كنت بصحبة والدي ذات يوم من أيام 1377 ه نسير بمحاذاة موقع الاتصالات حالياً متجهين شرقاً ناحية شارع الخبيب وعندما وصلنا إلى الطريق النافذ شمالاً إلى شارع العزيزية . توقف والدي رحمه الله أشار بيده إلى بيت يبعد مئتي مترٍ من موقفنا كان بيتاً كبيراً جداً يقع على هذا المنفذ تقريباً مقابل مدرسة العزيزة . كان بيتاً يقبع لوحده بالصحراء بعيداً عن مشارف المدينة ويبعد عن الجردة إلى الشمال بحوالي ثلاثمائة مترٍ تقريباً . قال والدي : انظر إلى هذا المجنون زوج بنت عمي أين بنى بيته ؟!! لم أدرك حينها ماذا يقصد وبعد حين عرفت أنه وضع بنت عمي في بيتٍ بعيدٍ جداً عن المدينة . وبعد ثلاثة عقودٍ تقريباً بنيت بيتي في شمال بريدة وكان يقبع بالمكان لوحده دون جيران . قال خالي لوالدي (( أن ولدك بنى بيتاً في وادي أبو رجم )) وهذا البيت يقع قريبا من مدينة الملك عبد الله بحي الآمن . قال والدي : - (( غداً سوف تطردهم الذئاب ويعودون إلى دارهم )) نظرت إلى والدي نظرة عتاب وذكرته بما قاله بالزمن الماضي .نظر إلي وحاول أن يقتنع ولكن مخيلته لا تقبل السرعة العمرانية ولا تستوعب الحدث . كل شيء في بريدة تغير وتغير معه كل الرمضانات التي كنا نعرفها من رمضان الشح والبساطة الى رمضان البذخ والتبذير , من كلٍ حسب حاجته فقط الى كلٍ أكثر من حاجته , من رمضان الهدوء والسكينة الى رمضان الصراخ والمفاخرة . قبل أن أتكلم عن رمضان السبعينات والثمانينات من القرن المنصرم نتكلم عن إشكالية رؤية الهلال وإشكالية إعلانه على الناس والقرى المجاورة والبعيدة عن بريدة , في زمن حكومة حسن المهنا أبا الخيل الذي يبدو أن له رؤيا دينية وفتوى خاصة برؤية الهلال , كان هذا الحاكم يختلف دائما مع مفتى المدينة حول رؤية الهلال الشيخ " ابن مقبل ".فيعلن على الناس فتوى للأمير بأن يصوموا هذا اليوم أو لا يصوموا وفتوى أخرى من المفتى تخالف ما أفتى به الأمير , فتجد نصف المدينة صائماً أو مفطراً لدخول العيد والنصف الآخر مفطر أو صائم اعتمادا على فتوى الشيخ , ولا في ذلك حرج , وتعدد الفتوى بالمدينة الواحدة مقبول عند الناس قبل قرن أو قرنين من هذا الزمن ولا أحد يكفر الآخر ولا يغضب منه , هذا الكلام صدر بتواريخ المؤلفين عن مدينة بريدة أما في الزمن الذي وعيناه فكانت الفتوى موحدةً بكل أجزاء المملكة لوجود وسيلة الاتصالات الوحيدة البرقية .. هذا في المدن الكبيرة التي يتوفر بها هذا الجهاز , أما القرى ومناطق القبائل الرعوية فإن أمير المنطقة هو الذي يتكفل بإعلامهم بأمر من الحكومة , فيقوم الأمير باستئجار كل السيارات الموجودة بالمدينة وإرسالها إلى تلك المناطق للإعلام عن دخول شهر رمضان او العيد وهكذا , والإشكالية تقع في المناطق الرعوية حيث يقوم أمير أو شيخ القبيلة بإشعال ناراً كبيرة جدا ليراها أولئك الرعاة المنتشرون هنا وهناك , فتتواصل النيران التي يشعلونها على قمم المرتفعات إشارة لدخول الشهر , أتذكر في يوم من الأيام أننا لم