مواسم الخير والبركات تتوالى على هذه الأمة المحمدية ، فلا تكاد تخرج من موسم إلا وتستقبل موسماً آخر ، ولا تفرغ من عبادة إلا وتنتظرها أخرى .. وهكذا ، ومن كرم الله ومنته أن جعل لعباده في كل عام مواسم دينية يستكثرون فيها من العمل الصالح ، وخصّها بمزيد الفضل وزيادة الأجر ، ومن هذه المواسم عشر ذي الحجة التي تعتبر آخر المواسم الدينية لهذا العام ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه سلم أنه قال : " ما من أيام العملُ الصالحُ فيها أحب إلى الله من هذه الأيام . قالوا : يا رسول الله : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلاً خرج بنفسه وماله ، ثم لم يرجع من ذلك بشيء " وقال عليه الصلاة والسلام : " ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد " فالعمل الصالح فيها أحب إلى الله عزّ وجل من العمل في سائر أيام السنة من غير استثناء لأن فيها تجتمع أمهات العبادة وهي : الصلاة والصيام والصدقة والحج ، وقد فضلها المولى بيوم النحر ويوم عرفة ويوم التروية ، ولا يكن ذلك في غيرها من أيام العام ، فالعاقل من فطن لها ، وأحسن استثمارها لما لها من فضل عند خالقه تبارك وتعالى ، وتقرب إليه فيها بالمحافظة على الواجبات وأدائها على الوجه المطلوب شرعاً ، وذلك بإحسانها وإتقانها وإتمامها ، ومراعاة سننها وآدابها ، ففي الحديث القدسي عن أبي هريرة : " وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه .." فمن أتقنها كان عليه أن يستكثر من النوافل والمستحبات ، وأن يغتنم شرف الزمان ، ويكثر من ذكر الله عموماً ومن التكبير خصوصاً "وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ" وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد " وقد كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ، ويكبر الناس بتكبيرهما ، ويستحب صيامها فعن حفصة رضي الله عنها قالت : " أربع لم يكن يدعهن النبي صلى الله عليه وسلم : صيام عاشوراء ، والعشر ، وثلاثة أيام من كل شهر ، والركعتين قبل الغداة " ومن جود المولى على عبادة لغير الحاج أن من صام يوم الوقفة كان له من الخير الكثير فقد ثبت عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال : "يكفّر السنة الماضية والباقية" وعن أبي قتادة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : "صيام يوم عرفة ، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده" وخير دعاء يدعى به في يوم عرفة ما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "خير الدعاء دعاء يوم عرفة ، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" فهل نعي فضل هذه العشر ، ونقدرها حق قدرها ، ونجاهد النفس فيها بالإكثار من الطاعات "إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ". دعاء : اللهم إنا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لنا وترحمنا وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين ، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك . ومن أصدق من الله قيلاً { وَالْفَجْرِ "1" وَلَيَالٍ عَشْرٍ } ناسوخ / 0500500313