هل أنت مدير استراتيجي ريادي...؟ لا مفر من الإدارة الإستراتيجية أن أردت المنظمة – أياً كانت – أن تنجح في عالم معقد وشديد المنافسة، والإدارة الإستراتيجية علم وفن ويتمثل العلم فيها في مجموعة من المبادئ المستقرة في الفكر الإداري , والفن يتمثل في قدرة المدير الاستراتيجي على تطويع وتنظيم تلك المبادئ بما يتفق مع طبيعة المنظمة التي يعمل بها أي العمل كمنظم لتلك المبادئ المتفق عليها. أول من أطلق مصطلح ريادي ENTREPRENEUR في عالم الإدارة هو الإداري المحنك السيد (هنري فايول) في مطلع القرن العشرين. ويقصد بهذا المصطلح الشخص الريادي الذي يعد بمثابة المحرك الجوهري لعملية التنمية. على مدى مائة عام من الزمن لم يظهر كتاب أو مقال باللغة العربية تطرق لموضوع الريادي، ومع أن الكتابات الغربية عن هذا العنصر الفاعل في العملية الإنتاجية والتنموية لا تتعدى عدد أصابع اليد، إلا أن مصطلح وتعبير ريادي أصبح جامعاً يشمل كل شيء بدءاً برجل الأعمال الذي يعمل في الصناعة أو الخدمات أو الزراعة أو التجارة. نود أن نصل بالقول إلى أن رجل الأعمال او المدير الاستراتيجي الناجح أصبح بحكم التجربة هو الشخصية الريادية في العالم الغربي لبروز شخصيته كواقع بالصناعة والتجارة والمضاربة والوساطة . السمات الأساسية الواجب توفرها في شخصية الريادي الاستراتيجي الناجح: - قدرته على فهم ما وراء الأحداث..! دون أن يتأثر بظواهر الأمور وعلاماتها البارزة و القدرة على اتخاذ القرارات الحاسمة – لما يتمتع به من معرفة شاملة. - المدير الاستراتيجي الريادي صاحب رؤية واضحة لشركته ككل، ولكل مرحلة من مراحل العمل، ولكل منتج تنتجه الشركة. - لديه القدرة على الابتكار. - المدير الاستراتيجي الريادي يميل إلى التفكير العميق، وطرح الأسئلة الهادفة بدلاً من الأجوبة الصحيحة. - المدير الاستراتيجي الريادي لا يعمل بالأسلوب الإداري التقليدي الذي يتبعه المدير غير الإستراتيجي، هذا الأسلوب التقليدي المبني على السيطرة، والتسلسل الرأسي الآمر، بل يتبع المدير الإستراتيجي أسلوب عمل الفريق الواحد، فهو يشرك كل من له صلة بعمل ما ,يشركهم في صياغة الاهداف وتطويرها وطرق تفعيلها. - المدير الإستراتيجي الريادي يرى العمل وحدة واحدة متكاملة ويوازن بين احتياجات العمل الحالية والمستقبلية، ويتخذ في شأن تلك الاحتياجات القرارات المناسبة والفعّالة ويربط مابين ابتكاراته وافكاره وابداعه وحدوث تغيرات هيكلية على مستوى الاقتصاد الكلي المحلي والعالمي. وتقدم سيرة حياة رفيق الحريري نموذجاً فريداً في عالمنا العربي لرحلة رجل من أسرة فقيرة استطاع في أقل من 20عاماً امتلاك ثروة مالية ونسج علاقات مؤثرة انطلاقاً من السعودية ومنطقة الخليج العربي ليعود إلى وطنه الأم (لبنان) مقتحماً الجو السياسي، وليفرض حضوره في ظروف بالغة الاضطراب، في صدارتها الحرب الأهلية والنزاعات الطائفية. ونستطيع ان نختصر تجربته للمدير العربي بالأفكار والمفاهيم والأسس التالية: - إن وصوله السريع للمراكز القيادية يرجع جزئياً للحظ حسب قوله وكلياً للعمل والجهد المثابر الذي تم بناؤه في التفوق بالدراسة الجامعية يقول: إن العمل الجاد والمثابرة والتحدي والهجومية حتى المناطحة لتحقيق أهداف الشركة مع أنني لست حاد الذكاء. يقول كذلك: إن مصدر فكري وعملي هو إيماني الشديد بالقيم الدينية الحنيفة التي أعطتني الثقة بالنفس والسيطرة على الأعصاب من قوة إيماني بحماية رب العزة والجلال. ويؤكِّد بشكل بارز أن معالم القيم الدينية في سلوكه وأخلاقياته في النزاهة وشرف التعامل والابتعاد عن الانحراف كان وما زال منطقه وركيزته التي أدت إلى نجاحه وإنجازاته. - محاباة نحو العمل: نمط الشركات المتميزة كشركة سعودي أوجيه ليس له علاقة بالبيروقراطية والهرمية واللجان، لأنه يركز على تيسير العمل بالاتصالات الرسمية وغير الرسمية على حد سواء، واتخاذ القرارات مبنى