نعلم بالعيد إلا في الساعة العاشرة صباحا , وذلك لسبب عطل ميكانيكي في جهاز البرقية , علماً أن الخبر سمعه كثيرٌ من الناس في الإذاعة الرسمية حين ذاك , ولكن لم يستوعبوا بعد الأخبار التي تأتي عن طريق الإذاعة ولا يثقون بها ولا حتى بالأشخاص الذين يملكون جهاز الراديو فالثقة بهم دائما أمامها علامة استفهام حتى أنني أذكر أن شخصا تجرأ على إعلان الخبر الذي سمعه بالراديو بعد صلاة العشاء ولكن الإمام طرده من المسجد . كان من يريد اقتناء مذياعٍ من الأشخاص المتعلمين أو رجالات عقيل الأوائل أو من عمال النفط الذين عادوا ومارسوا الانفتاح بالمنطقة الشرقية , وكانوا يخفونه بأقصى غرفة داخل البيت حتى لا يُسمع صوته , فكيف إذا جاء الخبر عن طريق هذا الجهاز المخزي بوجهة نظرهم . والخبر الأكيد عندما يسمعون الناس صوت المدافع المرعبة وهي تزلزل أركان المدينة , كان الشباب بذلك الوقت يجتمعون بعد صلاة المغرب بالجردة حيث تربض المدافع هناك وبالتحديد في ساحة قصر بريدة مقابل عمارة موسى الحمد حاليا الشمالية , هذه المدافع قديمة جداً كسبها جيش بريدة من جيش الأتراك في موقعة البكرية عام 1324ه ولا يفطر الناس بعد غياب الشمس حتى يسمعوا صوت المؤذن " البشر " الذي يغطي كافة إرجاء بريدة والذي سمى أخيرا جامع الملك فهد مازال يرن في أذني حتى الآن . إنه صوت مميز ورائحة من روائح بريدة العتيقة , تشم في هذا الصوت رائحة الطين والنخيل والجو العليل وصبا نجد التي ذهبت مع أدراج الرياح . كل شيء عادي في رمضان ولا تشعر أن هناك شيئاً تغير. الناس ينهضون إلى أعمالهم في ساعة مبكرة من النهار . والتلاميذ أيضاً يذهبون إلى مدارسهم على نفس العادة أثناء شروق الشمس لا أحد في فراشه حتى العجائز من الرجال والنساء يخرجون إلى مجالسهم كالعادة . وتُزيد العمالة من عملها لمواجهة مصروف العيد . العمل يتضاعف نهاراً ، والأسواق تفتح في وقت مبكر وتزداد حركة البيع والشراء . والخبازون يضاعفون الأرغفة ويحملونها بعد العصر إلى سوق الجردة يحملونها بواسطة صناديق الدخان الكبيرة (( التتن )) ويبيعونها بأسعار مخفضة عن الصباح . في المساء يسحب الرجال أنفسهم إلى بيوتهم بعد الإعياء والعمل الشاق ويشعرون جيداً بحلاوة الإفطار والصيام . إذا تريدون أيها الأجيال الصاعدة المرفهة أن تشاهدوا بقايا هؤلاء المجاهدين فاذهبوا إلى الجردة بعد الظهر وحرارة الشمس على أعلى معدل لها وشاهدوهم يبيعون ويشترون تحت لهيب الشمس وهم صائمون . حالوا أن تجربوا لو يوماً واحداً هذا العمل ولكن بعد إشعار الهلال الأحمر وكل الإسعافات لحمل جثثكم إلى ثلاجة المستشفى . كل التغيرات التي تحدث هي في العشر الأواخر من رمضان ، حيث يستعد الشباب بممارسة السهر ليلاً . يقضون ليلة ترفيهية يجوبون فيها أحياء المدينة حتى وقت السحور . يسيرون على أقدامهم الحافية بين طرقات الأحياء الضيقة والمتعرجة والمظلمة ليلاً . طرقات طويلة بعضها لا يتجاوز عرضه المتر الواحد أو المترين . تتقاطع بعضها مع بعض وتتشابه أحياناً بحيث ترى نفسك وكأنك تائهاً في عُمق نفق لا ينتهي إلى شيء حتى يديك عندما تنظر إليها فإنك لن تراها من شدة الظلام والأسوار المرتفعة جداً التي تغلق عنك منظر السماء . وحكايات الجن والعفاريت التي تسعى بتلك الشوارع المخيفة والصمت المستديم والهدوء الذي يُفجر الرعب في قلبك . في بريدة القديمة لا أحد يجرؤ على اختراق الصمت والظلام إلا لشخص قُد قلبه من صخر . بعد صلاة العشاء كل الناس في منامهم يغطون بنوم عميق نتيجة الكفاح المرير نهاراً على لقمة الخبز الصغيرة . يرسم لك الظلام الدامس أشكالاً عجيبة وأجساداً وكأنها تطير بالهواء ، تخلع قلبك حيث أنك تعود بعدها وأنت غير متأكدٍ أن عقلك قد نقص قليلاً . تدخل من نفق بعد نفق بلا نهاية مبشرة ، أو ثقب تراه في نهاية النفق تسعى إليه لعله ينجيك من ظلمات القبر الذي وجدت نفسك فيه . إن دخلت غمار الظلام فأنت مفقودُ عقلياً وإن خرجت فأنت مولودٌ بعقل ناقص . حكاية السعلوة التي تدخل ليلاً من البوابة الغربية عاشقة لحوم الأطفال هي أول ما يتبادر إلى ذهنك وأنت تخوض غمار المجهول . فيصورها لك الظلام وكأنها أمامك فاتحة فمها تريد ابتلاعك . من تاه من الصغار في الليل فإنه بالتأكيد سيرجع إليك ولكن بقلب وعقل طائر بالهواء . حتى وإن فتح مشروع الكهرباء فإنه غير كافٍ بالكاد يضيء دهاليز البيوت المعتمة ولكن إلى صلاة العشاء وبعدها تُغلق الأضواء وتؤصد الأبواب. تبدأ مسيرة الشباب الترفيهية هادئة وجميلة ولكنها سرعان ما تتغير أثناء الدخول إلى عمق الظلام يتحول رأساً الحوار الذي يدور بينهم إلى حوار الجن والعفاريت يبدأ به الخبيث والماكر منهم لكشف قوة الصمود وكسر حاجز الخوف عند البعض فيتعكر المزاج عند البعض فلا هو قادرٌ على الرجوع ولا الهروب إلى الأمام . فيصبح هذا الجبان مسخرة بين الجميع . يبدؤون بسرد قصة (( ثور سوق البرسيم )) أو (( ثور سوق العلف )) هذا الثور الأسطوري التي تتكلم عنه روايات الناس بأنه يصول ويجول بالليل بين سوق البرسيم المجاور لقيصيرية الذهب وبين (( قبة رشيد )) ويلاحق أي شخص يعبر من هذا الطريق ويفتك به . هذه الحكاية أخذت عقوداً من الزمن والناس يسردونها على بعضهم ، ولكن بلا أدلة دامغة ، أو معرفة من فتك به كثير من السذج يدعي أنه رآه ، وكثير من السذج أيضاً يصدقون هذا الكلام ونحن ندرك تماماً أن الظلام الدامس دائماً ما يرسم أشباحاً وهميه وخاصة للشخص الخائف ، هذا الثور الأسود المخيف الذي يتجول بين قبة رشيد وسوق العلف كشف لنا قوة الخوف عند بعض الأشخاص حتى عند بعض من نحسبهم أقوياء وجسورين ، أحد المعلمين عندما كنت في المرحلة المتوسطة سرد لنا بالفصل قصته مع هذا الغول حيث ذكر لنا أنه في يومٍ من الأيام عبر هذا الطريق بعد صلاة العشاء وبينما هو يسير بهذا الطريق سمع ضجةً خلفه ثم التفت وإذا بالثور يتبعه قال: فهربت وتبادر إلى ذهني الآذان حسب القول إذا رأيت الغيلان فبادر بالآذان , ولما انتهيت