قبل أكثر من ثلاثين عاما وحينما كنا صغارا وبالرغم من عدم وجود وسائل الاتصال الحديثة مثل البيجر والهاتف الثابت ولا حتى الهاتف الجوال , إلا بعضا من أجهزة الهاتف أبو هندل عند بعض البيوت الميسورة المترفة , كان التواصل بيننا أشبه ما يكون بالتواصل اللا سلكي نظرا لصفاء الأنفس وطيبتها التي نفتقدهما في هذا الوقت , إذ كانت بريدة أقصى ما تصل شمالا مبنى التليفزيون القابع لوحده في مكانه الآن و يعتبر الذهاب إليه (كشتة ) تحتاج إلى مؤونة وزاد فنعود إلى بيوتنا آخر النهار ومعنا خير وفير من ( البسباس ) و ( الذعاليق ) وهما شجيرتان برّيتان نأكلهما طازجتان بعد التقاطهما من تحت سور مبنى التلفيزيون , الذي كان لا يجاوره إلا حوش شركة الغاز والتصنيع الأهلية من الشمال والذي نستبدل منه اسطوانات الغاز , ولذلك يتندر بنا الإقطاعيون ويقولون كيف لم تأخذوا نصيبكم من الأراضي الواسعة المحيطة به آنذاك . أقول في ذلك الوقت وعلى الرغم من عدم التواصل إلا أن قلوبنا مع بعض فتتنادى لأي مناسبة سواء فرح أو ترح , فمثلا لو صار حريق _ لا سمح الله _ في الشمال تجد أهل الجنوب علموا به بسرعة البرق , بل إن هناك بعض الألعاب الشعبية ما أن يمارسها أبناء حي حتى تنتشر في المدينة كسرعة البرق , وإذا تم التغيير إلى لعبة أخرى علمت بها أطراف المدينة خلال أربع وعشرين ساعة ولا يشذ ّ حي عن القاعدة ويستمر في ممارسة اللعبة المنتهية صلاحيتها , ومن الألعاب التي أتذكرها هي سبع الحجر والقصايص والدرّيفات ( قطعة خشب لها عجلات من رومّان بللي ) وكرة الطائرة ( وهي عبارة عن خيط بين منزلين في الشارع, والملعب عبارة عن خطوط في الأرض , ويا ويل اللي يمر مع الشارع أثناء اللعب ) , وكرة الصب ( وهي أشبه ما تكون بالتنس الأرضي قبل ظهور بطولة ويمبلدون الدولية , وكذلك لعبة الدنانة والمصاقيل ( البراجون ) والبسطات حيث المراهن والجوزي والفردي , ولعبة لا أذكر إسمها وهي عبارة عن فريقين كل فريق يضع زبر من الرمل في مكان ما من الأرض ثم يذهب كل فريق إلى مكان الفريق الآخر والفريق الذي يعثر على أكبر قدر ممكن من زبر خصمه ويفسدها هو الفائز بالجولة , وموسم البليلا وموسم الآيسكريم وهو طبعا ليس الباسكروبنز !! وإنما التوت المجمد , وموسم النبّاط وهي بنادق الفقراء , أما الاحتفال بالعيدين وخصوصا عيد الفطر فله فصل مستقل يأتي في مقدمة ذلك ( الحقاق ) , وهو عبارة عن هدايا تقدّم لنا عبارة عن ( الملبّس والقريظ والحلقوم والسّبال ) , وهو يسبق العيد بيومين أحدهما للبنات والآخر للبنين ولا يمكن الخلط بينهما بأي حال من الأحوال حتى ونحن أطفال حينها , وطريقة الحقاق أن نلف على بيوت الحي إما جماعات أو أفراداً في اوقات محددة بعيدة عن أوقات النوم والصلاة تسير بكل سلاسة وروعة , وكنا خلالها نردد عبارة ( حقّقونا بقّقونا لا جاء أبونا حقّقناكم ) وبالمناسبة حتى هذه اللحظة لا أعلم معنى ( بقّقونا ) إلا إذا كانت لزوم السجع فقط والله اعلم , والغريب أن البيوت بالرغم من أن بعضها قد لا يجد قوت يومه أو معدم إلا أنهم يستعدون لنا بتوفير الحقاق وفي موعده , ثم تأتي ليلة العيد وفيها طقوس أخرى من أبرزها الطر طعان وهي المفرقعات ( وبالمناسبة كنا لا نعرف شروخ هذا الوقت بل هو عبارة عن ثمر كبريت نضعه داخل فتحة بلف كفر ثم نضرب به بقوّة على حصاة ), وبعد الطرطعة وإزعاج الآمنين نبدأ بشراء (الجداع ) وهو أكل ليلة العيد والذي يبرز فيه لحم الدجاج حينما كنا لا نعرفه لأن الدجاج يربّيه أهلونا لإنتاج البيض فقط ومحرّم أكله لحاجتهم للبيض , لكن ليلة