حققت البرازيل مكاسب مالية كبيرة تناهز 17 مليار دولار من احتضانها لنهائيات كأس العالم لكرة القدم التي أسدل الستار عليها بالمباراة النهائية بين المنتخبين الأرجنتيني والألماني. كما جنت الحكومة البرازيلية بنية تحتية عصرية من البطولة الكروية. ولكن مقابل هذه المكاسب المقدرة بعشرات مليارات الدولارات فإن السامبا خسر سمعته الكروية وتردت أسهمه في الحضيض بعد الخسارة المذلة أمام المنتخب الألماني بسباعية في نصف النهائي ثم الهزيمة النكراء أمام الطواحين الهولندية أول من أمس في المباراة الترتيبية بثلاثية. 12 ملعباً وتتوزع مكاسب البرازيل مادياً على 3 مستويات : المنشآت الرياضية والبنية التحتية المدنية من مطارات وطرقات وسكك حديدية وثالثا مكاسب مالية مباشرة.وخلف المونديال للبرازيل منشآت رياضية عصرية وبمواصفات عالمية وتتمثل أساسا في 12 ملعبا تم بناؤها خصيصا لاحتضان مباريات كأس العالم.وتتوزع الملاعب ال 12 على 12 مدينة لتدعم التوازن في خارطة المنشآت الرياضية بالبرازيل. ويعد ملعب ماراكانا من أبرز الملاعب التي كسبتها بلاد السامبا من المونديال حيث تم هدم الملعب القديم وبناء ملعب جديد يتسع لحوالي 74 ألف متفرج بينما كان الاستاد القديم بطاقة استيعاب تقدر ب 200 ألف مقعد. وتمثل الملاعب الجديدة مكسبا كبيرا لأندية الدوري البرازيلي حيث ستدر عليها المال الوفير نظرا لقدرتها على استقبال عدد كبير من المتفرجين. وتعتزم الحكومة البرازيلية إصدار قرار قبل إطلاق الدوري المحلي بتخفيض أسعار تذاكر المباريات لتمكين شباب الطبقات الاجتماعية الضعيفة من الحضور والاستفادة من الملاعب الجديدة. مراكز المعسكرات ولم تكسب البرازيل 12 ملعباً فقط من العرس الكروي العالمي الذي انتهى أمس بل حصدت أيضا عددا كبيرا من مراكز المعسكرات. وهيأت الحكومة البرازيلية عددا كبيرا من معسكرات التدريب لتقيم بها منتخبات المونديال. وتتوزع هذه المراكز بمختلف المدن الجنوبية والشمالية. وسيكون بوسع الأندية البرازيلية المحلية في المستقبل القيام بكل المعسكرات التدريبية في الداخل دون صرف الملايين من العملة الأجنبية في تأجير مراكز تدريب في الدول الأخرى. تساؤلات ويطرح معارضو الحكومة البرازيلية مسألة مصير الملاعب والمعسكرات الجديدة ويلمحون إلى إمكانية تعرضها للإهمال والإتلاف بعد سنوات قليلة. ويستند المعارضون في طرحهم إلى الامكانيات المالية الكبيرة التي تستوجبها أعمال صيانة المنشآت الرياضية ويعتبرون أن وزارة الرياضة البرازيلية لا تمتلك الميزانية الكافية لتمويل مثل هذه المشاريع الدائمة. البنية التحتية وبعيداً عن كرة القدم فإن المونديال ترك للبرازيل بنية تحتية لا تقدر بثمن ويستحيل على حكومة ديلما أن تبنيها لو لا نهائيات كأس العالم لكرة القدم. انتهى المونديال وورثت البرازيل المطارات العصرية التي ستساهم في ربط المدن المتباعدة عن بعضها وتسهل النقل الجوي وتنشط التبادل التجاري بين المدن الساحلية والأخرى الداخلية التي يعتمد اقتصادها على الانتاج الفلاحي. وفرض توزيع مباريات المونديال على 12 مدينة على حكومة ديلما بناء مطارات جديدة وتهيئة المطارات القديمة لتمكين المنتخبات والجماهير من التنقل بين المدن بالسرعة المطلوبة وفي ظروف مريحة. وشهد قطاع النقل الجوي حركة كبيرة في البرازيل أثناء المونديال وجنت شركات النقل الجوي المحلية الملايين خلال الشهر الماضي. واستغلت شركات الطيران البرازيلية الحدث الكروي لترفع أسعار التذاكر إلى مستويات خيالية. النقل الحديدي وعرف قطاع النقل الحديدي طفرة نوعية في البرازيل خلال مونديال كرة القدم حيث تم تدشين عدد كبير من الخطوط والمحطات الجديدة. ويعد الميترو أكبر مكسب للطبقات الاجتماعية الفقيرة في البرازيل حيث أنهى أزمة التنقل وجنبها متاعب الاعتماد على الحافلات في ظل الشوارع المزدحمة خصوصا في مدينة ساو باولو التي تعد 20 مليون نسمة. ولا شك أن توسيع شبكة النقل الحديدي يعد مكسبا كبيرا حققته الحكومة البرازيلية من كأس العالم حيث حلت به أزمة النقل الخانقة التي كانت تعاني منها أغلب المدن البرازيلية الكبرى. وساهم مونديال كرة القدم في تحسين شبكة الطرقات في البرازيل حيث عبدت الحكومة عدداً كبيراً من الطرقات السريعة الجديدة