حذرت منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) موسكو من حشد قوات روسية على طول الحدود الأوكرانية. وقال أعلى قائد عسكري في حلف شمال الأطلسي إن روسيا حشدت قوة "ضخمة جدا" على حدودها مع أوكرانيا وإن موسكو ربما تفكر في الانقضاض على منطقة في جمهورية مولدوفا السوفيتية السابقة بعد أن ضمت شبه جزيرة القرم. وقال الجنرال الأمريكي فيليب بريدلوف القائد الأعلى لقوات حلف شمال الأطلسي في أوروبا إن روسيا تتصرف مثل خصم أكثر منه شريك وإن على الحلف الذي يضم في عضويته 28 دولة ان يعيد التفكير في تمركز واستعداد قواته في شرق أوروبا. واستخدمت القوات الروسية العربات المصفحة والأسلحة الآلية وقنابل الصوت للاستيلاء على بعض من آخر المنشآت العسكرية التي كانت تحت السيطرة الأوكرانية في شبه جزيرة القرم المطلة على البحر الأسود والتي ضمها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسميا. وكان بريدلوف واحدا من عدة مسؤولين وسياسيين غربيين يحذرون من أن روسيا قد لا تتوقف عند ذلك الحد في الأزمة التي أعادت العلاقات بين الشرق والغرب إلى زمن الحرب الباردة منذ أطاح محتجون موالون للغرب في أوكرانيا بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش المقرب من موسكو الشهر الماضي. وقال بريدلوف في ندوة نظمها صندوق جيرمان مارشال البحثي "القوة (الروسية) الموجودة على الحدود الأوكرانية الان ناحية الشرق كبيرة جدا وفي اتم الاستعداد." وقال نائب مستشارة الأمن القومي الأمريكي توني بلنكين إن حشد القوات ربما يستهدف فحسب ترهيب قادة أوكرانيا الجدد الموالين للغرب لكن روسيا قد تغزو شرق البلاد الذي يتحدث غالبية سكانه اللغة الروسية. وأضاف لشبكة (سي.ان.ان) "من المحتمل انهم يستعدون للدخول." وتقول روسيا انها ملتزمة بالاتفاقات الدولية وليست لديها اي خطط للغزو. ووصفت الجنود الذين استولوا على قواعد أوكرانية في القرم بأنهم "قوات الدفاع الذاتي".وفرضت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على عدد من أقرب الحلفاء السياسيين لبوتين وهددا بعقوبات اقتصادية أوسع نطاقا إذا توغلت القوات الروسية في أجزاء شرقية أو جنوبية أخرى في أوكرانيا.وظلت رايات البحرية الأوكرانية ترفرف إلى جانب العلم الروسي على قاعدة في القرم لأكبر وحدة عسكرية أوكرانية في منطقة فيودوسيا لكن القوات الأوكرانية تستعد للرحيل بعد استيلاء الجيش الروسي عليها.وقال جندي أوكراني "قضيتنا الوحيدة هي اننا نريد مغادرة هذا المكان بشرف ومع أسلحتنا ومركباتنا." وقال بلنكين إن واشنطن تدرس جميع الطلبات المقدمة من الحكومة في كييف للحصول على مساعدات عسكرية لكن ذلك لن يمنع على الارجح غزو أوكرانيا التي ليست عضوا في حلف الأطلسي. وقال بريدلوف إن على الحلف العسكري ان يفكر في اعضائه من دول شرق أوروبا خاصة الدول السوفيتية السابقة المطلة على بحر البلطيق وهي ليتوانيا ولاتفيا واستونيا. وأضاف بريدلوف "علينا التفكير بشأن حلفائنا وتمركز قواتنا في الحلف واستعداد تلك القوات...حتى يمكننا ان نكون هناك للدفاع عنهم اذا تطلب الأمر خاصة في البلطيق وأماكن اخرى." وقال بريدلوف إن حلف الأطلسي قلق للغاية بشأن تهديد منطقة ترانسنيستريا التي أعلنت الاستقلال عن مولدوفا في عام 1990 لكن لم تعترف بها أي دولة عضو في الأممالمتحدة. ونحو 30 في المئة من سكان المنطقة البالغ عددهم نصف مليون شخص من اصل روسي ويتحدثون اللغة الروسية.