العيد ليلة استثنائية تباح فيها المحظورات ومنها لحم الدجاج الذي أتذكّر أن لحمه أبيض, فيكون ملفتا للنظر لأننا لم نعرفه من قبل و كان لحم الإبل والغنم أحمر , ثم نقضي ليلتنا بمرح وتسلية وبراءة بعيدة عن الفحش وغيره حتى يأتي وقت النوم لنصحوا مبكرين لصلاة العيد ثم نؤديها في المسجد وبعدها مباشرة تتم المعايدة داخل المسجد , ثم تفرش ( السمط ) في الشارع ليأت كل أهل بيت بأكل العيد الذي طبخوه ونتناول هذا الأكل المنوّع الذي لم نعرف ألذّ منه لتنوّعه وروعته , ثم تبدأ مراسم التزاور وبعده نستعد للرحلة الجماعية وهكذا تستمر أيام العيد الجميلة . المهم الألعاب والطقوس كثيرة وقد لا استطيع حصرها لكن ما ذكرني لذلك هو تصرّم أيام شهر رمضان المبارك واستعداده للرحيل ( جعلنا الله وإياكم من المقبولين فيه ) , وقرب حلول عيد الفطر المبارك ( أعاده الله علينا وعليك وأمتنا ودولتنا ترفل بثوب العز والسؤدد ) أقول يعود وكأن شيئا لم يكن , فتتعاقب الأزمنة والمناسبات , وكأنها لا تعنينا فلا نحتفي بها ولا نهتم , بل إن بعضها لا نعلم به حتى يداهمنا وهذا هو مثار سؤالي , فما الذي غيّر النفوس وبا عدها وجعلها لا هية في مشاغل لا أول لها ولا آخر ؟ بل أصبحت المناسبات لا طعم لها ولا رائحة , حتى بلغت بنا القطيعة والتباعد إلى أن أصبحنا لا تلتقي إلا في المقبرة لدفن ميت أو في قصر الأفراح في الزواج لنتذكّر بعضنا ويعتب كل منا على الآخر . فهل نحن تغيرنا أم الزمن تغير ؟ و الجواب لدى المتنبي حينما قال : عيد بأيّة حال عدت ياعيد بما مضى أم بأمر فيك تجديد وكل عام وأنتم بألف خير عبدالرحمن بن محمد الفراج [email protected] ___________________ تعليقات الزوار فاهم أبو زياد رائع جدا ومبدع يعطيك ألف عافية !! لكن الا ترى أنك كشفت السن الحقيقي لمن هم من جيلك ! لكن مشكلتك أنك واضح وضوح الشمس لا تحب أنصاف الحلول وتقول الحق ولو على نفسك وهكذا عهدتك بالمناسبة نسيت يا أبا زياد من الألعاب أم خطوط وأم تسع وأم ثلاث تحياتي أنس شكرا أبا زياد على سرد أحداث العيد السابق طبعاً أنا لم أكن موجوداً في تلك الأيام لكن أسلوبك الطريف في المقال أعجبني كثيراً كل عام و أنت بخير و صحة و عافية ابو فيصل - تبوك تحياتي مجدداً ابا زياد وأتمنى أن يعيد الله علينا رمضان ويتقبل منا صالح الأعمال أصبت المرمى وهيجت المشاعر والأحاسيس والحال متشابه .. لأأطيل ولكن كل عام وجميع المسلمين بألف خير وأعاده الله علينا أعواماً عديدة ونحن بموفور الصحة والعافية وتهنئة خاصة لأهالي بريدة الحبيبة بريداوي من بريطانيا والله شوقتنا للعيد بين الأهل والأصدقاء حنا بها الغربة ماله طعم العيد شكرا لصحيفة عاجل بصراحة سمعتها عندنا رائعه والعيال مبسوطين منها منى المحمد كل عام وانتم بخير الفتى القصيمي العيد أصبح اليوم بلاطعم ولا رائحه فقط حبة رز ونوم وسهر فهد الجطيلي يارك الله فيك علي المحيميد الله اكبر !!! الله عليك يا ابا زياد ..... اّه ذكرتنا في ماضينا البريء الحلو بس مو كل هالطقوس نعرفها لكن صدقت . والله الناس هم من تغير وليس الزمن بل كثرة الماديات والاٍنغماس فيها صرنا لتلك الحال .... مع العلم ان وسائل الأتصال في هذا الوقت ايسر بكثير من اول فوجود الأتصالات الحديثة والأستراحات وسعة البيوت والسيارات وغيرها كلها تساعد على الصلة والتواصل والأجتماعات المرتبة لكن العيب فينا نحن وليس في زماننا . ابازياد ماذكرت الفطرة وطقوسها والعناية بها حتى ان كل اهل البيت يعرف معنى هذه الزكاة صغيرهم وكبيرهم ويشاركون في كيلها وتو زيعها فجر