في حضرة الفاروق كحاكمٍ وقائدِ أمةٍ يكون حكامُ المسلمين على مرِ العصور تلاميذَ بباب العبقرية المُلهَمةِ والاستبداد العادل والمساواة الفريدة. والتلاميذ بعده كانوا قِلّةً نجباء وكثرةً ساحقةً ضعفاء أو مضيّعين. كل كلامِ ابنِ الخطاب في مسائل الحكم سديد بليغ. لم يقلْه تَنظيراً، بل أَتْبعه تطبيقاً عملياً ناجحاً. فأقام الحجّةَ على كل راعٍ إلى يوم القيامة أنّ بوسعه أن يكون فاروقاً ما لم يُسلمْ ناصيتَه للشيطان أو الهوى أو بطانة السوء أو كلِّهِم أجمعين. قال يوماً لرعيّتِه وأركانِ حربه ووُلاته :"إنكم لا تَغلِبون عدوَّكم بعدد ولا عدةٍ، بل بهذا الدين..فإذا استويتم أنتم وعدوكم في الذنوب كانت الغلبةُ للأقوى". تأملوا كم جمعتْ هذه الإستراتيجيةُ من دروبِ القوةِ والتقوى والرفعةِ والتهذيب، وحتى إعدادِ أقصى قوةٍ ماديةٍ للاعتماد عليها إنْ تَساوينا في الذنوب مع عدوِنا. لا شك أن أغلبيةَ حكام اليوم ورعاياهم يستمعون الإستراتيجيةَ فاغِري أفواهِهم غير مُبالين ولا حتى فاهمين مُرادها. لذا ضاعوا. فلا راعيَ منهم يأخذ بإستراتيجية عمر ولا رعيّةَ كرعيّتِه يخافون الله في أنفسهم وأعمالهم. Twitter:@mmshibani