بين المدن المحتضنة للمباريات. كما رممت جانباً مهماً من الطرقات داخل المدن وأدخلت عليها تحسينات لتستوعب تزايد الحركة المرورية. انتعاش السياحة وشملت المكاسب البرازيلية من نهائيات كأس العالم كذلك القطاع السياحي فقد نفذت الحكومة جزءاً من وعودها لفيفا وبنت عدداً كبيراً من الفنادق ساهم في استيعاب الوفود الغفيرة التي حضرت الحدث الكروي وخففت العبء على الفنادق الأخرى. وساهم رفع عدد الأسرة في فنادق بلاد السامبا في تجنيب ضيوف المونديال خطر مواجهة أزمة السكن. وكان المونديال فرصة لجلب عدد من السياح بينما اكتشف آخرون سحر بلاد السامبا وافتتنوا بجمالها فعاهدوها على العودة إليها مرة أخرى لقضاء إجازاتهم السنوية. ريو تستفيد من تجربة المونديال قبل أولمبياد 2016 تشهد استعدادات ريو دي جانيرو لاحتضان الألعاب الأولمبية 2016 تأخيراً كبيراً حيث لاتزال القاعات التي ستحتضن أكثر من نصف المسابقات ما بين مرحلتي التصميم ووضع الأساسات. ولكن مونديال كرة القدم سينقذ ريو من ورطة عدم الجاهزية لاحتضان الدورة الرياضية الأكبر وذلك بمحصلة الدروس المكتسبة من تنظيم العرس الكروي. كما أعد كأس العالم حوالي 20% من حاجيات ريو دي جانيرو للألعاب الأولمبية وجنبها إهدار كثير من الوقت. فملاعب كرة القدم جاهزة ولن تشغل اللجنة المنظمة للأولمبياد كما أن ملفات النقل الجوي والحديدي والفندقة والخدمات شبه جاهزة باعتبار أن المونديال مثل البروفة التجريبية قبل موعد الألعاب الاولمبية بعد عامين. وتعتزم اللجنة المنظمة لأولمبياد 2016 توزيع مباريات كرة القدم على ملاعب أخرى خارج مدينة ريو دي جانيرو. ووافقت اللجنة الأولمبية الدولية على المقترح البرازيلي نظرا لجاهزية الملاعب المقترحة منذ الآن. والفضل يعود هنا إلى مونديال كرة القدم. ولكن دورة الألعاب الأولمبية تحتاج إلى استعدادات أكبر من كأس العالم لكرة القدم لأن عدد الوفود الأولمبية يكون أكبر. وتعتزم ريو دي جانيرو إنجاز مشاريع إضافية عما تم تحقيقه قبل المونديال. نقل ففي قطاع النقل مثلاً انطلقت أشغال مد سكة الميترو من جنوب مدينة ريو إلى منطقة بارا تيجوكا التي ستحتضن الأولمبياد. وتعتزم ريو أيضا توسيع الطرق الرابطة بين الجزء الشمالي للمدينة والقرية الأولمبية وإنهاء مشكلة الازدحام المروري قبل عام 2016. وسيكون هذا المشروع تحديا كبيرا أمام البرازيل باعتبار صعوبة تضاريس المنطقة فهي جبلية وبناء الطرقات يستوجب حفر الأنفاق في أعماق الجبال بطول كيلومترات. ولاشك أن نهائيات كأس العالم مثلت درسا مفيدا لريو دي جانيرو حتى تستفيد منه خلال العامين المقبلين ضمن استعداداتها لاحتضان الألعاب الأولمبية 2016 ولكنها لاتزال تسير بخطى متثاقلة في بناء القاعات الرياضة متعددة الاختصاصات. بطء يثير مخاوف اللجنة الأولمبية الدولية والاتحادات الرياضية المشاركة حيث أعاد إلى الأذهان تأخير البرازيل في بناء ملاعب كأس العالم. حصيلة سلبية لمنتخب السامبا وضعت الهزيمة بثلاثية نظيفة التي تلقاها المنتخب البرازيلي على يد نظيره الهولندي في مباراة تحديد المركز الثالث لبطولة كأس العالم 2014 نهاية لأسوأ مونديال يخوضه المنتخب البرازيلي في تاريخه بعد أن حقق فيه العديد من الأرقام القياسية السلبية. وتلقت شباك المنتخب البرازيلي 14 هدفا في سبع مباريات، وهو أكبر عدد من الأهداف تتلقاه شباك أي من المنتخبات التي شاركت في نهائيات كأس العالم منذ مونديال المكسيك عام 1986 عندما استقبل المنتخب البلجيكي آنذاك 15هدفاً. يذكر أنه لم يسبق لمنتخب البرازيل أن استقبل في شباكه هذا الكم من الأهداف في أي نهائيات خاضها في تاريخه. وسجل المنتخب البرازيلي في هذه البطولة رقماً قياسياً آخر باستقبال شباكه 10 أهداف في المباراتين الأخيرتين أمام كل من ألمانيا في الدور قبل النهائي والتي حققت فوزا كاسحا عليه بنتيجة 7 / 1 وهولندا في مباراة تحديد المركز الثالث والتي تغلبت عليه بثلاثية نظيفة. والأهداف العشرة الأخيرة هي حصيلة ما استقبلته شباك منتخب السامبا في ال 17 مباراة التي سبقت مباراته أمام ألمانيا. واختتمت البرازيل المونديال الحالي برصيد سلبي من الأهداف وصل إلى الرقم ثلاثة، وهو ما لم يحدث سابقا في أي بطولة كأس عالم شارك فيها منتخب السامبا .