من أخطر المآزق الوطنية تحوّلُ الشد والجذب بين الحكم والمعارضة إلى (عناد) شخصي، يحرص فيه كل طرف على إبراز عضلاته، إما واجباً كحاكمٍ يفرض هيبةَ الدولة أو استعراضاً كمعارضةٍ تستجدي أصوات الشارع. يتجلى بعضُ ذلك في أحداث مصر الأخيرة. إذ طالب محركو المظاهرات بإسقاط مجلس الحكم العسكري دون حساب لما قد يترتب على تحقيقه أسرع من برنامج تسليمه السلطة. ويتضح أكثر في أحداث الكويت التي اقتحم فيها نوابٌ ومتظاهرون مجلس الأمة وما زالوا يُصعدون أزمتها بعنوان واحد هو إقالة رئيس الوزراء. فيما رد أمير الكويت أنه لن يقبل استقالته ولن يحل المجلس. ليس منطقياً أن تفرض على الحاكم اسماً أو شخصاً. معناه أنك جلستَ في كرسيه. وتضيع هيبةُ الدولة إن رضخت لآراء فلان أو عِلّان. المنطق أن تقدم مطالب تحقق أهدافاً وطنية لا شخصية. وللحاكم رؤيتُه في آليّةِ تحقيقها بما لديه من معطيات ومعلومات وآفاقٍ لا يحيط بها الآخرون. وقديماً أدرك معاوية أحد أحكم الحكام أن الشعوب خليطٌ متلاطمٌ من الحق والباطل والخير والشر، ولا بد من أصوات مخالفة كانت تراه مُلْكاً مترفاً وهم قريبو عهدٍ بالنبوة، فرأى أنه مطالبٌ بحفظ استقرار الأمة حتى في الحالات العسِرةِ المُتَعسرة. فساس الناس بحكمة (شعرةِ معاوية).. يرخيها إن شدها الناس.. فارتاح وأراح. Twitter: @mmshibani