2-2 إن اختلاف ضمائر الافراد وتناقضها وتعدد صورها في نفس الفرد يحول ذلك علينا أن نعتبر الضمير نزيهاً معصوماً من الأخطاء.. فالحياة الأخلاقية النبيلة تقوم أساساً على ضمير يظهر كل الخير والحب مدعماً بنية وارادة خيرة وتضحية قلبية سليمة وواجب كل ذو صبغة إنسانية عامة.. لذا فإن ما يقال على ذلك لضروب تناقض الضمير بين فرد وفرد وجماعة وأخرى لن تفيدنا أو تقنعنا بضرورة الإقلال من قيمة الضمير لدى الإنسان ولن تدفعنا بالانتقاص بانعدام العنصر الأخلاقي المشترك بين كافة البشر وأن تعددت ضمائرهم ما دام الإنسان يسعى جاهداً لتحقيق ما يصبو إليه بروح نبيلة مستهدياً مستمسكاً بتعاليم دينه وشريعته السماوية وبما اقتضته هذه التعاليم من الحب والوفاء والإخلاص والتضحية وما أكثر ما عددت وفصلت الشريعة الإسلامية من هذه التعاليم في تحقيق المثل العليا للإنسان فيما ينشده ويستهدفه لحياته.فليس من شك أن الضمير سيظل القوة المحركة فيما يدفعنا نحو العمل السليم بقلب ونية خالصة لا تشوبها شائبة من اجل تحقيق ما يقضي به العقل.. لاعتقادي أن الشعور الخلقي لا ينفصل عن شعورنا بالحياة لأن قيمة الإنسان الحقيقية بقيمته العقلية وترقي ضميره. فالأخلاق كائنة برمتها في الضمير الفردي فهي تنحصر في تحديد سلوكه وابتعاده عن النزوات أياً كانت.ولذلك فإنه يمكن أن نحدد أخلاقياتنا تجاه الآخرين بالشكل الذي يتطلبه ضميرنا إن كان استحساناً أو استهجاناً، ولا شك أن هذا التصور ينبع من اتجاه وتطلعات الفرد ذاته فإن كان ما يستهدفه خيراً فإن اتجاهاته العقلية والفكرية التي يتعامل بها أو يتعايش من خلالها تظهر ما يريده اظهاره من نوعية تعامله مع الآخرين والخير دائماً وأبداً يطغى على الشر. فنحن ملزمون أن نجعل أفعالنا جميلة وحسنة فيما تهدف إليه دون أن نبطن داخل نفوسنا بعضاً من الحقد وشيئا من الكراهية للآخرين.دون أن نتكلم بلسان غيرنا مستهدفين الوقيعة والإذلال للآخرين وان كنا نبني هذا الاتجاه من تلك القواعد الإنسانية التي يتعين علينا اختيارها لسلوكنا فليس من شك أيضا أن هذه الأنماط السلوكية متواجدة وتعمل ضمن محيط حياتنا اليومية.. وعليه فإن الحقيقة الأخلاقية تتألف بشكلها الحسي ضمن إطار هذا المحيط للسلوك الإنساني العام وعليه فإن الأخلاق كائنة بمجملها في ضمير الفرد وهي تعزز سلوكه ضمن حالاته النفسية المختلفة التي يتعرض لها.إن العرف الأخلاقي هو الموجه لما يجب أن تكون عليه تصرفاتنا فيما يجب أن يكون أو لا يكون.. وحسبنا بذلك أن نتفهم معاني الخير والشر من سلوكنا الأخلاقي الذي يمليه علينا ضميرنا.