على الرغم من أن المنتخب السعودي لكرة القدم غاب عن البطولات السبع الأولى في بطولة كأس آسيا، فإنه فرض نفسه بقوة كأحد أبرز الفرق المشاركة في البطولة على مدار تاريخها. ولم يستغرق المنتخب السعودي "الصقور الخضر" وقتًا طويلا ليترك بصمته في تاريخ البطولة، حيث أحرز اللقب القاري في أول مشاركة له بالبطولة الآسيوية في عام 1984، ثم أتبعه باللقب الثاني في البطولة التالية مباشرة التي أُقيمت عام 1988، لكنه لم يوفق في البطولة التالية عام 1992، ليحتل المركز الثاني قبل أن يستعيد اللقب في بطولة عام 1996. وأصبح الأخضر واحدًا من ثلاثة منتخبات فقط أحرزت اللقب ثلاث مرات على مدار تاريخ البطولة، حيث يشترك معه في هذا منتخب إيران الذي فاز بالكأس ثلاث مرات، ومنتخب اليابان الذي أحرز اللقب أربع مرات. غير أن المنتخب السعودي يتفوق على جميع المنتخبات التي شاركت في البطولة الآسيوية من حيث عدد مرات الوصول للمباراة النهائية، حيث بلغ النهائي في ست من ثماني مشاركات له بالبطولة حتى الآن، وتوج باللقب في ثلاث مرات، ولم يحالفه الحظ في مثلها، حيث حل ثانيا في أعوام 1992 و2000 و2007. ومنذ تأهله للنهائيات للمرة الأولى في عام 1984، لم يغب المنتخب السعودي عن المشاركة في البطولة، حيث يخوض الفريق النهائيات للمرة التاسعة على التوالي عندما تقام فعاليات البطولة السادسة عشر في ضيافة أستراليا. ولكن الأهم هو أن الأخضر كان ولا يزال ضمن المرشحين لإحراز اللقب في كل بطولة خاضها بالبطولة. ولهذا، يضع المنتخب السعودي صوب عينيه هدف الوصول للنهائي الذي سيقام نهاية الشهر الجاري. ويضاعف من رغبة الفريق في إحراز اللقب عدة عوامل تضافرت على مدار السنوات الماضية، أبرزها غياب الفريق عن آخر نسختين لبطولات كأس العالم حيث فشل في التأهل للبطولة عام 2010 بجنوب إفريقيا و2014 بالبرازيل بعدما شارك في النهائيات أربع مرات متتالية. كما ودع الأخضر فعاليات البطولة الماضية من كأس آسيا مبكرا وخرج من الدور الأول للبطولة عام 2011 بقطر، قبل أن يهدر الفرصة الذهبية لاستعادة لقبه الخليجي عندما استضافت العاصمة الرياض فعاليات بطولة كأس الخليج الثانية والعشرين (خليجي 22) في نوفمبر 2014. كل هذه العوامل تضافرت لمنح المنتخب السعودي الدافع القوي للبحث بقوة عن التتويج في النسخة الجديدة من البطولة الآسيوية أو على الأقل الوصول بعيدا في الأدوار النهائية لها. وربما خدمت القرعة الصقور الخضر حيث أوقعتهم في المجموعة الثانية متوسطة المستوى التي تضم معهم منتخبات أوزبكستان وكوريا الشمالية والصين، مما يجعل الأخضر مرشحا بقوة للعبور من هذه المجموعة إلى الأدوار الفاصلة. لكن في المقابل، لم تكن استعدادات الفريق للبطولة بالقدر المطلوب وساهم في ذلك عدم استقرار الإدارة الفنية للفريق والتي شهدت تغييرا جذريا قبل أقل من شهر على انطلاق مسيرة الأخضر في كأس آسيا. ولم يكن رحيل المدرب الإسباني خوان لوبيز كارو من تدريب الفريق مفاجأة كبيرة، لا سيما أنه لم يحظ بالتأييد الجماهيري أو الإعلامي منذ توليه المسؤولية في مطلع عام 2013 خلفا للهولندي فرانك ريكارد. ومع بداية مسيرة الفريق في خليجي 22 وعدم تقديم العروض القوية، تزايدت نغمة رحيل المدرب لاسيما وأن المنتخب السعودي اشتهر على مدار السنوات الماضية بأنه من أقل المنتخبات صبرا على المدربين. ولهذا، كانت الهزيمة أمام المنتخب القطري في نهائي خليجي 22 بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير وأكدت رحيل لوبيز كارو، ليسند الاتحاد السعودي للعبة قيادة الفريق إلى الروماني كوزمين أولاريو الذي ترك تدريب أهلي دبي الإماراتي ووافق على قبول المهمة الصعبة في توقيت عصيب، لكنه يمتلك الخبرة لقيادة الفريق بنجاح في البطولة الآسيوية. وأكدت "خليجي 22" أن المنتخب السعودي يمتلك العديد من المواهب الرائعة في مختلف المراكز بالفريق وأن هذه المواهب تحتاج فقط إلى التوظيف الجيد، حيث كانت سمة الأداء في البطولة الخليجية هي الحلول الفردية بعيدا عن الأداء الخططي المنظم الذي كان الفريق في أمس الحاجة إليه خاصة في المباراة النهائية. وأصبح على الفريق ومدربه قبول التحدي الصعب في البطولة الآسيوية والبحث عن الذات في أستراليا، لأن مصالحة الجماهير لن تكون عن طريق النتائج فقط وإنما بتقديم عروض قوية تعيد للأخضر هيبته على الساحة القارية، وتؤكد جدارته بالترشيحات التي تسبقه دائما إلى كل بطولة يخوضها. ويمتلك كوزمين العديد من العناصر المؤثرة بالفريق وفي مقدمتها المهاجم نايف هزازي وفهد المولد ويحيى الشهري وحارس المرمى وليد عبد الله وأسامة هوساوي وسعود كريري وتيسير الجاسم وناصر الشمراني الفائز بلقب أفضل لاعب آسيوي لعام 2014 . والحقيقة أن الفريق شق طريقه إلى النهائيات دون عناء، حيث تصدر المجموعة الثالثة في التصفيات والتي ضمت معه كلا من العراق وإندونيسيا والصين، وحقق المنتخب السعودي الفوز في خمس مباريات وتعادل في مباراة واحدة. كما خدمته القرعة بوقوعه في مجموعة متوسطة المستوى حيث يستهل الفريق مسيرته في البطولة بلقاء المنتخب الصيني الذي التقى معه في التصفيات أيضا فكان الفوز من نصيب الأخضر ذهابا ثم تعادل الفريقان إيابا، كما تضم معهما المجموعة كلا من المنتخبين الكوري الشمالي والأوزبكي الذي يلتقي الأخضر في ختام مباريات المجموعة. ويحتاج الأخضر للفوز بأول مباراتين له ليضمن التأهل إلى الدور الثاني "دور الثمانية"، قبل المواجهة الصعبة مع منتخب أوزبكستان التي ينتظر أن تكون حاسمة على صدارة المجموعة. وإذا عبر المنتخب السعودي هذه المجموعة دون مفاجآت، سيكتسب الفريق ثقة قد تساعده كثيرا في الخطوات التالية نحو تحقيق حلم الفوز باللقب الرابع لمعادلة الرقم القياسي المسجل باسم المنتخب الياباني في عدد مرات الفوز باللقب الآسيوي.