«الإحصاء»: 12.7% ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    وطن الأفراح    حلاوةُ ولاةِ الأمر    حائل.. سلة غذاء بالخيرات    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    الشيباني يحذر إيران من بث الفوضى في سورية    رغم الهدنة.. (إسرائيل) تقصف البقاع    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    تعزيز التعاون الأمني السعودي - القطري    المطيري رئيساً للاتحاد السعودي للتايكوندو    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    مليشيات حزب الله تتحول إلى قمع الفنانين بعد إخفاقاتها    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    جدّة الظاهري    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    5 علامات خطيرة في الرأس والرقبة.. لا تتجاهلها    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    ارتفاع مخزونات المنتجات النفطية في ميناء الفجيرة مع تراجع الصادرات    وزير الطاقة يزور مصانع متخصصة في إنتاج مكونات الطاقة    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    أمير الشرقية يرعى الاحتفال بترميم 1000 منزل    الأزهار القابلة للأكل ضمن توجهات الطهو الحديثة    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    وهم الاستقرار الاقتصادي!    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    %91 غير مصابين بالقلق    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    البحرين يعبر العراق بثنائية ويتأهل لنصف نهائي خليجي 26    التشويش وطائر المشتبهان في تحطم طائرة أذربيجانية    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    حرس حدود عسير ينقذ طفلاً مصرياً من الغرق أثناء ممارسة السباحة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    ملك البحرين يستقبل الأمير تركي بن محمد بن فهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. محمد السعيدي في محاضرة ب \" منتدى العُمري\" الثقافي :يجب على المفتيين التأني في إصدار الفتاوى والرؤى الشرعية بعيداً عن ضغط الواقع
نشر في عاجل يوم 01 - 03 - 2010

أكد الأستاذ الدكتور محمد بن إبراهيم بن حسين السعيدي رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى بمكة المكرمة , في محاضرة له بعنوان : (مقومات التوازن الفكري) ، أن أول مقوم من مقومات التوازن الفكري هو امتلاك التصورات الصحيحة عن كل قضية يراد الحكم عليها سلبا أو إيجابا , والتصور إما أن يكون تصورا أوليا ساذجا كتصور الصور من جبال وأنهار وصحارى , أو تصورا معقدا وهو تصور المعاني كالحق والصدق والصواب والخطأ وتصور المغيبات كالجن والملائكة , مبيناً أن كل صنف من هذه التصورات يحتاج إلى جهد لامتلاكه يختلف عن الجهد المراد للصنف الآخر, وتأتي مشكلة التوازن الفكري حين يتعامل الذهن مع التصورات المعقدة بالطريقة نفسها التي يتعامل بها مع التصورات الساذجة , فيبذل في كليهما مجهودا ذهنيا متساويا , عند ذلك ستكون تصوراته في الأمور المركبة تصورات ساذجة .
وقال الدكتور السعيدي في محاضرته التي استضافها ( منتدى العُمري ) الليلة الماضية, في مقره بحي الفلاح بالرياض : إن الحصول على تصورات صحيحة هي أولى معطيات التوازن الفكري لأن التصورات هي مفردات التفكير كما أن الحروف هي مفردات اللغة, فجمع التصورات عند كثير من الكتاب أو فحصها عند نسبة أكبر من المستهلكين يتم بطريقة متقاربة في كل القضايا التي يتطرقون إليها ، مشيراً إلى أنه بعد جمع التصورات تأتي مرحلة إحداث النسبة بينها لتكوين ما يسميه المناطقة بالتصديق ، وكلما كانت التصورات ناشئة من مصادر صحيحة للتصور كانت أكثر مناعة عند النقد , وكذلك النسبة بينها أو النسبة بين التصديقات تعتمد مناعتها عند النقد على مدى صحة نسبة بعضها إلى بعض أو ترتب بعضها على بعض .
