كنت مشغولة بالحديث مع ولدي حين نبهني هو إلى أنهم ينادون على طبيب، أظهرت لامبالاة وقلت له في الغالب سيكون هناك من أجاب الدعوة قبلي، لكن ولدي لم يطمئن حتى أتت المضيفة وأخبرتها أني مستعدة لتلبية النداء، في نصف الطريق أخبرتني أن المسألة قد تم حلها .. لكن الرحلة التي تلتها لم تكن بهذه السهولة، المريضة كانت أمامي بمقعد واحد، بعد أن انتظرنا ساعة في حر شديد بدون تكييف، على أرض الرياض " لكم أن تتخيلوا معنى أن يتم حبسكم في مكان مغلق كالطائرة بدون تكييف في نهار أغسطس في الرياض " ، أصيبت إحدى السيدات بإغماء من جراء الحر، وكان المرافق الذي معها يصرخ في المضيف طالبا المساعدة ويتذمر في نفس الوقت من الحر الذي سبب هذه المشكلة، لكن المضيف الذي كان يجلس على كرسيه، غضب من الراكب وبدلا من أن يجري لإسعاف المريضة وينادي على طبيب أصر في البداية أن يعلم الراكب الأدب وقال " ما يزعقليش " ، قمت من مكاني وفحصت المريضة التي أدركت أنها تعاني من هبوط بسبب الحر، طبعا كان تشخيصي يقوم على مجرد جس النبض، فلم يكن يوجد على الطائرة جهاز قياس الضغط " على صغر حجمه وأهميته فالطائرات لا توفره " ولا يوجد جهاز لقياس السكر " وهذا مجرد تخمين لأني طلبت من المضيف الواخد على خاطره حقيبة الإسعاف ولم يحضرها " وكما ذكرت كانت حالة المريضة مستقرة، أدركت هذا من نبضها، لكني طلبت من المضيف أن يجد لها مكانا أوسع كي تستطيع أن تستلقي فيه ونرفع قدميها لأعلى كي تتخلص من هبوط الضغط الذي تعاني منه، ولم يجد، أو انه كان ينتظر أن تقترب من الموت وتسوء حالتها لدرجة خطيرة قبل أن يتصرف ويتحرك بسرعة ، فلابد انهم ادركوا بخبرتهم الطبية العالية أنه لا داعي للخوف وان المريضة لن تموت وأنها في النهاية لوساءت حالتها فلن يلومهم أحد لأن الأعمار بيد الله . المضيفون في الطائرات لا يتم تدريبهم على الإسعافات الأولية، بالإضافة لذلك هم لا يتحركون بالسرعة المطلوبة، كيف يمكن أن ينقذ هذا النوع من المضيفين الناس إذا حدث طارئ للطيارة وهم لم يتمكنوا من إظهار التفاعل المرجو مع شخص واحد، المسألة الأخرى التي تهمني في الموضوع، هذا النقص الشديد في الأدوات الطبية الموجودة في الطائرات، هل سيتم الالتفات لها؟ وهل سيتم تدريب طاقم الطائرة على الاسعافات الأولية؟ باختصار شديد، أعتقد أنني سأعود للتردد للإجابة على أي نداء في الطائرة لأن منظري سيكون سخيفا وانا طبيبة أحاول أن انقذ أحدا ما بدون أي أدوات أو أدوية ونحن على ارتفاع آلاف الأقدام من الأرض .. هناء حجازي