الوشاح الهندي الانيق المعروف باسم "دوباتا" هو رمز للتواضع الانثوي, لكنه يمكن ان يتحول الى سلاح فعال ضد المتحرشين. تقول ضابطة في الشرطة لتلميذاتها خلال جلسة تدريبية في نيودلهي "طوقن عنق المهاجم به, واشددنه نحوكن, ثم ادفعنه وستشاهدنه يسقط ارضا امام انظاركن". غالبا ما تتعرض النساء في الهند للتحرش الجنسي الكلامي وحتى للاعتداءات الجسدية مثل التلمس في الشوارع او في الحافلات والقطارات المكتظة. ووفقا للمكتب الوطني لإحصاء الجرائم, فقد افيد عن 200 الف حالة اعتداء على النساء عام 2008. لكن المسؤولين في المكتب يقرون بأن الكثير من النساء, وربما معظمهن, يمتنعن عن الابلاغ عن هذا النوع من الحوادث بسبب وصمة العار المرتبطة بضحايا التحرش الجنسي او حتى الاغتصاب. تصيح رادا شارما, مدربة الدفاع عن النفس في هذه الحلقة التدريبية الممولة حكوميا في دلهي "هيا ايتها النساء. تعلمن ان تصرخن, تعلمن ان تعترضن, وتعلمن صد المتحرشين". منذ اطلاق هذه الجلسات التدريبية عام 2002, تم تدريب 70 الف امرأة, بدءا من الطالبات ووصولا الى ربات المنزل, في اطار دروس مجانية تدوم عشرة ايام وتقام في المدارس خلال العطلة الصيفية. وتتعلم شابات يلبسن سراويل جينز ونساء يرتدين اللباس التقليدي او اثواب الساري الزاهية الألوان كيف يمكنهن الاستعانة بما يحملنه للدفاع عن انفسهن. وتشرح شارما "يمكن لقلمك ان يجرح ويخترق العضلات الطرية, ويمكن لدبوس شعر ان يخز, ويمكن لحقيبة ان تبعد المعتدي.او يمكنك ابداء ردة فعل قوية, ولكم الرجال الشبقين. كل هذه الاشياء مفيدة". الرسالة واضحة: قومي بكل ما يلزم كي تتجنبي ان تصبحي ضحية. وتضيف "استعملي قوتك لارباك مهاجمك واثارة صدمته. عضي, اخدشي, افقأي عينيه, واصرخي بأعلى صوتك في أذنه. اضربي اذنيه براحتي يديك, اركلي ركبتيه واربيته ورجله وكاحليه". وترى شارما ان هذه التصرفات العدائية باتت ضرورية, لأن دلهي تشهد اكبر عدد من عمليات الاغتصاب وغيرها من الجرائم ضد النساء بين المدن الهندية. وقد افاد المكتب الوطني لاحصاء الجرائم عن 396 حالة اغتصاب عام 2008, وغالبا ما تصف وسائل الاعلام دلهي بانها "عاصمة الاغتصاب". لكن هذه الارقام تقلل من اهمية المشكلة بسبب تردد الضحايا في الابلاغ عن الهجمات. ريتيكا موهان (18 عاما) التي حضرت الجلسات التدريبية مع امها وشقيقتيها تعترف بانها كانت تعجز عن صد تحرشات الرجال. تقول "الشهر الماضي, فيما كنت اسير وحدي, اوقف رجل دراجته وبدأ يدفعني لركوب الدراجة. تسمرت في مكاني وأجهشت بالبكاء. ان حصل الامر مجددا, لن ينجو بفعلته بهذه السهولة" مضيفة ان هذا الصف منحها ثقة اكبر بنفسها. تنتشر البرامج الخاصة لتعليم الدفاع عن النفس في مدن الهند وبلداتها الصغيرة, ما يدحض الفكرة النمطية بان النساء الهنديات خنوعات وعاجزات. تقول ناندا دلال لتلميذاتها في مومباي "ليس المهم حجم المرأة عندالمقاومة, بل حجم المقاومة لدى المرأة". وتعطي دلال دروسا خصوصية لمجموعات من 12 الى 15 تلميذة خلال الأمسيات وعطلات نهاية الاسبوع, لقاء ثلاثة آلاف روبية (65 دولارا) لحلقة دراسية من ستة ايام. وتقول "اي امرأة تتمتع بالمهارات والارادة اللازمة تستطيع الدفاع عن نفسها". ويبدو الجيل الجديد في الهند عازما على تجاهل قواعد السلوك التقليدية. تقول ريما رستاغي (23 عاما) خلال جلسة تدريبية في دلهي "لم عساي اعتمد على شخص لحمايتي؟ تعلمت ان اضرب بقوة. شقيقي لا يسمح لي بارتداء التنانير القصيرة لأن الشبان سيحدقون بي. اكره هذه القيود واريد التصدي لهذه المشاكل بنفسي". في كولكاتا, بدأ ضابط متقاعد في الجيش بتنظيم صفوف لتعليم الدفاع عن النفس بعدما تذمرت ابنته من تحرش احد المعلمين بها. وقد تبين للنقيب راموهان راي ان المشكلة تكمن في ثقافة الصمت السائدة. يقول "غالبا ما تتردد النساء الهنديات في اكتشاف قوتهن الجسدية, لذا نتبع مقاربة تدريجية معهن. صدمت عندما علمت ان معظم النساء الهنديات لا يبلغن عن الهجمات بسبب تورط احد الاقرباء او اصدقاء العائلة فيها". وتتعلم تلميذاته كيفية استخدام ادوات مثل رذاذ الفلفل وصولا الى سكاكين الجيب. لكن كالبانا فيسواناث, الباحثة في "جاغوري", وهي مجموعة تعنى بالدفاع عن حقوق النساء, قالت ان الدفاع عن النفس ليس سوى جزء من الكفاح في سبيل تحقيق المساواة بين الجنسين والعدالة. وشددت على ضرورة معالجة الاسباب الكامنة وراء التحرش. تقول "هذه البرامج لا تحل المشكلة الاساسية. يمكن للنساء ان يتدربن, لكن الرجال هم الذين بحاجة الى دروس حول كيفية التصرف".