«الخارجية»: موقف المملكة من قيام الدولة الفلسطينية راسخ وثابت ولا يتزعزع    الدوسري لجيسوس: «ليش طلعتني؟»    الرياض تحتضن «بطولة المملكة المفتوحة» للكيك بوكسينغ.. غداً    طلاب وطالبات جامعة الملك سعود يُتوجون بالبطولة التنشيطية للبادل    تعويض المعلمين المتقاعدين عن الإجازات الصيفية    ولي العهد ورئيس الإمارات يبحثان تطوير التعاون    محادثات بين الشرع وأردوغان لتعزيز العلاقات والتعاون الدفاعي    الاقتصاد السعودي.. أداء قوي واستدامة مالية    السماح للشركات الأجنبية الخاصة ب«الطلب» بنقل الركاب    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية والرئيس الألماني    ولي العهد والرئيس الألماني يبحثان تعزيز العلاقات بين البلدين    طرح تذاكر كلاسيكو الأهلي والنصر    في ختام الجولة 20 من" يلو".. الباطن يواجه النجمة.. والجندل في ضيافة العربي    واشنطن تضغط على إيران لمنعها من «النووي»    أسترالي يصطحب صندوق قمامة في نزهة    انتحار طبيب هرباً من نفقة أطفاله    محافظ جدة يطلع على جهود جودة الحياة    بعد احتشاد 20 ألفًا في حفل التوقيع… «خوف» تخطف الأضواء بمعرض القاهرة للكتاب    أخضر تحت 20 عاماً يواصل الإعداد للآسيوية    جريمة دهس تهز لبنان.. العنف يغتال حياة عشريني    بيئة حيوية    تحديث بيانات مقدمي الإفطار الرمضاني بالمسجد النبوي    10 % من مشاهير التواصل مصابون بالانفصام    الشوكولاتة الداكنة تخفض مستوى الكوليسترول    استعراض إنجازات لجنة السلامة المرورية أمام محمد بن ناصر    واشنطن: تعهدات تعلق "الرسوم" على المكسيك وكندا    مترو الرياض.. وإعادة تشكيل الهوية    9 تنبؤات لأكبر اختراقات بحثية لعام 2025    مجلس الوزراء يشيد باجتماع الحوار الاستراتيجي بين المملكة واليابان    إسبانيا تعتزم خفض عدد ساعات العمل الأسبوعي    نورة الجربوع: العمل الفني ترجمة للمشاعر في مساحات اللون    أزياؤنا إرث وتاريخ حضاري    حايل تراه الحل وكلمة جميلة    فريق جرعة عطاء ينظم فعالية للتوعية بمناسبة اليوم العالمي للسرطان    انطلاق أعمال المؤتمر الدولي الثاني لطب حديثي الولادة في جازان    ترمب: معادن أوكرانية نادرة "ضمانة" المساعدات    وزارة الصحة بالمدينة المنورة تنظم دورة تدريبية للمتطوعين الصحيين    فهد بن نافل: صافرات الاستهجان لا تمثل جماهيرنا ولا تمثل الهلال ولا تخدم النادي    6 مناطق الأقل ممارسة للألعاب الشعبية    شتان بين القناص ومن ترك (الفلوس)    نصائح عند علاج الكحة المستمرة    علاج السرطان بتقنية cytokinogenetic therapy    رؤساء أمريكا وأزمات المراقبة الجوّية    السعودية تقود المسار.. وسوريا تبدأ صفحة جديدة    666% نموا بدعم مربي النحل وإنتاج العسل    80 يوما على سقوط المطالبات التجارية    الكويت: مرسوم أميري بتعديل وزاري يشمل «الداخلية» و«الدفاع»    تطبيع البشر    بئر بروطة    جدة: القبض على وافد روّج «الشبو»    بقعة زيت قلبت سيارتها 4 مرات.. نجاة ابنة المنتصر بالله من الموت    نائب أمير تبوك يتسلم تقرير أعمال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر    وفاة المهندس أحمد العيسى بعد رحلة عطاء والعناية بمساجد الطرق بالمملكة    تحديث بيانات مقدمي خدمات الإفطار بالمسجد النبوي خلال شهر رمضان المبارك 1446ه    «911» يتلقى (2.606.704) اتصالات خلال يناير    الرئيس السوري أحمد الشرع يغادر جدة    رئيس الوزراء الصومالي يصل إلى جدة    العلاقات بين الذل والكرامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة إلى والدتي
نشر في عكاظ يوم 27 - 07 - 2011

قال تعالى: «ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموالِ والأنفس والثمرات وبشر الصابرين (155) الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون (156) أولئك عليهِم صلوات من ربهِم ورحمة وأولئك هم المهتدون» (157). البقرة.
اللهم اجعلنا من الصابرين المحتسبين الراضين بقضائك وحكمك.. والدتي الحبيبة، هذه رسالتي الأخيرة إليك، لأول مرة أتحدث إليك ولا تسمعينني، ولأول مرة لا أسمع دعواتك لي.
