كنت أتحدّث في موضوع أصبح يُؤرّق الجميع وساهم في ارتفاع ضغط دم الموظفين كل صباح ومساء ناهيك عن ضغط الأعصاب الذي نُواجهه في الدوام مع التعامل مع بعض الشخصيّات المريضة التي تُحاول إثبات نفسها بالصراخ وتسيير الضعفاء وإحاكة المؤامرات وتضيعة الوقت بإثارة المشاكل مع باقي الموظفين، فبعد كل هذا الضغط نُواجه أيضًا ضغط زحمة الطرقات التي بلغت حدّها وأصبحت غير محتملة وأثّرت على نفسيّات الناس، تناقشنا في هذا الموضوع وأثمر نقاشنا هذا المقال الذي يُشاركنا فيه- أتوقع - الجميع، فالمُتابع لشبكات التواصل الاجتماعي لا سيّما تويتر يُلاحظ تذمّر السائقين من الزحمة التي لم تعد تقتصر على طرقات معيّنة بل أصبحت جميع الشوارع مزدحمة حتى تلك التي تُسمّى الطرقات السريعة -الهاي وي- بل المُلاحظ أنها الأكثر ازدحامًا من غيرها رغم أن البعض منها يكون بثلاثة مسارات أو أكثر إلا أنه دون فائدة ولا أعلم من يتحمّل مسؤولية الزحمة، هل أشغال التي لم تضع في حسبانها عدد السيارات التي تزداد يوميًّا وحجم العمالة الوافدة التي تدخل البلد خاصّة أننا مقبلون على مرحلة ازدهار وأحداث عالميّة بحاجة إلى الاستعانة بالعمالة الوافدة، أم نُحّمل المسؤوليّة إدارة المرور بوزارة الداخلية في أنها تسمح بإصدار السيارات، في الوقت نفسه لا يُمكنها تحديد ذلك، وللأمانة لا يُمكننا تحميلهم المسؤولية لما يبذلونه من تسهيلات وتنظيم لحركة المرور لكنهم لا يستطيعون السيطرة على العدد الهائل من السيارات، أم ربّما نُحّمل السائق نفسه فالبعض يمسك الخط السريع والمسار الأيسر إلا أنه لا يتعدّى ال 60 في حين أن سرعة الطرق 100 فيُعتبر ذلك عرقلة، فلماذا لا يُخالف عليها السائق في حين أن المخالفة جاهزة في زيادة السرعة! كما أن خروج أكثر من سيارة لنفس الوجهة يُسبّب زحمة فيُفترض أن يذهب الجميع في سيارة واحدة عوضًا عن خروج ثلاث أو أكثر من سيارة من بيت واحد متجهين للمكان ذاته فقد يكون هذا أحد المقترحات التي نتمنّى أن يتبنّاها البعض للتخفيف من الزحمة. الزحمة التي نُعانيها لم تُؤثّر على أعصابنا وأخلاقنا فقط وإنما امتدّت لتُؤثّر على علاقاتنا الاجتماعيّة فأصبح البعض يستصعب الطريق بسبب الزحمة فيُؤثّر البقاء في المنزل عن زيارة أحد أفراد أسرته أو أصدقائه والبعض يكره الذهاب للمجمّعات التجاريّة لأنه لن يحصل على موقف لسيارته إلاّ بعد عناء والحال نفسه مع المستشفى، البعض أصبح يُخصّص يومًا واحدًا لزيارة والدته التي تسكن في الشمال في حين أن منزله في وسط البلد نظرًا للزحمة وضياع الوقت في الطريق ولو لاحظنا أن أقل مشوار يُمكن أن نقوم به يستغرق على الأقل ساعة للذهاب ومثلها للإياب فكم ستستغرق الزيارة في ظل هذه الزحمة! أحدهم روى لي يومًا أنه ولكي يصل الدوام يحتاج إلى ساعة في الصباح رغم أن المسافة لا تستغرق أكثر من عشر دقائق في الوقت العادي فإذا هناك خلل تخطيطي لا يُمكنني تحديد الجهة المسؤولة عنه ولكنها إن كانت جهة واحدة أو أكثر فعليها وضع خطط ناجعة للحدّ من هذا الاختناق اليومي الذي تشهده طرقات الدوحة، فأخلاق البعض ساءت وتحمّل أخطاء السائقين يُولّد الضغط خاصة أن البعض منهم لا يُخطئ في قيادته بل يغلط عليك ويتحدّاك خاصة بعض الإخوة الوافدين الذين لم يتعوّدوا على القيادة في شوارع مخطّطة ومنظّمة ولا يعرفون الاعتذار عند الخطأ ولا يُشكّل لهم أهميّة أنك مواطن وصاحب أرض بل يتحدّاك رغم خطئه ودون اكتراث يقول لك إعمل ما شئت فأنت لا تخيفني. إذًا نتفق جميعًا على أن الزحمة أصبحت الشغل الشاغل لكل من يعيش على هذه الأرض الطيّبة وأصبحت حديث البيوت والمجالس والمكاتب فأوّل موضوع تتمّ مناقشته بعد الوصول للدوام بسلام هو الزحمة التي واجهت الموظفين، ونتفق على أنها قد تتسبّب في قطيعة الأرحام والعزلة الاجتماعيّة إذا ما استمرّت أو زادت وهذا هو المتوقع خلال المرحلة المقبلة، ونتفق على أن هناك مجموعة من الجهات من ضمنها الأفراد أنفسهم مسؤولون عن الزحمة، وعليه يجب أن تتبنّى إحدى الجهات المسؤولة وضع دراسة وخطّة استراتيجية ويتمّ تنفيذها فعليًّا للحدّ من الزحمة ومحاولة إيجاد بدائل لوضع الطرقات الحالية حتى لا نصل لمرحلة الانفجار يومًا ما. يضطرّ موظف الدولة إلى الخروج من منزله الساعة 5:30 لكي يُوصل أبناءه إلى مدارسهم المختلفة وربّما زوجته العاملة ليكون في مقرّ عمله الساعة السابعة أو السابعة والنصف، فهل سيصل بنا الحال يومًا أن ننام في الدوام لضمان وصولنا في الموعد وحصولنا على موقف للسيارة.