يبدو أن مسلسل «طاش ما طاش» يفرض إيقاعه بقوة على الإنتاج السعودي، بشكله ومضمونه الذي ظهر به للمرة الأولى قبل 17 عاماً، إذ بات المسلسل وناصر القصبي وعبدالله السدحان محط اهتمام صناع الكوميديا ونجومها ويتضح ذلك بجلاء في تحويل أبطال مسلسل «بيني وبينك» للجزء الخامس من العمل إلى حلقات «متصلة منفصلة»، بعد أن أفرزت الأجزاء الأربعة الماضية (وتحديداً الأخير منها) ردة فعل ضعيفة، انتهت بانصراف جماهيري عن مشاهدة المسلسل الرمضاني، ما دفع منتجيه إلى الدخول على خط «طاش ما طاش»، أملاً في أن يتاح لهم ولو قطعة يسيرة من كعكة المشاهدة العالية التي يحظى بها المسلسل الشهير. ويرى إعلاميون أن الأمر ذاته ينطبق على فايز المالكي (الذي انفصل أخيراً عن فريق «بيني وبينك» لأسباب ظلت في طي المجهول)، إذ يقدم هذا العام للتلفزيون السعودي (من إنتاجه الخاص) مسلسل «سكتم بكتم»، الذي يتخذ من «طاش ما طاش» وبطليه أنموذجاً يحتذى، وعليه يتوقع مشاهدون أن تتشابه أفكار الأعمال السعودية الكوميدية رمضان المقبل، لأنها جميعاً تنهل من نبع «طاش» الذي ترك بصمة واضحة في أعوامه الأولى، ومع تقادم الزمن ظلت هذه البصمة محتفظة بشكلها وملامحها واضحة كما كانت أول مرة، لكن بصمات أخرى أحاطت بها، ترجو كل واحدة منها، أن تظل كما هي، معتقدة أن في «التقليد» حلاً «مفيداً»... وما يشكل قلقاً هو أن تدخل الكوميديا السعودية «دائرة الاستنساخ»، ومن ثم تفشل في الخروج منها. وفهد الحيان ليس ببعيد عن حسن عسيري وفايز المالكي، إذ حول مسلسل «غشمشم»، بعد انفصال حبيب الحبيب عنه قبل عامين، إلى «طاش» آخر، على مستوى الأفكار الرئيسية، وإن حاول تفادي التشابه في السياق الذي يظهر فيه الممثلون كأبطال دائمين للعمل وبنفس الأسماء. وتعاني الدراما الخليجية والعربية بحسب متابعين - من «داء الأجزاء» الذي استفحل أخيراً، لكنه في الخليجية تحديداً يأخذ شكلاً غريباً، و«اختراعياً» إن جازت التسمية، ففي شر النفوس مثلاً، كل جزء يختلف عن سابقه من حيث الأبطال والقصة، مع الاحتفاظ باسم المسلسل نفسه في كل جزء، فالممثل نايف الراشد الذي ظهر مسحوراً في الجزء الأول، طالعنا في الجزء الثاني ساحراً، هذا التغيير الغريب لم يطاول نايف وحده، وإنما مرّ على كل الأبطال.