من الآذان وأنا أجري بسرعة وإذا بالغول قد اختفى ولم أعد أشاهده مرةً أخرى . تذكرت أخيراً عندما كبرت أن هذا الأستاذ الطيب كان خائفاً وأن الظلام نسج له صورة غول خيالية . أنا لا أعتقد أنه يكذب لأنه معروف بصدقه ونواياه الطيبة ودينه الصادق . ولكن الخوف قاهر الرجال . أسواق بريدة وحوانيتها كانت فيما مضى محروسة من رجالٍ متطوعين لذلك وأصحاب الدكاكين لا يبخلون عليهم أذكر منهم البقمي – سالم الحربي – وابن جلاجل . هؤلاء الرجال يقضون ليلهم في تفقد الأسواق والحوانيت وحراستها من اللصوص ، يقتحمون الظلام بلا خوف وبكل أمانة ولهم صوت موحد يرفعونه لإخافة اللصوص وهي كلمة (( صاحي )) نسمع هذا الصوت ونحن في بيوتنا وأحياناً يستبدلون الصوت بصافرة تشبه صافرة حكم المباريات . يمرون دائماً مع سوق العلف وقبة رشيد ولم يذكروا للناس أنهم شاهدوا هذا الثور . وهذا دليل واضح أن الجبان يتخيل أشياء كثيرة في لحظة الخوف عندما تحتدم الحكاية ويتغلغل مفعولها بين هؤلاء الشباب الذين يسيرون بالظلمات ويتمكن الخوف من بعضهم وتبدأ فرائصه بالاهتزاز ولا يكاد يبلع ريقه. عندها يشعر أحد الخبثاء بذلك فيصرخ صرخة قوية هاتفاً ( الثور – الثور – الثور خلفنا ) فينطلق الجميع كالسهام لا يلوي أحدهم على الآخر والويل كل الويل لمن يصطدمون به وخاصة بالظلام وغالباً وما تقع حوادث مشابه وكثيراً ما تحدث لأولئك العجائز الذين يذهبون لصلاة القيام فإنه يذهب تحت أقدام الهاربين . في نهاية المطاف والمسيرة الترفيهية التي قاموا بها ينحدرون إلى المساجد لشرب الشاي والقهوة مع الرجال الذين يؤدون صلاة القيام . تُقدم هذه القهوة بين الصلوات لإراحتهم بعض الوقت قبل استمرارهم في صلواتهم الحقاق : في اليوم السابع والعشرين والثامن والعشرين والتاسع والعشرين يبدأ موسم الحقاق أو ( وهي عبارة عن هدايا نقدية قليلة أو عينيه بسيطة تقدم للأطفال ذكوراً وإناثاً ) وهذه الأيام توزع بين فئات ثلاث من الصغار اليوم السابع والعشرون مخصص لحقاق الزلوقين ، وهم الكبار المعوقين عقلياً والفقراء والأيتام فقط ، اليوم الثامن والعشرون مخصص لحقاق البنات الصغيرات اليوم التاسع والعشرين مخصص للصغار من البنين . هو طقس سنوي يقوم به الأطفال لجني وحصد أكبر قدر ممكن من الهدايا من الأقارب والجيران وأصدقاء الوالد وغيرهم من المعارف وغالباً ما تكون هذه الهدايا نقوداً ونادراً ما تكون قطعاً من الحلوى وهذا فرضُ لابد منه يدفعه الشخص لهؤلاء الأطفال ، حيث يقوم الرجال القادر منهم وغير القادر بالاستعداد لهذه الأيام ويحشون جيوبهم بالنقود الصغيرة مثل القرش والقرشين والأربع قروش وأحياناً نقود ورقية . ويدفعونها للصبيان حسب الأهمية أو القرابة وأبناء الأصدقاء يدفع لهم أكثر من غيرهم . الصغار يتجولون بالشوارع والطرقات والأسواق يبحثون عن معارفهم من الرجال . وأجمل يوم هو اليوم الثامن والعشرين (( حقاق البنات )) حيث تكتسي طرقات بريدة بألوان من تشكيلات الملابس