«اجعل بينك وبين النار مطوعاً» تلك عبارة تنشئ جيلاً (لا واعي) تابع كالأمعة ، وتربي وتغرس فيه حب الانسياق وراء أي داعي دون وعي و تفكير وتحكيم فعلي للعقل الذي كرمنا و ميزنا الله به عن سائر مخلوقاته.فمستخدمو تلك المقولة و مطبقونها بحذافيرها يلغون عقولهم تماماً ويكتفون بالانصياع ولا ادري ما العائد من وراء ذلك التقديس للبشر !فبعضهم يعتقد إنها بذلك تسقط عنهم (الحجة) و تبيح لهم فعل المحظورات بتعليق مساوئهم على (المطوع المزعوم) وكأن الله لم يخلق العقول و يضعها إلا في فئة واحدة من الناس ! وهذا غير صحيح فقد كرمنا الله بنعمة العقل و ميزنا عن الحيوانات بها ، فلماذا لا نستخدم عقولنا و نحكمها في جميع أمور حياتنا عوضاً عن اللجوء أو الاستعانة بمطوع قل ما أصبح يصيب في هذا الزمان الذي اختلطت فيه الديانات بالدنيويات والكثيرون منهم «سيسوا الدين» لأغراض شخصية بحتة! فإذا كانت تلك المقولة صائبة و صحيحة وتسقط عنا الحجج و تبعد الشبهات و تقينا من نار جهنم لكنت أول المطبقين لها بحذافيرها في حياتي دون أن أرهق عقلي في عناء البحث و التصنيف ،ولكنت أسرح و أمرح و أفعل ما يحلو لي في ظل تيارات الفتاوى المنتشرة اخيراً و التي لم ينزل الله بها من سلطان وأخذت منها ماتيسر لي ووافق أهوائي الشخصية ، ولكنت سأضع كامل اللوم على المُفتين وسوف أعلق أوزاري في رقابهم إلى يوم الدين ! ما اذا كانوا معصومين عن الخطأ وهم ليس كذلك ! فهم بشر مثلنا يصيبون ويخطئون ولن تزر وازرةً وزر اخرى ، فلا تعطلوا ( عقولكم ) و تعطوها إجازة مفتوحة إلى أن يحين موعد اللقاء مع رب العالمين فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ! و من أراد منكم اتباع هوى نفسه و تكون شماعته (مطوع) اقول له استفت قلبك ولو أفتاك الناس وأفتوك فالذي يريد الحق و يتحراه سوف يجده دون الاستعانة بصديق (مطوع). فلا تؤجروا عقولكم لمطاوعة لن يدخلونكم الجِنان و قد يصيبونكم بالجُنان بكثر اختلافاتهم وتخبطهم ! فاختلاف الآراء أمر صحي و طبيعي ، لكن من غير المعقول أن يوافقك جميع الناس على ما تقول و تفعل ،ومن غير المنطقي أن تكفر و تسلخ المرء من دينه لمجرد اختلافكم الفكري في أمر ما ! كما انتشرت في الآونة الأخيرة (موجة التكفير و الإلحاد) بشكل رهيب و مخيف يجبرنا على الوقوف عند سبب تفشي هذه الظاهرة و البحث في أسبابها و مسبباتها ، و سن قانون يُجرم المُدعي دون إثبات الشُبهات و تدعيم كلامه بالأدلة الواضحة والبراهين. فالاختلافات الفكرية أمر طبيعي جداً ووارد لكن مع الأسف «ثقافة الحوار» لدينا شبه معدومة، لذا سأجعل دائماً بيني وبين النار (عقلي) ، وليس مطوعاً إن خالفته يوماً بالرأي لعنني و كفرني ! rzamka@ [email protected]