أبوظبي الدولي للمعارض هو مقدمة هذه المعارض بل أكثرها دلالة على الريادة الإقليمية لدولة الإمارات والمركز المتقدم لها على الصعيد العالمي في مجال تنظيم المعارض ، بوصفه وفق شهادات معظم المشاركين وكبار الزوار الأكبر والأفضل نوعية على مستوى الشرق الأوسط وأحد ثلاثة معارض عملاقة تقام على مستوى العالم مع معرض " يورو ساتوري " في فرنسا ومعرض " إيه يو إس إيه" في الولاياتالمتحدة. إن نظرة سريعة على بعض المؤشرات الخاصة بدورة " أيدكس 2009 " والتي تعد الأكبر منذ انطلاقة المعرض ، رغم أنها تأتي في ظل الأزمة المالية والاقتصادية التي تلقي بظلالها السلبية على الاقتصاد العالمي ، بمشاركة أكثر من 905 شركات عالمية وأجنحة وطنية ل / 52 / دولة ووفود رسمية من أكثر من 100 دولة ، تؤكد مدى نجاح أبوظبي من خلال هذا المعرض العالمي في جذب أنظار العالم إليها ونجاح الدولة في وضع اسمهما على الخارطة الدولية للمعارض. إن معرض " أيدكس" ليس سوقا للأسلحة الدفاعية - كما قد يعتقد الكثيرون - ، بل إن من أهم أبعاد هذا المعرض البعد الاقتصادي إلى جانب أهدافه السياسية والعسكرية والإعلامية ، والذي يعد عاملا أساسيا في تنظيم المعرض وتطوره ونموه ، حيث كان حجم المشاركة في " أيدكس 2009 " ملبيا للأهداف والطموحات والنتائج الاقتصادية ليس على مستوى الإمارات فحسب بل على مستوى المنطقة من خلال التسويق لمشاريع كبرى بين الدول والشركات . كما أن المعرض في أساسه وفكرته وأهدافه يندرج في إطار الصناعة المعرضية التي أولتها دولة الإمارات اهتماما خاصة لتنويع اقتصادها وتطوير أدائه وتحفيز جميع القطاعات الاقتصادية والتجارية وتوظيف جميع العوامل المهمة التي تملكها الإمارات بما فيها الموقع الإستراتيجي والبنية التحتية المتطورة إضافة إلى فهم طبيعة سوق السلاح . فهذه العوامل مع غيرها هي التي أوجدت فكرة أيدكس والتي تحولت على أيدي الكوادر الوطنية الشابة إلى عمل معرضي ناجح يضاهي باعتراف معظم الخبراء والمراقبين والمشاركين معارض مماثلة في العالم. انطلاقا من ذلك فإن معرض " أيدكس " هو معرض عالمي بامتياز . وهذه العالمية لا تأتي من فراغ ، بل من ذلك الإقبال العالمي والتطور الحاصل في مشاركة الشركات العالمية وحرص عمالقة الصناعة والمؤسسات الدفاعية والمعاهد العلمية المتخصصة على المشاركة فيه وطرح منتجاتها وأفكارها ونظرياتها العلمية الحديثة ، والتي تمثل أفضل ما أنتجتها الدول والشركات العريقة في الصناعة الدفاعية. ومن السهولة بمكان رصد ذلك بلغة الأرقام منذ انطلاقته الأولى في عام 1993 والذي تميز بالتفوق والنجاح بفضل القيادة الحكيمة والرؤى المستقبلية للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان/ رحمه الله / الذي أرسى دعائم دولة عصرية حديثة تنعم بالأمن والاستقرار وتحظى بمكانة مرموقة في العالم ، وذلك لدعم الاقتصاد الوطني وبناء منظومة دفاعية قوية متكاملة تنطلق أساسا من حرصها على حماية مصالحها القومية العليا وحماية الوطن وسيادته. لقد انطلق معرض ومؤتمر أبو ظبي للدفاع الدولي منذ دورته الأولى قويا واستند إلى أرضية صلبة من المشاركة العالمية التي بلغت / 34 / دولة و / 350 / شركة سرعان ما ازداد العدد في دورة عام 1994 إلى /40 / دولة و / 608 / شركات ، في حين شهدت دورة عام 2005 نقلة نوعية في هذا المجال ليصل العدد إلى / 49 / دولة و 800 شركة ليرتفع في دورة عام 2007 إلى / 50 / دولة و / 862 / شركة ، فيما يبلغ عدد الشركات المشاركة في دورة عام 2009 حوالي / 905 / شركات عالمية ، وهو عدد يعد جيدا ومتطورا وسط الأزمة العالمية التي أثرت على كثير من شركات العالم .