ووصف الدكتور السعيدي " التوازن الفكري " بأنه مصطلح جديد في تراثنا الثقافي ، وقال : إن الذين استخدموه مضافا إلى الفكر لم يقصدوا به معنى واحدا, فمنهم من يستخدمه كوصف إيجابي لعملية التفكير التي تؤدي إلى نتائج صحيحة , فهو عنده مرادف تقريبا لاستعمال المنطق في التفكير وذلك عن طريق البحث عن مقدمات صحيحة للوصول إلى نتائج صحيحة , ومنهم من يريد بهذا المصطلح المعطيات العلمية التي تبنى عليها الأفكار الصحيحة , ومنهم يريد به الفكر المتوسط بين طرفي النقيض أو بين الإفراط والتفريط فهو عند هؤلاء مرادف للوسطية , ومنهم من يعني بالتوازن الفكري :الفكر الذي هو عليه فأفكاره متوازنة وأفكار غيره مختلة , وهؤلاء طائفة غير قليلة ليس في فكرنا العربي المعاصر وحسب بل في الفكر والرأي العام العالميين .
وأضاف في السياق نفسه قائلاً : أما ما أعنيه هنا أي في هذا اللقاء بالتوازن ، فهو الابتناء على المعطيات الصحيحة في نظري لتكوين الأفكار , والاتزان لا يعني صواب الفكرة , بل صواب طريقة التفكير فإن من مفارقات الفكر: أن سلوك طريق واحدة فيه لا يؤدي بالضرورة إلى نتيجة واحدة , فإننا حين تستعرض كشافات الاصطلاحات العلمية القديمة تجد الناس بين عالم ومتعلم وجاهل وربما وجد في بعض الأوساط مصطلح المتكلم والفيلسوف , وفي العصر الحديث جد مصطلحان ليس لهما وجود -حسب علمي- في تراثنا القديم وهما الثقافة والفكر ويأتي منهما : المثقف والمفكر , ويحار الناس كثيرا في تحديد معناهما ومن ثم يحارون في مواضع إطلاقهما.
وأوضح المحاضر أن الحديث عن الفكر خاصة , أو من يتعاطى هذا المصطلح في ثقافتنا العربية المعاصرة يريدون به التصور الإجمالي والتفصيلي لواقع ما من حيث كنهه وعوامل تكوينه ومآلاته وطرق تحسينه وعلاج آفاته ، مشيراً إلى أن من مصادر التصورات هي (الحس) ، مصدر مقر من مصادر التصور , والتصورات الناشئة عن الحس هي أقوى التصورات على الإطلاق ولذلك كان استخدام القرآن الكريم للتصورات الحسية كثيرا في كمقدمات صغرى وكبرى للوصول إلى نتائج عقلية كما في قوله تعالى من سورة الغاشية: {أََفَلا يَنظُرُونَ إِلَى الابِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} ، ، و(الفطرة) ، وهي وإن كانت التصورات المنبعثة عنها أقل بكثير مما ينتج عن المصادر الأخرى إلا أنها تدل على أعظم مدلول وهو الله كما تدل على نسبة الخلق إليه سبحانه وتعالى ونفي الشريك عنه فهي تدل على الله تعالى تصورا وتصديقا.
وأضاف الدكتور السعيدي في ذات السياق أن من مصادر التصورات : (الوحي) وهو مصدر يكاد يكون وحيدا لتصورات مفردات عالم الغيب كالملائكة والجن والشياطين والجنة والنار والحوض والصراط ونعيم القبر وعذابه وبذلك يكون مصدرا وحيد أيضا لما يتعلق بها من تصديقات ، وهو أيضا مصدر وحيد لتصور مفردات الدين كالصلاة والصوم والزكاة والحج وهو أيضا مصر وحيد للتصديقات الناشئة عن نسبتها إلى بعضها .
واستطرد يقول : إن من تلك المصادر (الخبر الموثوق) وهو مصدر صحيح للتصورات شريطة أن يكون الموثوق منطلقا في نقله عن احد مصادر التصور الصحية المتقدمة ، ومن الطبيعي أن نسأل عن العقل : أليس هو أيضا مصدرا من مصادر التصورات ؟ ، والجواب : قد يتبادر إلى الذهن أن التصور هو عملية عقلية صرفة وهذا حق لكن التصورات موجودة .
