"المصائب لا تأتي فرادى كالجواسيس، بل سرايا كالجيش"، مقولة للكاتب الإنجليزي الأشهر وليم شكسبير، ربما تنطبق إلى حد ما على الجرائم التي تعرض لها عدد من المبتعثين السعوديين مؤخرا، إذ أخذت الأنباء السلبية تتوارد عنهم، بين مقتول ومطعون ومدهوس، وسط تساؤلات عن أسباب ارتفاع معدل هذه الجرائم البشعة. وانطلاقا من شهر يونيو الماضي، حيث جاء حادث مقتل ناهد المانع ، وهي القضية التي لم تطو صفحاتها بعد، حيث مازال القاتل حرا طليقا، دون أي دلائل تؤكد قرب التوصل إليه أو جدية التحقيقات.. ولربما كان هذا أحد أسباب التساهل في ارتكاب الجرائم ضد عدد من المبتعثين الآخرين. ناهد المانع بريطانيا يونيو 2014 وكانت البداية في بريطانيا مع ناهد المانع(31 عامًا) ، وهي المبتعثة المغدورة، وبعد فترة قضتها في بريطانيا مدتها ستة أشهر، عثرت الشرطة على جثتها ملطخة بالدماء على جانب حديقة سالاري بروك تريل يوم الثلاثاء (17 يونيو 2014) في تمام الساعة 10:40 بتوقيت بريطانيا. وأعلنت رسميًّا بعد انتهاء التشريح أن السبب وراء الوفاة هو الجروح التي أصابت المجني عليها بسبب طعنات السكين، وأوضحت أن الجاني أصاب الفتاة بجرحين غائرين كانا كافيين للقضاء على حياتها، إلا أن مجمل ما تلقته الضحية 16 طعنة في أماكن متفرقة من الجسد: الرقبة والرأس والذراع. ومنذ يونيو الماضي والدافع وراء الجريمة مجهول، وإن كان البعض قد أثار أن المبتعثة قد تكون تعرضت للطعن بسبب حجابها وزيّها الإسلامي الذي ربما يكون استفزّ الجاني، فيما استبعد آخرون هذا السبب وعزوا الجريمة إلى غياب الأمان في المقاطعة التي قُتلت بها، لا سيّما أن الشرطة مازالت تكثّف عمليات بحثها عمن طعن البريطاني جيمس أتفيلد (33 عامًا وأب لخمسة أطفال) 102 طعنة قبلها في نهاية مارس الماضي في المنطقة نفسها، الذي تقول إن الصور التي التُقطَت لجناة محتملين في قضيته، ضبابية وغير واضحة. عبد الله القاضي لوس أنجلوس سبتمبر 2014 ثم كان الموعد مع الولاياتالمتحدة، وتحديدًا ولاية لوس أنجلوس، حيث المبتعث عبد الله القاضي(23 عامًا)، والذي أعلن عن أنه مفقود الأربعاء (17 سبتمبر 2014)، بعد آخر مرة شوهد فيها حينما كان يحاول بيع سيارته من طراز "أودي" بقيمة 36.5 ألف دولار. لتُعلن وسائل الإعلام الأمريكية صباح السبت (18 أكتوبر 2014) نبأ العثور على بقايا جثمان المبتعث السعودي عبد الله القاضي في منطقة صحراء بالم ديزرت، بالقرب من جسر "شارع كوك" على الطريق السريع، والتي تبعد عن منزله في نورث ريدج بحوالي 150 ميلا (حوالي 241 كيلومترا)، أي بمسافة زمنية قدرها 3 ساعات بقيادة السيارة، بعد التحريات التي شارك فيها مكتب التحقيقات الفيدرالي منذ الإبلاغ عن اختفائه. ولاحقًا، ألقت الشرطة الأمريكية على مشتبه به في قتل المبتعث المغدور القاضي، وهو الشخص الذي كان قد التقى بعبد الله ليشتري منه السيارة، وهو أوجستين روسيندو فرناندس (28 سنة)، وهو أمريكي مكسيكي الأصل من مدينة "لونج بيتش" في ولاية نيويورك، وتم احتجازه مشروطًا بكفالة قيمتها مليون دولار للإفراج عنه إلى حين محاكمته هو وشريك آخر له لم تتم تسميته بعد، ولا أفصحت