.. نادي أبها الرياضي .. ذلك الكيان العملاق الذي كسر وتجاوز صبر سنوات العمر العجاف بصعوده المثمر والتاريخي إلى مدن الأضواء مع الكبار .. واحتفينا حينها وصفقنا له طويلا بهذا المنجز المستحيل بعد أن جلدتنا سنوات العجز و(ثقافة الإحباط) من مواكبة ما تقدمه بعض الأندية الأقل منا إمكانات ومواهب .. .. حينها كنت أرصد تداعيات هذا الصعود المستحيل للدوري الممتاز من بعض الذين أسرفوا في البكائيات وأوهمونا بتفاصيل الحب الكبير لنادي أبها في المجالس والطرقات .. حتى ظننا واقتنعنا بأن الحظوظ – فعلا – عاثرة ولا يمكن إقالتها إلا بنقله إلى المدن الكبيرة التي تحظى بوهج الإعلام وثقافة التطوير ويسكن فيها الضجيج وتوافر أسياد المال والأعمال .. .. كنت أرصد كغيري أصداء هذا الصعود الجبار الذي فعله عبدالوهاب بن مجثل عسيري وهو يحدث هذا التحول الصادم لأقل المتفائلين من المحبين المخلصين لهذا الكيان العريق .. .. فوجدت بان المسرفين في البكائيات ومسوقوا لغة الحظوظ المنكسرة .. هم أول المنسحبين من هذا المشهد الباهي والنضير ..!! .. حينها اكتشفنا .. كيف أسقط عبدالوهاب قبل أن يقطف ثمار هذا الصعود الكبير بتمرير لعبة ورقة الاستقالة الجماعية الوهمية وتنصيب مشافي المقرفي لقيادة المرحلة الحاسمة التي كانت تحتاج حينها والفريق الأبهاوي يطل ولأول مرة في تاريخه لمدن الأضواء إلى من يحسن الظهور بالصورة التي تليق بمشوار أبها الجديد .. وأحسسنا معها كيف سيكون حجم الانهيار الذي سيطول هذا الإنجاز .. ولم تكذب التوقعات وعاد في نفس العام إلى حيث يريده المحبين أن يكون ..!! .. ثم جاء دور الشاب المتحمس والمخلص سعد حامد الأحمري إلى سدة القيادة في النادي بعد الانهيار .. وكانت الروح في دماء الفريق الكروي مشتعلة وفيها بقايا العودة الجامحة من جديد لتكرار تجربة الصعود للمتاز .. يسابقها الكثير من العمل الجاد في المنظومة الإدارية حتى تحقق الصعود .. .. حينها انقلبت الموازين وحضرت اللاءات وحب الذات – كما توقعنا – في منظومته الإدارية من جديد إلى نفس السيناريو – مع فارق التكتيك – الذي أصاب إدارة ابن مجثل .. وانهار الفريق إلى حيث يريده (الانتقام) بالعودة لدوري الأولى ..!!! .. ما أريد أن أقول .. وما أريد أن أحضر به في هذه السطور .. ومن خلال تجربتنا المعمقة مع مراحل هذا النادي المسكين .. .. بأنه لم يعد هناك مساحة لتعزيز المثاليات بحب النادي والتلويح بالانتماء لهذه المدينة من بوابة نادي أبها .. .. ولم يعد هناك مساحة للصبر .. بتصفية الحسابات من خلال نادي أبها .. .. ولم يعد هناك مساحة للتدليس والخداع والتمرير والتحوير والتزوير وذرف المزيد من دموع التماسيح باسم الحب الذي يذوب فيك يا أبها .. .. فكل الأوراق أضحت مكشوفة وعارية لكل المراقبين والمتابعين لما يدور في تفاصيل نادي أبها منذ زمن الفاروق والصديق .. .. وعلينا إن كنا صادقين بالتعامل مع النادي الكبير بتطويع النقد البناء والصادق والنزيه والأمين لمصلحة النادي .. .. وعلينا أن نشيع بأن النادي ملك للجميع .. وننشر ثقافة التغيير بعيدا عن التدويل والتحنيط .. .. وعلينا أن نوثق بأن الكثير من الأسماء لم يعد يسمح لها الزمن بالمزيد من ارتكاب الأخطاء وإقناعنا بصلاحية البقاء .. إلا من خلال العمل المثمر والجاد .. وإلا فالرحيل هو أقرب الطرق للنجاة من مكاشفة التأريخ .. .. وعلينا في النهاية .. أن نقتنع بأن نادي أبها كغيره من أندية الدنيا .. هو مؤسسة حضارية وتربوية تنقل ثقافة المجتمع الذي يحتويه ويساهم في صناعة الأجيال نحو الفضيلة ولم يعد مكانا لتصفية الحسابات وإشاعة الفوضى والملاسنات . .. والله من وراء النية والمقاصد . ________________________ شاردة ________________________ .. مدينة أبها البهية .. استوعبتنا في زمن الجوع والخوف والحاجة .. فلماذا لا تستوعبنا الآن في زمن الطفرة والأمن والاستقرار .. وفي زمن الفكر والتعايش والتعليم ..؟! .. قاتل الله الجهل والحسد .. والانفراد بالرأي والقرار !!