كرم الإسلام هذه الأمة المحمدية بكرائم عديدة ميزتها عن غيرها من الأمم ، ومن تلك المكرمات يوم الجمعة قال عليه الصلاة والسلام : (خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة ) قال ابن القيم في زاد المعاد – كان من هديه صلى الله عليه وسلم تعظيم هذا اليوم وتشريفه وتخصيصه بعبادات يختصُ بها عن غيره - وقد عد ابن القيم أكثر من ثلاثين مزية وفضل لهذا اليوم ، منها : أنه يوم عيد متكرر للمسلمين في الحياة الدنيا ، وفيه يتجلى المولى تبارك وتعالى للمؤمنين في الجنة ، فيه ساعة الإجابة قال عليه الصلاة والسلام : ( فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم، وهو قائم يُصلي يسأل الله - تعالى - شيئاً إلا أعطاه إياه ) وهو يوم الأعمال الصالحة قال عليه الصلاة والسلام : ( خمس من عملهن في يوم كتبه الله من أهل الجنة: من عاد مريضاً، وشهد جنازة، وصام يوماً، وراح إلى الجمعة، وأعتق رقبة ) ويوم تُكفر فيه السيئات قال عليه الصلاة والسلام : ( لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طُهر، ويَدّهِنُ من دهنه، أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كُتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى ) وأن الماشي إلى الجمعة له أجر عظيم قال عليه الصلاة والسلام : ( من غسَّل يوم الجمعة واغتسل ثم بكّر وابتكر ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام فاستمع ولم يَلْغُ، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها ) ووفاة المؤمن في يوم الجمعة أو ليلتها من علامات حسن الخاتمة لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة وُقِيَ فتنة القبر ) والصدقة فيه خير من الصدقة في غيره من الأيام ، قال ابن القيم رحمة الله تعالى - والصدقة فيه بالنسبة إلى سائر أيام الأسبوع كالصدقة في شهر رمضان بالنسبة إلى سائر الشهور – وقد تهاون الكثير من الناس في التبكير لصلاة الجمعة فلا يأتونها إلا في آخر ساعة منها ، وقُبَيل صعود الخطيب بدقائق للمنبر روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الأول فالأول ، فإذا جلس الإمام طووا صحفهم وجلسوا يستمعون الذكر ، ومثل المُهِّجر - أي المبكر - كمثل الذي يهدي بدنه ، ثم كالذي يهدي بقرة ، ثم كبشاً ، ثم دجاجة ، ثم بيضة ) وقد جاء عن السلف الصالح رضوان الله عليهم أنهم كانوا يأتون الجامع يوم الجمعة في السحر وبعد الفجر ، حرصاً منهم على التبكير لصلاة الجمعة ، وكان هذا الوقت يُعمر بالطاعة والعبادة وقراءة للقرآن وذكر الله عز وجل وصلاة النافلة ، ومن خير الأعمال في هذا اليوم المبارك الإكثار من الصلاة على المصطفى صلى الله عليه وسلم ، قال عليه الصلاة والسلام : ( إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خُلِق آدم ، وفيه قُبض ، وفيه النفَّخة ، وفيه الصَّعقة ، فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه ، فإن صلاتكم معروضة عليَّ إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ) ويستحب قراءة سورة الكهف في يومها قال عليه الصلاة والسلام : ( من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء يضيء له يوم القيامة ، وغفر له ما بين الجمعتين ) وكذلك في ليلتها قال عليه الصلاة والسلام : (من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له من النور فيما بينه وبين البيت العتيق ) وهناك من الفضائل والمزايا الكثير لهذا اليوم العظيم ، ولو لم يكن فيه إلا ميزة واحده لكفى بالمرء أن يحافظ عليها ، ويحرص على آدائها . ومن أصدق من الله قيلاً " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ". ناسوخ /0500500313