العيد... الله على ماضينا الرهيب . دمت ابازياد متألقا متفائل قل للعابسين قفوا كم انت جيل حين تعرب عما في ضمير ابازياد/// ثقافة الفرح ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فاليفرحوا هو خير مما يجمعون) ( يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء )ولكل قوم اسلوبهم في التعبير عن افراحهم وحين تغيب ثقافة الفرح تشطح بنا الفوضى ونختلف في محل الاتفاق, ونتفرق على سبب الاجتماع ونشقى باسباب السعادة وأيُّ نعمةٍ أعظم ، وأيّ منٍّ أمنُّ وأفضل من أن الله هدانا للإسلام فلم يجعلنا مشركين نجثو عند أصنام ، ولا يهود نغدو إلى بيعة، ولا نصارى نروح إلى كنيسة ، وإنما اجتبانا على ملة أبينا إبراهيم ودين نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم –\"هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين\". فرحة ببلوغ شهر رمضان يوم تصرّمت أعمارٌ عن بلوغه ، وفرحٌ بتوفيق الله وعونه على ما يسر من طاعته ، فقد كانت تلك الأيام الغرّ والليالي الزُّهْر متنزل الرحمات والنفحات ، اصطفت فيها جموع المسلمين في سبْحٍ طويل تُقطعُ الليل تسبيحاً وقرآنا ، فكم تلجلجت الدعوات في الحناجر ، وترقرقت الدموع في المحاجر ، وشفت النفوس ورقت حتى كأنما يعرج بها إلى السماء تعيش مع الملائكة ، وتنظر إلى الجنة والنار رأي عين ، في نعمة ونعيم لا يعرف مذاقها إلا من ذاقها . فحُقَّ لتلك النفوس أن تفرح بعدُ بنعمة الله بهذا الفيض الإيماني الغامر . فيا أمة الإسلام ، أبشروا وأمِّلوا ما يسركم ، فعُمر الإسلام أطول من أعمارنا ، وآفاق الإسلام أوسع من أوطاننا ، وليست المصائب ضربة لازب ، لا تحول ولا تزول، فقد حصر المسلمون في الخندق ، وبعد سُنيّاتٍ فتحوا مكة ، وسقطت بغداد ، و بعد قرنين فُتِحت القسطنطينية ، والله – عز وجل - لا يعجل لعجلتنا ، ولا تتحوّل سننه لأهوائنا، فسنن الله لاتحابي أحداً ما أتعس هؤلاء الذين أغلقوا شرايين قلوبهم وصدوا الفرح عنها فكانت مناسباتهم تجهماً ويأساً، وما أصعب الحياة إذا مَرَّ بها يومٌ لم نفرح فيه أو نبتسم له أو نفكر بالتجاوز عن سيئات الآخرين، فالمناسبات لا تستطيع أن تفرحنا اذا كانت شراييننا غير مهيأة لنقل التسامح، كما أن اللبس الجديد لن يضفي على عقولنا (ثقافة الفرح) ما دامت أرواحنا لا تشعر بمن حولها وتتزين لإسعادهم. لا أعتقدُ أنَّ هناك شخصاً لا يُحب الفرح ولا يرغب في العودة إلى فطرته التي جبله الله عليها، إلا أنَّ هناك مَنْ أرهقته سوءاته فشلت كيانه وسيطرت على جوارحه حتى إذا بحث عن الفرح داخله وجده باهتاً بدون أصول، وستكالب عليه الوساوس والاكتئاب والقلق وستهاجمه الأمراض الجسمانية والنفسية وسيمرض ثم يموت وربما ينقرض. أيها التعساء.. اعلموا أنَّ العيد أفضل النقلات الروحانية لتغيير حياة البشر، فهو يأتي دوماً بعد عبادة وسكينة تلمسوا الحب من الكائنات حولكم، انظروا إلى إيجابيات الحياة لتروا جمالها وتتلذذوا بحسنها، عَمِّروا أرضها لتحصدوا أفضل زرعها، وحبوا أهلها لتعرفوا قيمة عيدها. واي مرجعية تفصل بين الدين والمجتمع .تقلل فرص الاستمتاع المنضبط..ومع الوقت يصبح هناك هم جديد هو هم التنسيق بين الرغبات ووهم المحذورات وهذا حين يتغلغل التوظيف التحريمي في الموروث الاجتماعي فتختلط مصادر المنع والتصريح وشرع الله باق وان شرقت به أنوف عادل الشمري كل عام وانت بخير ابو زياد وتقبل الله منا ومنك صالح الأعمال موضوع جديد بالنسبة لنا جيل الفيمتو والنيدو موضوع اقولك فيه مشكور يا ابو زياد وعالقوة يا رب ولا يحرمنا من كتاباتك