- لم يمض الأسبوع الأول من رمضان إلا وانكشف ضعف الدراما السعودية وضعف الإنتاج الواضح أمام المشاهد البسيط. ما يحزن أكثر أن السواد الأعظم من هذا الإنتاج الضعيف تلقفه التلفزيون السعودي ليتسيد عرض هذه الأعمال حتى غصت بها القناة الأولى وأصابتها التخمة وتم توزيع الفائض على قناتي "الرياضية والثقافية". قبل ذلك بأشهر صرح القائمون على التلفزيون السعودي بدعم الدراما والمنتجين الشباب، بغية تشكيل واجهة جديدة حضارية للدراما وتحفيز المنتجين والممثلين في صناعة أعمال درامية متطورة ومختلفة عن العام الماضي. التلفزيون عمَّد لأول مرة في تاريخه عدداً كبيراً من البرامج والمسلسلات، وصرف عليها ملايين الريالات، لكن كل هذه التعميدات ذهبت هباء عندما سنَّ أحدهم رأياً في رمي بعض هذه المسلسلات والبرامج على قنوات ضعيفة وغير متابعة "الثقافية والرياضية" ولا تدعم الدراما في الأوقات الطبيعية، فكيف بالموسم الرمضاني ووسط سيطرة كأس العالم على كل مشهد؟ حيث لم تعد هناك لا فترة ذهبية ولا غيرها، فالجمهور قضى الأسبوع الأول مشدوداً مع كأس العالم بعد الإفطار مباشرة، وعانت من هذا الواقع القنوات الرئيسية المعروفة بإنتاجها الرمضاني، فكيف بقناة الرياضية التي عرضت مسلسل "شباب البومب" وبقناة "الثقافية" التي عرضت مسلسل "حربش بربش"؟. كنا سابقاً ننظر لثنائي "طاش ما طاش" والنجم محمد العيسى أنهم أصحاب الفكرة والموهبة والقادرون على دفع الدراما السعودية ونشرها عربياً، هذا ما يحدث عندما يلتقون سوياً في حلقات طاش، وحتى عندما تفرقوا تميز إنتاجهم ويتصدرون المشاهدة في التلفزيون وحتى في الوضع الحالي يتصدرونها عبر اليوتيوب، ما يعني أن المشاهد يعود لماضيه القريب معوضاً عن حاضره الرديء الذي لا يشعر به!. مشكلتنا في الدراما السعودية أن الكل يهتم في مشاكل وقضايا المجتمع والأسرة. الجميع يناور لأجلها ويستغلها ولم يقدم لها شيئاً سوى غث يسمونه الكوميديا. الدراما مشاريع كبيرة وفكر متجدد، ولدينا لم يقدم أحد مشروعاً ذا طرح عميق أو شخصية وثائقية أو مشروعاً كوميدياً مقبولاً. التلفزيون السعودي كان يأمل من الذين منحهم التعاميد أن يقدموا شيئاً يحفظ لهم ولشاشتنا ماء الوجه أمام الجمهور، لكنهم خذلوه بكل أسف ولم يظهر مسلسل جيد فكرة وتنفيذاً. بل حتى الإنتاج السعودي المعروض في القنوات الأخرى "مثل روتانا خليجية" باء بفشل ذريع، يأتي على قائمتها "خميس بن جمعة" و"5G" وغيرها. لم يعد هناك مجال للشك أننا بتنا عاجزين عن فك شفرة الفن الراقي والقدرة على منافسة الآخرين، ففي مصر وسورية حيث الأوضاع غير مستقرة والمشاكل الاقتصادية كبيرة، ومع ذلك يصنعون أعمالاً متميزة، قادتنا للتشكيك في قدراتنا في الإنتاج التلفزيوني، وإذا استثنينا "طاش" وذكرياته الرمضانية الجميلة، لم تقدم الدراما السعودية حتى الآن عملاً نستطيع أن نفاخر به وننافس الدراما العربية. وفق "الرياض". يقول أحد المنتجين "إن التلفزيون السعودي يطلب منا مسلسلات كوميدية بأي طريقة كانت، المهم أن ننتج كوميديا"، وهذا التوجّه هو ما أدى إلى حصر الدراما السعودية في كوميديا تهريجية لا تحمل فكراً ولا رؤية.