المزرقشة ، وتتحول بريدة إلى منظر خلاب يأخذ العقل كأنك تسير في حديقة ورد هولندية وخاصة أن العادة جرت على أن البنت لا تتحجب إلا في سن الحادية عشر وغالباً الثانية عشر إذا كانت الفتاه جميله ليعرفها الخطاب ويستعدون لخطبتها بعد تمام الثامنة عشر وهو العمر السائد في بريدة في ذلك الوقت . أما البنت العادية فإنها تتحجب في العاشرة تقريباً حتى ينسى الخطاب شكلها . لذلك كانت الطرقات في بريدة على مدار العام خليط من البنين والبنات يلعبون مع بعض بغض الطرف عن الأعمار . في نهاية اليوم التاسع والعشرين يجمع الأطفال ما كسبوه ويشترون به معلبات الفواكه اللذيذة يتناولونها بعد سماعهم مدفع العيد ولكن لا بد لهؤلاء الأطفال من منغصات أحياناً وهم يطوفون بالأحياء والأزقة . حيث يترصد لهم بعض اللصوص من الشباب ويسلبونهم ما جمعوه . الشباب الكبار يستأجرون بيتاً هذه الليلة "ليلة العيد ". ويشتركون في مأدبة عشاء دسمه ويسهرون فيه حتى الصباح . ولكن أيضاً هناك منغصات أحياناً تحدث لهم . إذا اكتشف رجال الهيئة ( النواب ) أن هذا البيت فيه شلةٍ سوف يسهرون فيه ويتركون صلاة الفجر فلابد لهم من اقتحام البيت وطرد الشباب منه . لا يمكن أن أنسى ذلك اليوم الحزين المضحك عام 1388ه تقريباً في تلك السنة الذي افتتح فيه التلفزيون في بريدة . أحد الأصدقاء جلب معه تلفزيوناً خفاه في كيس حتى لا يراه أحد أثناء سيرة بالطريق ففرحنا بذلك أنا والشلة واكتملت الحكاية . تلفزيون ، ودجاج حي نطبخه لأول مره ونذوق طعم الدجاج . كنا سعداء بعضنا كان يرقص مع سميرة توفيق التي ظهرت على شاشة التلفزيون وهي تغني ( يا خيال الزرقاء يا ولد ... ) وبعض الشباب كان يستعد لذبح وطبخ الدجاجات . كانت ليلة سعيدة لم تتم حيث تم الاقتحام من رجال الهيئة . فانطلقنا مسرعين ناحية السطح لنتسلق جدارة والقفز منه إلى الطريق . صرخ بنا أحد الأصدقاء قائلاً :- توقفوا لم يتبعنا أحد نزلنا على الدرج ورجعنا نبحث عن دجاجاتنا التي هربت ومع شدة الظلام لم نعثر عليها . ولكن باشرنا الديك بالأذان وهو فوق السور مع الدجاجات . في صباح العيد يذهب الرجال إلى الصلاة في ( زبرة العيد ) والتي تقع جنوبي بريدة قريبة من مقابر ( فلاجة ) والنساء ينهمكن في تجهيز وجبة العيد . بعد عودة الرجال يحملون صحونهم إلى الطريق الذي يسمى آنذاك المفرق وهو الشارع المخصص لاجتماع أهل الحي فيه حيث يأتي كل رجال الحارة حاملين صحونهم يأكلون مع بعض .والأولوية للصحن الذي يوجد فيه لحوماً وعندما يأتون عليه يعودون إلى الصحون الأخرى التي لا تحتوي على لحوماً . هذه هي أيامنا أيها الجيل الصاعد . وهذا هو تراثنا القديم الذي ذهب أدراج الرياح ودفنته رمال الصحراء وانقطعتم عنه وأصبحتم بلا تراث تذكرونه . وكأنكم خرجتم للتو من باطن الأرض لا تدرون كيف أتيتم ولا كيف نشأتم. ومن لم يحتفظ بتراثه فلا يمكن أن يعرف نفسه ويصبح غريباً في أرضه ووطنه لأنه فاقد الهوية والتراث . ودمتم موسى النقيدان