وأبان المحاضر أن من أسباب الاضطراب الفكري اعتبار العقل مصدرا للتصورات فإننا نجد أن هناك فئة تقيم تصديقاتها على تصورات مصدرها العقل والحقيقة أن كل تصور مصدره العقل : ليس له وجود خارجي حقيقي فهو إما متخيل وإما موهوم ، مضيفاً أن الطرق الصحيحة لإحداث النسبة بين التصورات هي (العقل), وليس تقديمي للعقل هنا على اعتبار أنه أوثق الطرق للحصول على التصديقات , بل لأنه يمثل المجهود الذهني البشري الصرف ، مؤكداً أن التصورات القاصرة هي عبارة عن مقدمات خطأ , والمقدمة الخطأ لا يمكن أن تكون نتيجتها صحيحة أبدا حتى لو توافقت مع الصواب , لأن كل نتيجة متعلقة بمقدماتها حتما, فإذا توافقت النتيجة ذات المقدمات الخاطئة مع الصواب فإنها لا يمكن أن تكون صوابا لأنها ستكون مرتبطة بمقدماتها ارتباط الفرع بالأصل , كما أن النتيجة الصواب الناشئة عن مقدمات صحيحة مرتبطة بمقدمتها على النحو ذاته .
وقال المحاضر : إن الأخطاء في نسبة التصورات إلى بعضها قد تكون لقصور في التصور, أو لاستنتاجات كلية أو أغلبية من مقدمات جزئية ، وكذلك استنتاجات جزئية بناء على مقدمات كلية أو أغلبية ، فالأول كالحكم بأن ركوب الطائرة مغامرة بناء على حالة أو حالات من الخطر ، فالحكم الكلي والأغلبي له طرق لا بد من التوصل إليه عبرها ، منها (الوحي) ، مشيراً إلى أن من طرق الحكم الكلي الاستقراء التام وهو تتبع جميع الجزئيات في أمر ما للحكم بكلية تعلق وصف فيه ، أما الاستقراء الناقص فهو تتبع ما يكفي من الجزئيات للحصول على ظن بكلية هذا الحكم على جميع الجزئيات .
وواصل المحاضر حديثه بقوله : إن من الطرق الصحيحة لإحداث النسبة بين التصورات الوحي المنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - بنوعيه , فهما كما يحتويان على أوامر ونواهي إلهية يشتملان أيضا مجموعة كبيرة جدا من التصديقات حسب اصطلاح المناطقة , وهي تقدم للإنسان ما ينبغي أن يعتنقه من رؤى يقينية للكون بعالميه : الغيب والشهادة , وذلك بإعطاء أجوبة ربانية لجميع الأسئلة التي لا تزال عند من لا يملكون إيمانا حقيقيا بالوحي تعبر عن مشكلات بل معضلات فلسفية يسميها بعضهم الميتافيزيقا .
وأعرب المحاضر عن تقديره أن تباطؤ حركة الإبداع العلمي عند المسلمين رغم ابتكارهم للمنهج التجريبي كان من تأثير تعلق فلاسفتهم بالحيرة اليونانية وانشغالهم بمعالجة قضاياها في غفلة غير مبررة عن الهدي القرآني في حل تلك الإشكالات , بينما كان لتأثر آباء النهضة الحديثة –ديكارت وكانت - بالإجابات الإسلامية عن ما وراء الطبيعة دور كبير في تسارع التقدم الأوربي بالإضافة إلى عوامل كثيرة أخرى لعلها قد درست من قبل متخصصين في تاريخ النهضة , منبهاً إلى أنه لا يملك معطيات علمية لتأثر ديكارت وكانت بالفكر الإسلامي سوى ما أجده بينهما وبينه من تقارب في بعض مسائل الألوهية ومصادر المعرفة , مع أنني أضع في الاعتبار كثيرا أن يكون التقارب هو بتأثير من دواعي الفطرة التي أظن أن ديكارت وكانت كانا أول من أدخلاها -أي الفطرة- في الفكر الأوربي .
