تفصل مسافات محددة بين الجنسين في اليمن، فالمجتمع اليمني محافظ تحكمه تقاليد، لكنه يجد اليوم من يتمرد على عاداته ويتجاوز حدوده، وأبرز هؤلاء هم المتحرشون بالنساء. وربما يسهل على هؤلاء القول إن النساء وما يلبسنه هو سبب التحرش بهن، لكن المتشحة بالسواد من رأسها حتى أخمص قدميها، تتعرض لما تتعرض له تلك التي اختارت أن تلبس عباءة وغطاء للرأس، وذلك بشهادة شابات يمنيات تتفاوت درجة الحشمة في ملبسهن. التحرش دفع شابات يمنيات إلى تطوير أسلحة شخصية لمواجهته، وفقا لما نشرت صحيفة الحياة اللندنية وهي أسلحة تتجسد مثلا في دبوس إبرة تستخدمه الفتاة لتثبيت حجابها على رأسها، لكنه أيضاً سلاحها، إذا تحرش بها أحدهم في الشارع أو حافلة النقل العام. "أدميت يده طعنا"، تقول الشابة إيمان مستعيدة عن أول حادث تحرش تعرضت له: "كنت عائدة من الجامعة، ومرهقة"، عندما فوجئت بمن يتحرش بها في الحافلة. للوهلة الأولى لم تستوعب إيمان ما يجري: "جف الدم في عروقي ولم أقو على الحركة، ومن دون تفكير، سحبت دبوس كنت أثبت به طرحتي، أمسكت يد الرجل، وغرست الدبوس فيها مرات عدة إلى أن صاح من الألم وترجل من الحافلة". وتكاد سجلات أقسام الشرطة والمحاكم تخلو تماماً من بلاغات التحرش. وترجع الدراسات المحدودة المهتمة بقضية التحرش بالنساء، غياب البلاغات الرسمية إلى تخوف النساء على سمعتهن ومن إلصاق التهمة بهن. والأمر ذاته ينطبق على خدمة البلاغات عبر الرقم المجاني. ونشرت الجهات الأمنية قوات "غير مسلحة" تعرف بالشرطة الراجلة، في الأسواق والمناطق المزدحمة، خصوصا في أيام الأعياد والمناسبات مثل شهر رمضان، لكن ذلك كله لم يحد من التحرش بالنساء. وعلى رغم أن القانون اليمني ينص على حبس من يثبت تحرشه بامرأة، فإن العقوبة لا تطبق لعدم الإبلاغ عن مثل هذه الحالات من ناحية، ولصعوبة إثبات الواقعة من ناحية أخرى. أما إيمان، فمنذ تلك الحادثة، قررت أن يكون الدبوس سلاحها. وعلى رغم أنها لم تتعرض إلى حادث مماثل بعد ذلك، لا تزال محتفظة بالدبوس ولا تغادر منزلها من دونه، مؤكدة أنها لن تلجأ إلى الشرطة: "لا أخبر أهلي بما يحدث معي في الشارع، فكيف بالذهاب إلى قسم شرطة للإبلاغ؟ هذا غير وارد".