وتشارك روسيا بنحو 440 جنديا من قوات حفظ السلام في ترانسنيستريا بالاضافة إلى جنود اخرين يحرسون مخازن الأسلحة التي تعود إلى حقبة الاتحاد السوفيتي. وبدأت روسيا مناورة عسكرية جديدة بمشاركة 8500 من جنود المدفعية قرب الحدود مع أوكرانيا قبل عشرة أيام.وقال بريدلوف "توجد قوة (روسية) متمركزة على الحدود الشرقيةلأوكرانيا تكفي قطعا لتدخل ترانسنيستريا إذا اتخذ القرار بذلك وهذا أمر مقلق للغاية."وحث رئيس برلمان ترانسنيستريا روسيا على ضم المنطقة الواقعة إلى الغرب من أوكرانيا. وقال الزعماء الجدد في كييف إن موسكو قد تسعى لربط المناطق الموالية لروسيا في مولدوفا وجورجيا بشرق أوكرانيا في حزام جنوبي تكون القرم في منتصفه. ونقلت وكالة ايتار تاس الروسية للانباء عن نائب وزير الدفاع الروسي اناتولي انتونوف قوله إن روسيا ملتزمة بالاتفاقيات الدولية التي تقضي بتحديد حجم القوات العسكرية قرب حدودها مع أوكرانيا. وقال سفير موسكو لدى الاتحاد الأوروبي فلاديمير تشيزوف لتلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية إن روسيا ليست لديها أي "توجهات توسعية". وردا على سؤال بشأن التزام روسيا بعدم نقل القوات الروسية إلى أراض أوكرانية أخرى خارج القرم قال تشيزوف "ليست هناك نية للاتحاد الروسي لفعل شيء كهذا." وقال عضو مجلس الشيوخ الأمريكي جون مكين وهو جمهوري متخصص في السياسة الخارجية في تصريحات لهيئة الاذاعة البريطانية إن الاجراءات التي اتخذها بوتين في أوكرانيا تماثل تلك التي قام بها الزعيم النازي الألماني أدولف هتلر في الثلاثينات. وأضاف "أعتقد انه (بوتين) يحسب مدى ما يمكن ان يحصل عليه مثلما فعل أدولف هتلر في الثلاثينات." وأكد وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير على التداعيات المحتملة الجسيمة من محاولة روسيا اعادة رسم الحدود الدولية في اوروبا وقال "انا قلق للغاية من المحاولة غير القانونية لتغيير الحدود المعترف بها في قارتنا الاوروبية هل سنفتح صندوق الشرور بعد 25 عاما من انتهاء الحرب الباردة؟"وأعلن رئيس روسيا البيضاء ألكسندر لوكاشينكو وهو حليف وثيق لروسيا قبوله بأن القرم باتت الان "بحكم الأمر الواقع" جزءا من روسيا لكنه قال ان ضم المنطقة يشكل "سابقة سيئة". وقال لوكاشينكو للصحفيين في مينسك إن أوكرانيا التي تشترك في حدود برية طويلة مع روسيا البيضاء يجب أن تبقى "دولة موحدة متكاملة غير قابلة للتقسيم أو التفتت." وقالت وزارة الدفاع الروسية يوم الأحد إن الأعلام الروسية مرفوعة الان على 189 منشأة عسكرية أوكرانية في القرم.وأيد استفتاء جرى الأسبوع الماضي بعدما سيطرت القوات الروسية على القرم بأغلبية ساحقة انضمام شبه الجزيرة لروسيا لكن واشنطن والاتحاد الأوروبي رفضا الاعتراف به. وأكد الاتحاد الأوروبي دعمه للحكومة الجديدة الموالية للغرب في كييف ووقع اتفاقية سياسية مع رئيس الوزراء المؤقت ارسيني ياتسينيوك الاسبوع الماضي. وتعهد الاتحاد أيضا بتقديم مساعدات مالية للحكومة التي تقول موسكو إنها جاءت إلى السلطة بعد انقلاب للاطاحة بيانوكوفيتش.