وأكد الأستاذ الدكتور محمد السعيدي رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى بمكة المكرمة جزمه على أن من التهالك الفكري الرجوع بالعقل إلى الوراء في محاولة مناقشة قضايا محسومة قرآنيا بشكل قطعي , وذلك في دعوات نسمعها تتصاعد هنا وهناك مطالبة بدراسة الفلسفة وتدريسها بل إن هناك مشاريع قائمة الآن لإحياء الفلسفة في بلادنا , هذه الفلسفة التي قامت بدورها المشكور قبل ألفي عام ولم تعد الآن قادرة على أن تقدم للإنسانية أي شيء مفيد بعد أن استقلت عنها جميع العلوم التجريبية ، إضافة إلى علم النفس والاجتماع والجغرافيا والتاريخ ولم يبق في فنائها سوى القضايا المتعلقة باللاهوت وعالم الغيب وهي قضايا يجب علينا التسليم بأنها قد انفصلت عنها منذ ألف وأربعمائة عام حين قدم القرآن أجوبة قاطعة لجميع مشكلاتها .
ولفت المحاضر إلى أن (الوحي) يقدم منهجا متكاملا للحياة يؤسسه على حقيقة أن الإنسان عبد لله اضطرارا ويجب أن يكون عبدا لله اختيارا , والاستعباد هنا ليس تحكما إلهيا في الأفعال فقط, بل في الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة التي منها الفكر , فالفكر ينبغي أن يكون محدودا بمساحة ما سكت الشرع عنه , وهذا أيضا ينبغي أن لا يتجاوز الفكر فيه قيود الشرع ، مورداً العديد من الأمثلة في مجالات التعليم والإعلام والتنمية والاقتصاد والخدمات والعمل والسياسة والسياحة والعلاقات الدولية والاجتماع والدعوة والفنون وكل ما يتفرع عن هذه العناوين ، بل والبيئة والتصنيع أيضا كلها نطاقات شملها الوحي بالضبط والتحديد إما إجمالا ككل ما يتعلق بالأنظمة , أو تفصيلا ككل ما يتعلق بالفرد وعلاقته بالخالق والمخلوقين ، وهذا ما أعنيه بالشمول في خطاب الوحي , وهو شمول عرفناه باستقراء نصوص الوحي من الكتاب والسنة , يجعلنا الإيمان به نتحرى أن لا نجتهد في صياغة أي فكرة قبل أن نبحث عن الضوابط الشرعية لها أو للنوع الذي تندرج فيه .
وشدد الدكتور السعيدي على أن حياة الإنسان اليومية مضبوطة بخطاب الشرع طيلة يومه وليلته ، حيث لا يخرج عمل من أعماله عن أن يكون له حكم في الشريعة الإسلامية , وهذا ما يجعلنا نعيد النظر فيما يقال إن الإسلام دين حرية , معتقداً أن هذه العبارة ليست أصيلة في تراثنا الإسلامي وإنما جاءت في معرض الرد على الحملة العلمانية الماسونية التي جعلت شعارها العدل والحرية والمساواة , فجاء جوابنا أن الإسلام يكفل للمسلم حرية منضبطة بضوابط الشرع , لكننا حين نتأمل ضوابط الشرع نجدها والحمد لله كثيرة وكثيرة جدا بحيث لا يمكن إقناع أحد أننا معها يمكن أن نكون أحرارا .
وأوضح – في السياق نفسه - أن الحرية في النهاية هي عبادة النفس وتأليه الهوى كما في قوله تعالى : {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً } ، وقال : إن الإسلام أمرنا بالخروج من ذلك إلى الدخول في عبوديته سبحانه تلك العبودية التي لا يمكن للإنسان معها أن يكون حرا مطلقا ولا حرا بضوابط ولو كانت ضوابط الشريعة , لأن الحرية مصطلح له أبعاده الفلسفية وهو بهذه الأبعاد لا يمكن أن يتوافق مع ضوابط الشريعة إلا من حيث دلالته في لغتنا العربية , ولا يخفى أن المصطلحات غير مرتهنة بدلالتها الأصيلة في لغاتها, وحين نقول إن الإسلام أعطانا الحرية المنضبطة بضوابط الشرع فإننا نتنازل عن المصطلح الأشرف والأسمى والأكثر تأثيرا في النفوس وهو الاستعباد الخالص لله إلى مصطلح ملفق من نتاج الماسونية ومشاعرنا الدينية ونحن نريد مصطلحا صريحا إسلامي الأصل والمنشأ والولادة .