سبحانك يا رب، أخذت إلى جوارك أعز وأغلى ما أملك في هذه الحياة، فيا رب يا كريم، الكرام يغدقون على ضيوفهم ويكرمونهم، وأنت يا رب أكرم الأكرمين، وأجود الأجودين، فيا رب، والدتي بين يديك ضيفة فأكرمها ولا تذلها، وزدها ولا تنقصها وارحمها ولا تسخط عليها، فهي يا رب لا حول لها ولا قوة إلا بك وبرحمتك، وهي يا رب من عبادك الذين أكرمتهم وأنعمت عليهم بحسن الخلق، وشهد لها الجميع بذلك، فاجعل ذلك شفيعا لها برحمتك يا أرحم الراحمين.
يوم الجمعة التاسع والعشرين من شهر رجب، يوم مبارك في شهر من أشهر الله الحرام، وهو يوم وفاة والدتي، فاللهم لك الحمد ولك الشكر، إنه يوم لا أنساه أبدا فقد غابت فيه عني أغلى إنسانة، وأحن قلب، قلب حمل كل معاني الحب والصفاء، قلب عاش طاهرا ومات طاهرا، قلب أعطى أكثر مما أخذ.
عاشت والدتي، لي ولإخوتي، ربت وتعبت وسهرت وحملت الأسى، وتحملت الكثير والكثير من أجلنا، ولسانها دائما يردد: الحمد لله الذي رزقني إياكم، كانت تقول: «والله ربي عوضني بكم وهذا ما أتمناه، ولا أريد شيئا من هذه الدنيا سوى أن أراكم بخير ورضا»، كانت سعادتها تكتمل عندما تراني وإخوتي مجتمعين حولها، كنت أراها اليوم فيأتي هاتفها في اليوم التالي وهي تقول: «وحشتني يا ولدي.. لم أرك منذ فترة»، فأقول لها : «يمه أمس كنت معاكي»، فترد علي فورا : «والله شايفة أمس بعيد يا ولدي، لا أريد منك شيء سوى اتصال دقيقة واحدة تخبرني فيها أنك بخير وأطمئن عليك».
لله درك يا أم محمد، فما أعظمك من أم، كنت تعلميننا دروسا في الحياة، لم نستطع أن نفهمها أو نعيها بالرغم من سنين عمرنا وتجاربنا في الحياة، علمتني يا والدتي معنى التسامح، علمتني يا والدتي حب الناس وتجاوز هفواتهم مهما كانت كبيرة، كنت تقولين لي دائما: «يا ولدي سوي طيب وأرمي في البحر»، وعشت بنصيحتك عمري هذا، فكانت علاقتي بالناس بفضل الله حبا وتسامحا، تعلمت منك يا أمي الشكر وكلمة الحمد لله دائما، كنت في أصعب الظروف سواء صحية أو اجتماعية أو غيرها وتقولين لي: «والله تعبانة يا ولدي صحيا»، أو تذكرين لي عتبك على بعض المعارف، ولكن تنهي حديثك بكلمة : «لكن برضه يا ولدي أقول الحمد لله على كل حال ربي عنده الخير كله»، حتى وأنت في أزمتك الصحية الأخيرة أراد الله لك ما أراده ولا راد لقضائه وحكمه، لم نسمع منك طيلة فترة مرضك وبالرغم من ثقل لسانك وعدم قدرتك على الحديث سوى كلمة واحدة لم تغب عن لسانك أبدا ولو همسا وهي: «الحمد لله الحمد لله»، لقد غالب إيمانك كل الكلمات والعبارات وظل رجاؤك وارتباطك بالله أكبر وأكبر. فيارب هي لم تذكر أحدا سواك في مرضها بل تحمدك وتشكرك على مصابها، فيارب جازها وجد عليها من رحماتك ورضاك يا أرحم الراحمين.
صليت الجمعة وأتيت بك كعادتي كل جمعة وكنت على موعد مع رحلة عمل، فقبلت رأسك ويدك وحضنتك ولم يخطر ببالي أنه الوداع الأخير معك يا أغلى الناس، فسافرت ولم أكد أصل المحطة الأولى من رحلتي حتى جاءني صوت أخي حزينا جدا عبر الهاتف يخبرني بأن الوالدة مريضة جدا، فقلت له بل قل بأن الوالدة توفيت، فقال لي نعم يرحمها الله، فأقفلت السماعة وبدأت أبحث عن أي رحلة تعود بي إلى والدتي لأراها للمرة الأخيرة، وهنا أود أن أسجل بكل تقدير وامتنان وشكر لكل الذين قدموا لي كل المساعدة والعون في مطار اسطنبول عندما علموا بظرفي حتى وجدت نفسي على مقعدي في الطائرة التركية العائدة إلى جدة فجر يوم السبت 1/8/1432ه..
والدتي، يا أغلى حبيبة، والله لا أعلم كيف ستكون الحياة بعدك، كنا لا نخطو خطوة واحدة أنا وإخوتي إلا ولسانك ويدك مرفوعة إلى الله العلي القدير أن يحفظنا وييسر لنا أمرنا في كل مكان نغدو إليه، والآن المؤكد أننا سنعتمد على الله الفرد الصمد ثم على أنفسنا، وسنكون كما ربيتنا وعودتنا على الخلق والأدب الذي عشنا به إلى أن نلقاك في الفردوس الأعلى من الجنة التي هي رجاؤنا ودعواتنا للواحد الحي الذي لا يموت.
أحمد بن حامد نقادي
وكيل جامعة الملك عبد العزيز
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.