عبثاً يحاول المرء إرضاء الناس وإرضائهم وذلك لان الناس والمتلقين لاي قول أو فعل يبحثون عن المثيل وعن النسخة المتكررة عنهم ولا يعنيهم من قريب أو بعيد تلك النزعة الفردية التي يراد منها الاستقلال في الرأي، وهذا يذكرني بقصة طريفة تحدث كثيراً في زمن (الشقاوة) في حي شعبي قديم أسمه (العجيبة) كان صاحبنا يتنقل بدراجته الهوائية منحدراً من (حي الهلال) ألى (العجيبة) وكان له بالمرصاد بعض الأولاد الأشقياء، ولا بد هنا أن يؤمن إيماناً جازماً أنه تعرض للقرصنة، والفدية هنا هو ميوله الكروي فماذا تشجع؟ بادره أحدهم فكانت الإجابة تلقائية : النصر، فقام الأولاد بضربه ضرباً مبرحاً لأنه لم يشجع الهلال، بعد يومين وصاحبنا على عادته يتمخطر بدراجته الهوائية، كيف لا وقد جهز الإجابة التي تؤمنه من الضربة وهو تشجيعه لنادي الهلال، فها هو يتلذذ بالنزول مع (طلعة العجيبة) فقبض عليه ويسأل سؤال (الفدية) ماذا تشجع، بشرور أجاب : أكيد الهلال !! فأخذ علقة ساخنة لماذا لا تشجع النصر!! بعد ذلك يفكر ملياً بالخروج من هذا المأزق ومن زحمة النوادي، فوجد الحل الوحيد إستخدام الذكاء بالتوبة من تشجيع النوادي (التي ليس وراءها إلا الضرب بالنعال) فكرر المشهد ونزل بذكائه مع (طلعة العجيبة) فتم إيقافه من (القراصنة) ماذا تشجع يا ولد من النوادي؟ فأجاب بثقة : أنا صراحة لا أشجع أي نادي !! فتم ضربه ضرباً أنساه (حليب أمه) بدعوى أنه لا يشجع أي نادي!!. وهذا هو الحال من همه إرضاء الناس على حساب نفسه، ورأيه الفكري، وموقفه الثقافي (مضروب – مضروب) فالناس مهما إجتهد الفقيه والمثقف والمفكر وحتى الإنسان العادي فالناس لا يرضيها شيء خصوصاً في مجتمع محافظ إجتماعي ترتبط فيه الأواصر الدينية والاجتماعية والثقافية (فرضى الناس غاية لا تدرك) كما يقال. فعلى الإنسان أن يكون نسيج نفسه معتداً – بإعتدال – برأيه واعتداده، هذا يجعله يتعاطى مع الأفكار فقط لا الأشخاص ولا الهيئات. رحم الله أيام (العجيبة وحي الهلال والشماس). وكل عام وأنتم بأبهى حال . aldbibi@gmail.com