أكرمني الله عز وجل بإسلامي ثم زادني فخراً بانتمائي إلى مكةالمكرمة ولازلت أفخر أني ابن المملكة العربية السعودية , ومنذ أن كنت طفلاً صغيراً, كنت أشاهد صورة الملك خالد رحمة الله عليه ثم صاحبت ريعان شبابي برفقة عهد الملك فهد طيب الله ثراه , وحين بدأ الشيب يغزو شعر رأسي عايشت عصر الرؤية المستقبلية والانفتاح والتطور مزامنة مع تولي والد الجميع الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله وأمده بالصحة والعمر والعافية , وفي هذه الرحلة التي تمثل حياتي كمواطن سعودي كان بطل حروفي هذه يقترن بالعطاء في شتى مناصبه وفي كل تنقلاته بين منصب وآخر , رحل الأمير سلطان بن عبد العزيز في رأس أسبوع لن ينساه اليتامى والأرامل والمحتاج بل وحتى المواطن العادي في أي مكان وزمان,رحل سلطان الإنسان ولكن بقيت بذوره التي زرعها عبر السنين تنبت له الدعوات الخالصة من كل ابن آدم صادفه أو رآه حيث كانت لأياديه البيضاء طريقٌ لإدخال السرور إلى قلوب من يقصده أيا كان, عانى سلطان الإنسان من المرض كثيراً وكلنا نعلم أنه متعب والمرض يعاند بسمته التي لا تفارق محياه ولكن في النهاية انتصرت ابتسامته لأنها وأكاد أجزم أنها كانت آخر ما كانت عليه ملامحه التي لن ينساها أبناء الوطن , رحمة الله عليك يا من وهبت مالك بلا حساب إلى من يستحق , رحمة الله عليك يا من استقبلت طفلاً من بين مئات الحالات أو الآلاف التي لم يتمكن احدهم من توثيق لحظات عطائك , رحمة الله عليك يا من أبكيتنا ونحن نشاهد عبر موقع اليوتيوب بعد انتقالك إلى رحمة الله , أقول كنا نشاهد حملك لطفلٍ أنهكه المرض وكل أمانيه أن يمشي على قدميه فكنت له سنداً بعد الله بل وحملته بين ذراعيك حين كانت تقوى على ذلك , أما اليوم وقد جاورت يداك جسدك الصامت ولم تعد قادرة على حمل شيء بعد صعود روحك الطاهرة إلى بارئها , اترك لنا مهمة أن نرفع نحن أيادينا لك بالدعاء , فيارب ارحم عبدك سلطان واجعل داءه الذي ألم به ماحياً لكل ذنوبه , يارب إن سلطان قد ادخل السرور إلى قلب الكثيرين فادخله فسيح جنانك يا الله , يارب إن فقيدنا غالٍ علينا فاجعل الفردوس له منزلاً يا الله , يارب انه حين كانت تدب الروح فيه لم يحتمل منظر امرأة تتبع أثر النمل لتحصل على قوت الحشرات (في إحدى الدول الإسلامية) فأمر بأن تكون المساعدة لها ولغيرها بإنشاء صرح يخدم الإنسانية مدى الحياة , يارب انه خدم وطنه بل وأفنى حياته في الذود عنه فاجعل اللهم أعماله الصالحة تذب عنه السيئات يوم الحساب , يارب كفكف دموعنا فعندما نتذكر ذلك السبت القاسي علينا حينما حمل خبر وفاته قال الجميع بصوت واحد مات سلطان مات سند السلطان للإنسان , مات من كان عضيد من سبقوه من الملوك في البنيان , مات منهل الخير أبيض اليد عذب اللسان , مات الجسد لكن لازالت ذكراه تستحث نهدات الأهل والخلان , مات سلطان مات سلطان ...