استوقفني عنوان لمسرحية عرضت في احد المسارح بالرياض الأسبوع الماضي تحكي قصة نسوة يعملن في بيع بعض المستلزمات النسائية ,, عندما قرأت الموضوع برزت أمامي صور للمشاهد اليومية المتكررة من الباعة والمتجولين على الأرصفة وأمام المساجد والشواطي ,علما أن غالبية الباعة رجالا أو نساء هم من أبناء الوطن الذين أجبرتهم الظروف المادية على ممارسة المهنة . يقول احد هؤلاء الباعة عندما سألته عن مدى رضاه عن هذه المهنة وكيف يتعامل مع الجهات الأمنية والبلديات يقول انه اضطر لذلك حيث انه حاول البحث عن عمل يتناسب مع مستواه التعليمي لكنه وجد أن كل الأبواب موصدة أمامه فلجا لهذه المهنة التي تدر عليه دخلا جيدا يكفي للحد الأدنى من متطلبات الحياة الضرورية وتغنيه عن إذلال نفسه أمام الآخرين , ويضيف أن أهم مشكلة تواجهه هي ملاحقة موظفي البلديات والشرطة له ومصادرة بضاعته الأمر الذي جعله يرتاب من الجميع ويقول ليت الأمر يتوقف عند مصادرة البضاعة لكنه قد يتجاوز إلى مصادرة السيارة التي يعتبرها رأس ماله كله لهذا وجد أن إبعاد السيارة عن موقع البيع اسلم طريقة لتلافي مصادرتها وعندما ذكرت له أن المنع يعود لأسباب منها أن البيع له شروط وتصاريح منها صحية وأمنية وغير ذلك ,قال نحن لا نمانع وسنوفر كل الشروط المطلوبة ونلتزم بها ومنحنا التصاريح اللازمة سيشعرنا بالأمن لكننا لا نستطيع أن نوفر الموقع نظرا لارتفاع تكلفة االإيجارات والمنافسة القوية مع بعض الوافدين الذين يملكون المحلات التجارية بأسماء مواطنين ويعرفون كيف يتعاملون مع أبناء جلدتهم . أنهى حديثه معي بعباراته المؤلمة شعرت من خلال حديثة انه يخفي وراءه حزنا عميقا , أخذت منه ما أريد من الفواكه وشيئا من الخضار دفعت لها قيمتها بزيادة مبلغ إضافي ,فاجأني عندما أعاد لي الزيادة وقال اعذرني أنا لا استحق الصدقة ! أكبرت موقفه وتمنيت أن لي يدا في توفير الأمن الوظيفي له ولزملائه ! ظاهرة البيع على الأرصفة وعند المساجد وغيرها من المواقع الأخرى أصبحت واقع يجب على الجهات المعنية أن تتعامل معها بكل واقعية فالمنع والمطاردة لن تجدي وتركها بدون رقابة أمر غير مقبول لأن الضرر متعدي وكثير مما يباع من المواد الغذائية غير صالح للاستهلاك إما بسبب قرب أنتها الصلاحية أو سوء التخزين والحل الأمثل هو منح الباعة والمتجولين رخص يحدد فيها نوع البضاعة ومواقع البيع وبشروط إلزامية وعقوبات رادعة وبهذا نتمكن من الحد من الظاهرة . الأمر الآخر هناك شباب واسر كادحة لا يعلم حالها إلا الله ليس لها مصدر دخل سوى تلك المهنة ومنحهم التراخيص سيكون مصدر اطمئنان لهم ولمن يتعامل معهم , اختم بما ذكره لي احد موظفي البلدية عندما ناقشته عن أسباب منع الباعة المتجولين أن من أهم الأسباب هو أن البيع بهذه الطريقة منظرا غير حضاري ! قلت في نفسي كم من المناظر الغير حضارية التي نشاهدها يوميا في شوارعنا وأسواقنا ! والله المستعان , للجميع التحية .. علي بن محمد العليان/ الخبر