طبع مدير عام الشؤون الاجتماعية في المدينةالمنورة الدكتور حاتم بري، قبلة على جبين المعوق محمد حامد الجهني المصاب بشلل نصفي، وقدم اعتذاره لما حدث له من جلد على يد مراقب مركز التأهيل الشامل. ووعد الدكتور بري الذي يترأس لجنة التحقيق في قضية جلد المعوق الجهني، أثناء استماعه لأقواله أمس بأن يجري له برنامجا مكثفا لتأهيل حركة يده اليمنى، قبل أن يفاجأ برد الجهني «أرفض العودة إلى المركز طالما أن المراقب الذي جلده يعمل فيه». وأكد الدكتور بري أن اعتذاره من الجهني، لا يهدف «إطلاقا» إلى كسب ود المراقب أو أسرته، أملا في التنازل، موضحا أن القضية تلزم المراقب بأكثر من حق في جوانب عدة، وأن الاعتذار لا يمت لأي من تلك الجوانب بصلة، فهذا شيء وذاك شيء آخر تماما. وأدلى المعوق الجهني لرئيس لجنة التحقيق في قضيته الدكتور بري بمعلومات عن طريقة التعذيب على يد المراقب داخل مركز التأهيل، بالقول: «إنه كان يجلدني داخل دورة المياه وأنا مجرد من ملابسي، أثناء جلوسي على الكرسي المخصص للاستحمام، بوجود عامل وافد يعمل في المركز، وكان يساعد المراقب في الاستحمام». وكشف المعوق الجهني لرئيس لجنة التحقيق عن تعرضه مرارا للضرب على يد المراقب، كان آخرها أثناء شربه للشاي في المطبخ، وزجر في وجهه للذهاب إلى المهجع. وبحسب ناصر الجهني شقيق المعوق حامد، فقد تكشفت لرئيس لجنة التحقيق في القضية أمور أخرى لم تكن في الحسبان، إذ سبق أن رصدت أسرة حامد آثار ضرب على ظهره قبل عام، وتوجهوا لمدير المركز الذي كان آنذاك هو نفسه رئيس لجنة التحقيق، فلم يجدوه، واستمع لشكواهم نائبه، الذي فضل في ذلك الحين ، أن تحل الأمور وديا، واحتوى الموقف بوعده للأسرة أن يحاسب أية تجاوزات وأن يعزز من العناية بابنهم المعوق. وبدأ أعضاء لجنة التحقيق صباح أمس في الاستماع لأقوال المراقب الاجتماعي، بعد أن وقفوا على حالة المعوق في مكتب مدير الشؤون الاجتماعية الدكتور بري، توجهوا بعدها إلى مبنى مركز التأهيل المجاور لمقر فرع وزارة الشؤون الاجتماعية لمواصلة التحقيق. وفيما أغلقت اللجنة الباب وتفردت بالمراقب الذي عذب المعوق الجهني، التقى أحد المراقبين في المركز بناصر شقيق المعوق وأخذه خارج المبنى، في محاولة لثنيه عن المطالبة بحقوق شقيقه، مستعطفا إياه، بأن المراقب يعول أسرة مكونة من سبعة أفراد، وأن الإصرار على المطالبة بالحق، قد يؤدي إلى شتات أسرته، إلا أن ناصر لم يعطه وعدا بذلك. وإزاء ذلك، فوجئت أسرة المعوق الجهني عشية التحقيق مع ولدها، بقدوم «جاهة»، إلى والد حامد، طالبة التنازل عن حق ابنه تجاه المراقب، إلا أن والد حامد أصر على تحقيق العدالة، «ليس من أجل ولدي، وإنما حفظا لكرامة جميع المعوقين في المركز». من جانبه، تابع المحامي وائل بافقيه، الذي تناول ملف القضية تبرعا، مراحل التحقيق، مشيرا إلى أن المسوغات التي ادعاها المراقب تبريرا لفعله تجاه المعوق، لا تخرج عن احتمالين، إما أن تكون صحيحة أو محض افتراء، وفي كلتا الحالتين لا يحق له التجرؤ في أن يعين نفسه قاضيا وحكما ليوقع عليه عقوبة ليست من صلاحياته وسلطته، إنما كان عليه أن يثبت تلك التجاوزات في محضر رسمي، ويرفعه للإدارة التي يرجع لها كي تتخذ فيها الإجراء القانوني وفق الأنظمة والضوابط. ووصف المحامي مسوغات المراقب بأنها «عذر أقبح من ذنب»، إذ لم يكتف بتجاوزه للنظام وجلده لمعوق وجب عليه رعايته، ليبدأ في تلفيق التهم تبريرا لفعلته.