* كل إنسان يملك ساعة عاطفية خاصة به يضبطها بطريقته، ويُقدّم، أو يؤخر عقاربها بطريقته، ويسير معها في الاتجاه الذي رسمه لنفسه، ولهذه الساعة العاطفية فيرى نفسه يسير في الطريق الصحيح، ويرى عقارب الساعة تؤكد له ذلك، فإذا تعثّر في الطريق ثار على ساعته العاطفية، ولامها على أنها خدعته، وعاد من جديد يضبط ساعته العاطفية بما يراه مخرجاً من عثرته، وبما يظن أنه تفادياً لعثرات قادمة يريد تجنبها، ويعتقد أنه نجح في ذلك، وأنه استفاد من درس العثرة الأولى. ويمضي الإنسان مع ساعته العاطفية "كل واحد فينا يعتقد أنها مضبوطة بدقة"، لكن الأيام، والأحداث تكشف خطأ هذا الاعتقاد لدرجة غير معقولة، وغير مقبولة حين يصطدم الواقع بالعاطفة فتكون العاطفة سراباً، ويكون الواقع مُرا..! ونحن نظن أننا نضبط ساعتنا العاطفية، وليس هذا صحيحاً على الإطلاق بدليل ما يحدث لنا، ويحدث معنا، ويحدث منا.. صحيح أننا نميل نحو ساعتنا العاطفية لنقوم بضبطها، لكننا نتعجل، وتكون هذه العجلة سبباً في سوء ضبط عقارب هذه الساعة، وعندما نكتشف ذلك نلوم ساعتنا العاطفية بشدة، ونثور عليها، ونود لو كسرناها، وننسى أننا نحن السبب في ذلك، وأننا نحن الذين قمنا بضبطها بطريقتنا، وبأسلوبنا، وبأفكارنا، وبإرادتنا فأخرنا عقاربها عمّن نحبّ، وقدّمنا عقاربها لمن لايستحق منا الحب فلماذا هذه الثورة على الساعة العاطفية، ولماذا هذا الهياج ضدها، ولماذا نحشد كل هذا الغضب باتجاهها ونحن المسؤولون عن كل ما فعلته بنا، وما سببته لنا..؟ ولا أحد يُنكر أن ساعته العاطفية قد خانته، أو خدعته، أو خذلته، أو كذبت عليه في لحظة من اللحظات، وفي فترة من الفترات، وهذه الخيانة، وهذا الكذب، وهذا الخداع ليسي وليد الصدف - وإن كُنا ننظر إليه كذلك - فالسبب هو في هذا "الخلل" الذي أصاب الساعة العاطفية دون أن ننتبه لذلك في غمرة حماسنا، واندفاعنا، وجنوننا.. والساعة العاطفية تقول لك: ليس بالضرورة أن تُعلن عن كراهيتك بلا حدود أيضا حيث يلزمك في حالة إعلان الحب أن تكون لك قواعد، وأسس متى تغيّرت، وتبدّلت، واختلفت كان من حقك الإقلاع عن حالة الحب هذه، وحيث يلزمك في حالة إعلان الكراهية أن تكون لك قواعد، وأسس متى تغيّرت،وتبدلت، واختلفت كان من حقك الإقلاع عن حالة الكره هذه. ولاشك أن كثيراً قد ندم، وتحسّر من ساعته العاطفية، والأخطاء التي ارتكبتها في حق صاحبها فجعلته يندم، وجعلته يتحسرّ ولكن بعد فوات الأوان، أو في الوقت الضائع، وهذا الندم، وهذه الحسرة تُحول البعض إلى مزيد من الأخطاء، ومزيد من الحماقات حين يُحاول - الإصلاح- إصلاح الأخطاء الماضية فيرتكب أخطاء جديدة عندما ينتقل بساعته العاطفية نحو الذين كان يكرههم ظناً منه أ،ه بهذا التصرف يسترد حقه من الذين كان يُحبهم، وخدعته ساعته العاطفية في ذلك.. ماذا يمنع الإنسان، أي إنسان بين وقت، وآخر من إجراء "فحص" لساعته العاطفية فيتأكد من "سلامتها" و"متانتها".. ويُعيد. إذا أراد. برمجة عقاربها، وقياس سرعتها بأي اتجاه ليحدث توازناً في سير هذه العقارب، وتناغما في دقتها.. والذي يستطيع ان يتحكم في عقارب ساعته العاطفية إنسان ناضج بكل معنى الكلمة، ومتزن بكل معنى الكلمة، وعاقل بكل معنى الكلمة، ويندر وجوده بين البشر بكل معنى الكلمة..!