الشرطة عن أي تفاصيل بشأنه، سوى قولها إنها أطلقت سراحه مع استمرار التحقيق بدوره. محمد البادي تينيسي أكتوبر 2014 ولم يكد المجتمع السعودي يفيق من الأزمات التي ألمت بالمبتعثين، حتى جاءت فاجعة مقتل المبتعث محمد البادي الذي دهسه زميله المبتعث م. ح. (20 عامًا) قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة متأثرا بإصابته فجر يوم السبت (18 أكتوبر 2014) بمدينة كوكفيل بولاية تينيسي الأمريكية، وكان قد بقي على تخرجه سنة واحدة قبل أن يتوفاه الله. وقالت أسرة البادي إن ابنها قضى في حادث متعمد تسبب فيه المبتعث الآخر، الذي تعرف عليه البادي، قبل 3 أسابيع من وقوع الحادثة، والذي يقبع الآن في أحد السجون، في قبضة الأجهزة الأمنية الأمريكية، إذ يخضع لتحقيقات دقيقة. رائد البقشي ميتشجين أكتوبر 2014 وأعلنت السلطات الأمريكية الأربعاء (29 أكتوبر 2014) عن عثورها على جثمان المبتعث السعودي رائد البقشي (28 عاماً) في بيته بعد أن أبلغ مقربون له غيابه عن الجامعة، وأوضحت الشرطة في تصريح أولي بأن التحقيقات المبدئية لا تكشف عن وجود شبهة جنائية في الحادثة حيث يعتقد بأن الوفاة طبيعية ناتجة عن نوبة قلبية، مؤكدة بأن الإعلان النهائي سيكون بعد استكمال التحقيقات والإجراءات اللازمة، فيما لم يثبت يقينا حتى الآن أن وفاته طبيعية. والبقشي مبتعث منذ نحو ثلاثة أعوام حيث يدرس الهندسة الكهربائية ويحظى بتقدير من زملائه وأصدقائه نظير أخلاقه العالية والتزامه الدراسي، ومن المنتظر أن يصل جثمان الفقيد إلى مسقط رأسه في الأحساء بعد جهود من السفارة السعودية في واشنطن لنقله بعد إنهاء الإجراءات المطلوبة. حمد صالح اليامي برمنجهام أكتوبر 2014 في محاولة باءت بالفشل (27 أكتوبر 2014)، تعرّض المبتعث حمد صالح اليامي للطعن على يد مجهولين في بريطانيا، حيث كان المبتعث متوقفًا في الإشارة مع زوجته وطفلته في مدينة برمنجهام، هاجمه شبان ورموا السيارة بالحجارة، وحاولوا فتح باب الراكب، وقاومهم فحاولوا طعنه. وتعرضت زوجة المبتعث وطفلته (5 أشهر) لصدمة عصبية، وانتظر المبتعث حتى السابعة صباحًا من يوم الثلاثاء (28 أكتوبر 2014) لتتصل عليه الملحقية وتحدثت معه، ولم يجد المبتعث تجاوبا فقرر الاتصال بالسفارة التي تجاوبت مع مشكلته. كما تواصلت الشرطة البريطانية مع المبتعث وعرضت عليه الحماية ومتابعة موضوعه وحتى وصوله للمحكمة من أجل حفظ حقه. كان ذلك رصدا ومرورا سريعا على مواقف كان المبتعثون فيها ضحايا، وفي مواقف أخرى كانت هناك قلة نادرة هي الجانية، ما وضعها تحت طائلة قوانين الدول الغربية، بما يتضمن إهانة للمبتعثين وللرسالة العلمية التي تم إيفادهم لاستكمالها، ما يستلزم ضرورة توعية المبتعثين بالمحظورات في الدول التي يبتعثون للدراسة فيها. وبعد حصر لجرائم جنائية تعرض لها مبتعثون سعوديون ، يبقى التساؤل مطروحا.. هال تعتبر هذه الجرائم ، مجرد صدفة، أم أن التساهل من قبل سلطات هذه البلاد في ضبط المجرمين دفعهم للبحث عن مزيد من الضحايا السعوديين.. وكيف سيتوجب على الجهات المعنية عمل دورات توعية للمبتعثين من أجل توفير مزيد من الحماية الذاتية لهم؟