ربما يحظى المنتخب السعودي لكرة القدم بنصيب الأسد بين المنتخبات الخليجية من التألق على الساحة الدولية بفضل مشاركته في بطولات كأس العالم 4 مرات سابقة، ولكن تألقه عالمياً لم يترجم إلى سطوة ملموسة في بطولات كأس الخليج على مدار أكثر من 4 عقود من المشاركات في البطولة. ورغم كون فكرة البطولة، مثل عدة بطولات أخرى، من بنات الأفكار السعودية وإن حملت البحرين عبء إخراجها لحيز التنفيذ، لم تكن للكرة السعودية السيطرة والهيمنة المتوقعة والمنتظرة على بطولات كأس الخليج. ومن بين 21 نسخة أقيمت فعالياتها حتى الآن، كان التتويج من نصيب الأخضر السعودي في 3 فقط من هذه النسخ، وهو ما يلقي دائماً بعلامات الاستفهام أمام مشاركات الفريق في هذه البطولة. ورغم ذلك، لم يكن المنتخب السعودي بحاجة إلى إحراز اللقب الخليجي أكثر من حاجته الآن للتتويج باللقب في النسخة 22 التي تستضيفها العاصة السعودية الرياض من 13 إلى 26 نوفمبر الحالي. بل إن مصير الفريق في البطولة قد يكون حداً فاصلاً بين مرحلة وأخرى في تاريخ ومسيرة الأخضر، خاصة بعدما فشل الفريق في بلوغ كأس العالم 2014 في البرازيل، حيث ودع التصفيات من الدور الثالث قبل النهائي. وتمثل خليجي 22 الفرصة المثالية لاستعداد الفريق ببطولة رسمية قبل المشاركة في بطولة كأس آسيا 2015 التي تستضيفها أستراليا في يناير المقبل. والأكثر من ذلك أن البطولة الخليجية المرتقبة أصبحت بمنزلة الفرصة الأخيرة أمام الإسباني خوان لوبيز كارو المدير الفني للفريق ليعزز موقفه ويحظى بتأييد شعبي وإعلامي قبل الكأس الآسيوية. وتولى كارو تدريب الفريق خلفاً للهولندي فرانك ريكارد الذي رحل من المنصب بعد الخروج من الدور الأول لخليجي 21 في مطلع عام 2013. وقاد لوبيز الأخضر لبلوغ نهائيات كأس آسيا 2015 بجدارة بعد الفوز في 5 من مبارياته الست في التصفيات، والتعادل في مباراة واحدة، ولكنه يحتاج لتدعيم وضعه والحصول على تأييد وثقة المشجعين السعوديين بإحراز اللقب وقيادة الفريق إلى عروض قوية تستعيد بريق الأخضر قبل خوض البطولة الآسيوية التي تنطلق فعالياتها بعد شهرين فقط. ويأتي الأخضر دائماً بين أقوى المرشحين لإحراز اللقب الخليجي لما يتمتع به من وجود عديد من النجوم المتميزين بين صفوفه، إضافة للخبرة الكبيرة التي يتمتع بها والإمكانات الهائلة المتوفرة للفريق، ومنها قوة الدوري السعودي. وعلى مدار 20 مشاركة سابقة للفريق في البطولة، أحرز الأخضر كأس البطولة 3 مرات في أعوام 1994 و2002 ومطلع عام 2004. كما نجح الفريق في الرد على الانتقادات التي وُجهت إليه بعد الفشل في بلوغ نهائيات كأس العالم 2010 بجنوب إفريقيا، ووصل للمباراة النهائية في البطولة قبل أن يسقط أمام نظيره الكويتي صاحب الرقم القياسي في عدد مرات الفوز باللقب. ولكنه سيكون مطالباً أمام جماهيره هذه المرة بإحراز اللقب لإنقاذ ماء وجه الكرة السعودية في المحفل الخليجي بعدما غاب الأخضر عن منصة التتويج منذ عام 2004، علماً بأنه فاز بمركز الوصيف في بطولتي خليجي 19 و20، ولكنه فشل في عبور الدور الأول لخليجي 21 في البحرين. وإذا نجح الفريق في الفوز باللقب الخليجي على أرضه في الأيام المقبلة سيكون هذا بمنزلة المصالحة لجماهيره والرد على الانتقادات بعد فشل الفريق في بلوغ المونديال البرازيلي. ورغم تأخر فوز المنتخب السعودي بأول كأس له في تاريخ البطولة منذ انطلاقها عام 1970 إلى البطولة 12 عام 1994، كان الأخضر دائماً في الصفوف الأمامية، حيث فاز بالمركز الثاني أعوام 1972 و1974 و1998 و2009 و2010، وبالمركز الثالث أعوام 1970 و1979 و1984 و1986 و1988 و1992 و1996، أي أنه كان من بين المراكز الثلاثة الأولى في 15 من 20 بطولة شارك فيها. ويحرص المنتخب السعودي دائماً على المشاركة بقوته الضاربة في كأس الخليج، خاصة أن فكرة البطولة سعودية المنشأ، وكان الأمير خالد الفيصل أول من نادى بها قبل أن تبدأ البحرين في تنفيذ أولى الخطوات الرسمية في طريق إقامتها. ورغم الثقة المتوسطة لجماهير الأخضر في مدربهم الحالي لوبيز، الذي تولى تدريب الفريق بعدما عمل في الماضي مديراً فنياً للاتحاد السعودي للعبة، إلا أنه قاد الفريق بجدارة لنهائيات كأس آسيا 2015 بعد فترة قصيرة من توليه المسؤولية، ونجح في الاختبار الأول له مع الفريق رغم افتقاده الدعم الإعلامي المناسب. وإلى جانب تصفيات كأس آسيا، كان انتظام الدوري السعودي ومشاركة عدد من الأندية في بطولتي دوري أبطال آسيا وكأس الاتحاد الآسيوي وعبور الهلال للنهائي في دوري الأبطال هو أفضل استعداد لعدد من نجوم الأخضر. كما اعتمد لوبيز على بعض المباريات الودية متفاوتة المستوى ضمن برنامج إعداد الفريق للبطولة الخليجية، حيث كانت أبرز هذه المباريات أمام منتخب أوروجواي وانتهت بالتعادل 1-1، بينما خسر الفريق 2-3 أمام نظيره الأسترالي. كما فاز على نظيره الفلسطيني 2-0، وتعادل مع لبنان 1-1، ويضم الأخضر بين صفوفه حالياً مجموعة من أبرز النجوم الذين يمزجون بين الخبرة وعنصر الشباب مثل ناصر الشمراني ونايف هزازي وسعود كريري ومصطفى بصاص. ويستهل المنتخب السعودي مسيرته في البطولة بمواجهة صعبة مثيرة قد تحسم بشكل كبير شكل المنافسة، حيث يلتقي المنتخب القطري. وبعدها يخوض المنتخب السعودي المباراة الثانية أمام البحرين، ثم اللقاء السهل منطقياً أمام نظيره اليمني في ختام مسيرته في الدور الأول.