على تفويض السلطات والصلاحيات للمهمة من منطلق الأهداف مع التركيز على الربحية وحسابات التكلفة والعائد دون انتظار الموافقات من الإدارة العليا. المحاباة نحو العمل الجاد تفترض وجود أهداف وأغراض واستراتيجيات وسياسات تنفيذية للصلاحيات والانطلاق للتنفيذ. يلاحظ هنا أن العناصر السبعة (7) مشتركة في تركيزها على العمل الجاد، إذ إن الاستراتيجية والهيكلة والنظم والأسلوب والنظم والقيم المشتركة والعاملين جميعها تتناغم في التنفيذ للعمل الجاد ويجب أن تكون جمعيها متفاعلة مع التسهيل والإسراع في تنفيذ الأعمال. - استمرارية التقرب من العملاء: إن هاجس الخدمة المتميزة للزبائن والمتعاملين مع الشركة ومنتجاتها وخدماتها هو ديدن الشركة المتميزة للمحافظة على استمرارية تعاملهم مع الشركة لاستمرار تكلفة العائدات. - الاستقلالية وروح الريادي: الشركات تميزت بتميز مديريها والعاملين بها، إذ تجدهم يتحركون ويتحدثون مع المتعاملين والموردين وكأن الشركة ملك لهم، مما ينمي فيهم روح الإبداع والابتكار والإدارة والإدراك التجاري لما يحاولون فيه تحقيق زيادة المبيعات، لا يمكن أن يتم تطوير وتنمية روح الريادي أو رجال الأعمال لدى المديرين دون أن تكون لديهم السلطة والصلاحيات المفوضة لهم للتحرك بكل استقلالية.. يقول دركر: \"عبر دراساتي للشركات والمديرين وجدت انه عندما تتحقق انجازات خرافية أجد أن شخصاً مهووساً قام بذلك بشكل فردي\". انه رفيق الحريري بالفعل. - الإنتاجية من خلال العاملين: تتحقق الإنتاجية بإشاعة روح الثقة بالعاملين، مع توفير المعلومات التفصيلية عن الأهداف والغايات والتكاليف والأرباح حتى يتعرف هؤلاء العاملون على منجزاتهم مما لا شك ان العامل أو الموظف يتوقع مردوداً لعمله وانجازه، ولكن لا يوجد ما يؤكد حتى الآن ان ما يحرك الإنسان هو المادة، ثبت أن العناصر المعنوية أكثر أهمية من المزايا المادية. -القيمة والاستمرارية: إن اهتمام المناصب القيادية بولاء وانتماء العاملين مرده قدرتهم على مخاطبة عقل وعاطفة العاملين من منطلق قيمهم وخلفيتهم الأخلاقية. القيم هي أساس بناء المؤسسات واستمراريتها، أي هذا البناء، يعتمد على استمرارية الحركة واسراع التنفيذ. -البساطة والتسهيل: تتمتع الشركات المتميزة بالبساطة والتسهيل والتيسير للنشاطات من خلال هيكلة مبسطة واستقلالية مع كل الآليات المساعدة على الإسراع والتحرك من خلال البساطة والتسهيل. -المركزية واللامركزية: لا يوجد في العالم كله نظام لا مركزي لأن مثل هذه المثالية إن جاز لنا التعبير تؤدي إلى الاضطراب وعدم امكانية الربط بين الأجزاء ، ولهذا لدينا المركزية واللامركزية في اتخاذ القرارات. القادة الإداريون ولنقل كذلك القادة الإستراتيجيون تتطلب ان يكون لديهم الشجاعة. هذه الشجاعة تأتي من القلب والضمير وليس من العقل، كما انها التزام عاطفي نحو فكرة أو رؤيا أو توجه مستقبلي الذي هو جوهر الإستراتيجية الإدارية العليا. هذه الشجاعة، مرة أخرى يكتسبها المديرون من الخبرة والظروف والمعاناة والتجارب ولهذا نلاحظ باجتهادنا ان المديرين العرب يدفعون بالقرارات لمن هم أعلى منهم خوفاً من الآثار المحتملة. إن عصر العولمة واقتصاديات المعرفة والخصخصة بالانتقال إلى اقتصاديات السوق تتطلب قيادة إدارية استراتيجية عربية قادرة على مواجهة المستقبل بكل شجاعة ومن منطلق الثقة والتفاؤل والصبر الذي يعتبر جوهر القيادة الاستراتيجية. فنجاح المنظمة في إنجاز أنشطتها، وتحقيق أهدافها لا يتحكم فيه فقط ما تملكه من موارد مالية، وبشرية، بل يساهم فيه أيضاً ما تملكه من قوة تنظيمية وإدارية ذات مستويات عليا من الكفاءة، وهذه القوة ترتبط بأساليب وإستراتيجيات إدارية واضحة المعالم، ممكنة التنفيذ، ثاقبة الرؤية. ويتبقى سؤال لك أيها المدير: هل أنت مدير استراتيجي ريادي؟ دلال بنت خالد بن عبدالكريم السهلي ماجستير ادارة اعمال جامعة القصيم