أقدم بعض الليبراليين في بلدنا على سب الله تعالى والقدح فيه وفي النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن، ويسخرون من الصلاة، حتى قال أحدهم (الصلاة عمل غير عقلاني)، وأخرى تقول: (هل سمعت محمد عبده – المغني- أم الله)، وآخريقول: (الله والشيطان وجهان لعملة واحدة)، (آن لنا أن نغير عقيدة محمد بن عبدالله)، وغيرهم كثير من ملتهم.. وهم بهذا أحرجوا الأكثرية من الليبراليين الذين يسعون جاهدين لتزيين الليبرالية بشتى المساحيق (المكياج) حتى تروج بين المسلمين في بلد الحرمين، وهؤلاء لا يختلفون عن المفصحين عن ليبراليتهم بشدة إلا في الأسلوب، حيث تقديم الليبرالية دفعة واحدة عند أولئك وتقديمها خطوة خطوة عند هؤلاء. إن أكثر الليبراليين يبذلون جهودا كبيرة لتجميل الليبرالية سعيا إلى قبول المسلمين لها ولهم، فما الليبرالية إذن؟ هي عقيدة الحرية، وكلمة ليبرالية معناها الحرية في جميع اللغات الأوربية، مع فوراق بسيطة بين اللغات liberty وهي عقيدة بسيطة جدا لا تعقيد فيها، تقوم على أن للفرد الحرية المطلقة من الإيمان بالله تعالى ومن أحكام وأخلاق كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وهي مبدأ يدعو إلى العدوان على خصائص الإنسان وفطرته السوية السليمة في كل مجتمع مسلم أو غير مسلم، إنها دعوة أشد فتكًا بالإنسان من كل سلاح فتاك عرفته البشرية. فالليبرالية في جانبها العقدي والفكري: ممارسة مطلقة لا يحد من انطلاقها قرآن ولا سنة، ولا قدسية في نظرها لشيء، فالردة حق مكفول في الليبرالية، وكذلك حرية الاعتراض على الخالق عز وجل، بل حرية سب الله تعالى وتقدس، وسب الأديان وانتقاد الرسل؛ لذا في الغرب سب المسيح عليه السلام واتهام مريم عليها السلام بشتى التهم القذرة أمر عادي، وكذا سب نبينا صلى الله عليه وسلم حق تكفله القوانيين الوضعية الليبرالية. والليبرالية في جانبها السلوكي تعني حرية الفرد في الشذوذ والتمرد على الإسلام جملة وتفصيلا في العلاقات الجنسية سواء مع المرأة – حرية الزنا-، أو المثلية – نكاح الجنس الواحد وزواج الجنس الواحد-، أو في شرب الخمر وحق كل الناس في ذلك، فهي الحرية، أي رفض المقدس مصدر التحليل والتحريم أو ما يسميه الليبرالي (التابو). لا تعترف الليبرالية بحتمية الشريعة ولا تعترف بقول الله تعالى (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) والليبرالية والعلمانية أهواء. ولنتذكر أن مجتمع مشركي مكة كان سباقا لليبرالية الذي مارس حريته مع كل شيء، إلا مع النبي صلى الله عليه وسلم ومجتمع الإسلام الأول، فقتل وعذب وسلب ومارس أبشع الجرائم مع المسلمين حتى ترك المسلمون وطنهم وهاجروا إلى ماوراء البحار فرارا بدينهم وحرياتهم وحريتهم الإيمانية، قال تعالى: (أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله)؟! فهي في حقيقتها استئصالية ضد الإسلام. هذه هي حقيقة الليبرالية ولولا خشية الإطالة لناقشت المسألة من جميع جوانبها.