وأضاف فضيلته أنه حين نرسخ مفهوم الاستعباد التام لله تعالى فإننا نرسخ أيضا واجب التسليم لله عز وجل ولأمره ونهيه والرضي بما أمر كتسليمنا بما قسم وقدر ، فالتسليم لله تعالى هو وحده الكفيل بالقضاء على كل مطالبة تخالف النص وتستند إلى ما يعرف بحقوق الإنسان ويجد المتحمسون لها أصلا في مقاصد الشريعة العامة ، نعم نحن نشعر بكفاية الإسلام وبالراحة في تعاطينا لأمور الحياة وفق تعاليمه لكن ذلك ليس للحرية بل لما في شرف الاستعباد لله تعالى من الفرج واليسر وصلاح أمر الدنيا بصلاح الدين.
ونبه الدكتور السعيدي إلى أن ممن تطرف في الحرية الذين هم من جاؤا بهذا الاصطلاح الغربي نفسه ، فطالب بالليبرالية الإسلامية والغالب على هؤلاء أنهم غير متحمسين للتسليم للإسلام وإنما يحاولون ترويج معاناتهم الهوائية نسبة للهوى لا للهواء بإضافة الإسلام كتذكرة عبور إلى مجتمعاتنا لا أكثر من ذلك .
وشرح المحاضر أن (الوحي) بنوعية الكتاب والسنة نزل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مخاطبا فيه كل الناس وكل المؤمنين به وكما أنهم يؤمنون به إجمالا وتفصيلا فإن خطابه تعالى لهم إجمالا وتفصيلا وكما أن كل الأمة مجتمعة مخاطبة بالوحي فإن كل فرد من أفراد الناس مخاطب على حدة بهذا الوحي , والكل مطالب بتدبره وتأمل أوامره ونواهيه ليس ذلك لأحد دون أحد العلماء والعامة على حد سواء وتدبر القرآن لا يكون صحيحا إلا بقراءته كاملا ورد بعضه إلى بعض وتفسير بعضه ببعض وكذلك السنة عه لا يكون تدبرها إلا بر بعضها إلى بعض وإلى القرآن.
وأشار الدكتور السعيدي إلى أن من الأمور التي يتفاضل فها الناس في استنباط الأحكام من مصادر مدى إحاطتهم بهذه العلوم فكلما كانت آلة الإنسان من هذه العلوم أكبر كان أقدر على استنباط الأحكام , لا يصدرون في إبداء الأحكام عن استفراخ للوسع في دراستها كما هو المفترض فيهم , بل يقعون في أحكامهم تحت تأثير أحد أمرين: إما ضغط الواقع أو الخوف من الواقع , وهما مؤثران خطيران جدا على مكانة ما يصدر عنهم من فتاوى وآراء , والحق في هذا السياق أن يكون التأني في فهم الواقع وتقدير حاجاته تقديرا صحيحا بعيدا عن ضغطه أو الخوف منه هو المرحلة الأولى في إعطاء الحكم فيما يستجد فيه من مسائل , وهذا الأمر- أي فهم - وإن كان الكل يدعيه لكن الشواهد تشير إلى أن الكثير بعيدون عنه .
وتطرق المحاضر إلى مسألة فهم الواقع الذي يحتاج أولا إلى الوعي بتاريخ المجتمع الفكري وهو تاريخ تشترك في تكوينه لدى كل الأمم جذورها العرقية وبنيتها الاجتماعية ومصادرها الدينية ومراحلها الاقتصادية والسياسية في كل ما مر عليها من أعصار , وعدم استكمال ذلك في معرفة تاريخ الأمة الفكري سيؤدي حتما إلى معرفة مشوهة بهذا التاريخ , وإلى استنتاج مغلوط للواقع الفكري ، كما يحتاج فهم الواقع ثانيا إلى تصور صحيح لما يحيط بالأمة من مخاطر , لأن المبالغة في تقدير الأخطار إما أن توقع في اليأس والتشنج والاضطراب وإما أن توقع في المبالغة في التعبئة لهذه الأخطار وكلا الأمرين ينحيان الفكر بعيدا عن استيعاب الحقيقة والحكم بها .
