أمام بوابة جامعة الملك عبدالعزيز توقفنا – كنا بضع سيارات - حالما اضاء أمامنا لون الاشارة الاحمر , ما عدا صاحب سيارة فارهة " ركب رأسه " وقطع الاشارة , كان الوقت حينها بعد صلاة الظهر خلال أيام شهر رمضان الحالي , صاحبنا هذا لم يراع حتى حرمة الزمان , وارتهن إلى عنجهيته وغروره , فقطع الاشارة وهو لا يلوي على شيء , وصحيح أن لكل انسان ظروفه التي لا يعرفها الاخرون , لكن مهما يكن فلابد أن نخضع جميعا لإشارة المرور . والواقع أن بعض اخواننا من اصحاب السيارات الفارهة خصوصا – وبحسب ملاحظتي الشخصية – ليس لدى الواحد منهم اكتراث بقواعد السير , وكثيرا ما اجدهم يقفزون على النظم المرورية أكثر من غيرهم , ولم أجد من تفسير لكسرهم المتعمد لقواعد السير الا ان الواحد منهم قد يكون " مسنودا " من غيره , ولذلك فهو من جماعة .... " من أمن العقوبة أساء الأدب " . وإذا صحت هذه الفرضية التي قلتها هنا , فإن هذا خطير من عدة وجوه , أولها وأكثرها بشاعة أن يتم فرض " الطبقية " كسلوك مجتمعي , وبالتالي تحويله إلى أمر واقع , بحيث يصبح لهذه الفئة من الناس (أغنياء – أصحاب واسطات – أبناء ذوات ) سلوك خاص , وحظوة خاصة , فيما بقية عباد الله لهم عالم آخر . أنا – وغيري كثير جدا – لا يهمني أن يكون سين أو صاد من الناس غنيا يتقلب في بحبوحة مترفة من العيش , ولا حتى ابن شيخ قبيلة ينشد داره العامرة الربع والعربان والعشيرة , ولا أيضا من كان خاله – مثلا - كبيرا , أو عمه عظيما , أو رحيمه " من الواصلين " .. فتلك قسمة الله بين عباده لحكمة لا يعلمها الا هو سبحانه , لكن الذي يهمنا أنه لا يجوز للواحد من أولئك أن يمارس (تضخم الذات ) كما يشاء على الناس في الأماكن العامة , نعم لا يجوز له ذلك . يمكن لتلك الفئة من الناس المتلبسين ب " تضخم الأنا " أن يمارسوا غرورهم وعنجهيتهم كما يشاءون داخل حدود بيوتهم فقط لا غير , أما أكثر من ذلك ف " لا – وألف لا " .. وعلى المجتمع أن يتصدى لهم , وأن يلفظ سلوكهم المتعجرف ذاك , وعلى الجهات الرسمية أن تضطلع بدورها في كبح جماعة تلك الجماعة بقوة وصرامة , وصولا إلى إقرار العدالة , اشاعة المساواة بين الناس . ولله در الشاعر اللبناني إيليا أبو ماضي , أحد شعراء المهجر , عندما نظم هذه الدرر من الشعر الرائع عن المتكبر ... ( نسي الطين ساعة أنه طينٌ حقيرٌ فصال تيهاً وعربد - وكسا الخز جسمه فتباهى وحوى المال كيسه فتمرد ) .. ( يا أخي لا تمل بوجهك عني ما انا فحمة ولا أنت فرقد - أنت لم تصنع الحرير الذي تلبس واللؤلؤ الذي تتقلد ) .. ( أنت لا تأكل النضار اذا جعت ولا تشرب الجمان المنضد - أنت في البردة الموشاة مثلي في كسائي القديم تشقى وتسعد ) .