وأضاف فضيلته في ذات السياق أن مما نحتاج إليه في فهم الواقع معرفة حقيقة احتياجات الناس لتسيير شؤون حياتهم ومطالبهم الآنية وآمالهم وطموحاتهم المستقبلية وعدم معرفة ذلك على وجه الحقيقة يمنع من تلبية المستقيم من هذه المطالب , كما يحول دون تصحيح المعوج منها ومعالجة أسباب الاعوجاج ، أما تغير الفتوى بتغير الأزمان والأمكنة , فذلك متعلق بالفتاوى التي مستندها العرف والعادة على فيبقى الحظ الأوفر والنصيب الأكمل في استنباط الأحكام إلى النصوص المحكمة كتابا وسنة وما ينبثق عنها من أدلة كالإجماع والقياس.
وفي هذا الصد ، بين الدكتور السعيدي أن مقاصد الشارع لا يجوز اتخاذها دليلا ابتداء , بمعنى أنه لا يجوز للمفتي أن يحكم بإباحة أمر أو تحريمه وليس له سند إلا ظنه أن إباحة هذا الأمر أو تحريمه تلبي مقاصد الشارع من التشريع، وقال : إننا مع قولنا بأن أحكام الله تعالى معللة بالحكمة فإننا لا نقطع بالحكمة إلا إذا كانت منصوصة , أما الحكم المستنبطة فهي مضمونة أو موهومة مستندها التدبر المحض , أي أن مصدر القول بها هو العقل ولا يجوز أن يكون العقل مصدرا للأحكام مطلقا .
وأكد المحاضر أن كل ما يرد عل العباد من نوازل لا بد أن نجد في الشرع ما يثبته أو يلغيه , فإننا نسير وفق ما تقدم الحديث عنه من ثبوت شمول الشريعة ربه ينقطع الطريق أيضا أمام من يحاول اتخاذ البراءة الأصلية دليلا منفصلا عن النصوص يتيح لهم فرصة الحكم بإباحة ما تزينه لهم الأهواء سعيا وراء عصرنة الدين ، مشيراً إلى أن الأصل في الأشياء الإباحة قول مقيد بالمنافع , ولا يصح استخدامه هكذا مطلقا , إذ من الأشياء ما يكون الأصل فيها التحريم لا الإباحة وهي التي تعود بالضرر على النفس والمجتمع ، وحين نريد التعرف على المنافع والمضار لا بد أن تكون نصوص الشرع هاديا لنا في معرفة كنه الأشياء ، وبأن ما يعود بالنفع على دين العبد ويعود بالضرر على دنياه لا وجود له مطلقا , وإن توهمه العبد فليس حقيقة في نفس الأمر.
ولفت الدكتور السعيدي النظر إلى أنه عند علماء الأصول : أن العامي لا يجوز له الترجيح بين أقوال المجتهدين وإنما يجب عليه الرجوع إلى من يفتيه في مسألته , كما أنه لا يجوز له التنقل بين الأقوال تشهيا بل لا بد للمقلد من التحري في من يستفتيه فإذا أفتاه فقد لزمته الفتوى .
ونبه المحاضر - في ختام محاضرته - إلى أنه مما لا يحسن إغفاله من أسباب الاضطراب الفكري أمراض النفوس من الهوى واتباع الشبهات والشهوات والحسد والحقد والمنافسة على الدنيا والرياء والتحبب إلى الأتباع أو الرؤساء , فكل هذه الأمور وغيرها من أدواء النفوس تحول دون تحري الحق.
من جدكم اقرا ذا المكتوب كله وربي انكم مو صاحين
انا لو اقرا هذا كله ادخل موسوعة قينس لافضا سعودي جالس يقرا
اخر مره اشوف موضوع اكثر من خمس سطور
كلامي واضح
هذا الشغل والا بلاش
عائلتنا للأسف تجتمع في السنه مره ولا احد يستفيد شي ولا ثقافه ولا معلومه
ماغير يأكلون اللقمه وينصرفون .
الأعوام السابقه هذه العائله تقوم بتوزيع الجوائز على المتميزين والمتفوقين
الله عليكم لله دركم يالعمري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.