وجَّه معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ بتوحيد الخطب غداً الجمعة الحادي عشر من شهر شعبان الجاري 1436ه ليكون موضوعها الرئيس الحديث عن التفجير الإجرامي الذي وقع في مسجد علي بن أبي طالب رضي الله عنه في بلدة القديح، واستهدف المصلين الذين أتوا إلى المسجد طلباً للأجر والثواب وليأدوا فريضة الجمعة كما أمرتهم بها شريعة الإسلام. صرح بذلك فضيلة وكيل الوزارة لشؤون المساجد والدعوة والإرشاد الدكتور توفيق بن عبدالعزيز السديري، لافتاً فضيلته إلى أن توجيه معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ جاء في تعميم موجه لجميع مديري عموم فروع الوزارة في جميع مناطق المملكة تضمن التأكيد على جميع خطباء الجمعة والخطباء الاحتياطيين لتناول هذا الفعل بالذم والاستنكار، وذكر الأدلة في حرمته في خطبة الجمعة المقبلة. وأضاف السديري أنه على الخطباء التأكيد على عموم الناس أن هذا الفعل عمل مشين لا يقره الدين، ولا العقل ولا الفطرة سوية، والتأكيد على أننا في زمن فتن كثيرة فيها الحيل والأكاذيب، وتنوعت فيها أساليب التضليل والتلبيس والتدليس والتزوير على كثير من الناس، وأن الموفق من باعد نفسه عن مواطنها، وحجز نفسه عن الدخول فيها، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي ومن تشرف لها تستشرفْه، ومن وجد ملجأً أو معاذاً فليعذ به) رواه البخاري. وجاء في التعميم أن حادث التفجير الآثم يستهدف أول ما يستهدف زعزعة الاستقرار في هذا البلد الآمن وتمزيق وحدته، وأحداث شرخ في وحدة الأمة حول دولتها من خلال إثارة النعرات المذهبية، ومحاولة إدخال المملكة في دوامة من العنف، والعنف المضاد الذي تغذيه دوائر استخباراتية معادية، وقنوات فضائية ومواقع للتواصل الاجتماعي؛ خدمة لأعداء الإسلام، مما يوجب الحذر من الدعايات المضللة والدعاوي الكاذبة، والمزايدات الفجَّة الذي يروج لها المفسدين في الأرض، وجهلة مغفلون؛ لتبرير أفعالهم المشينة وجرائمهم البشعة بحق الوطن والمواطنين. وأضاف أن الإسلام إنما جاء بالعدل والإحسان، ونهى عن الظلم والبغي والعدوان، فقال سبحانه: { إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }، وقال تعالى: { وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ }، وقال تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ }. وتابع: "ولم تكن الخلافات المذهبية يوماً من الأيام سبباً لسفك الدماء وإزهاق الأرواح، فالتعايش والانتماء للدولة هو السائد بحمد الله وفضله بين جميع فئات المجتمع في هذا البلد منذ أن تم تأسيسه إلى يومنا هذا في صور رائعة أثارت غيرة الأعداء وحسدهم وكوامن عداواتهم؛ فسعوا لتأجيج الخلافات وإيقاد نار الفتن بإثارة النعرات الطائفية البغيضة التي لا يستفيد منها إلا أولئك المتربصون بالوطن وأهله". وقال التعميم: "وقد وجدوا في خوارج العصر مطية سهله لتنفيذ مخططاتهم وأجندتهم مستغلين حماقتهم وجهلهم، وفوضويتهم، وتهورهم، واندفاعهم وراء أوهامهم، وحبهم لمفارقة الجماعة، ونزع يد الطاعة، واستهتارهم بالأنظمة، واستهانتهم بالأرواح، وولوغهم في الدماء وتجاسرهم على القتل، وتعمدهم للإيذاء، والتخريب، والتدمير، بدعاوي كاذبة، وحجج واهية، وذرائع ساقطة، بدون مبالاة بحرمتها، ولا اعتبار لكرامتها، ولا خوف من عقاب الله تعالى لمن تجرأ عليها، فجندوهم؛ لتشويه صورة الإسلام، والإساءة إليه وإلى أهله بأفعال طائشة، وأعمال مشينة وتفجيرات آثمة، وإفساد في الأرض. وبيِّن التعميم أن المسلمين كانوا في عافية حتى أقدم الخوارج على قتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فانفتح على المسلمين باب شر عظيم سالت منه دماء زكية، وتفرقت بسببهم الأمة شيعاً وأحزاباً يلعن بعضهم بعضاً ويقتل بعضهم بعضاً، يُكفِّرون كلَّ مَن خالفهم من أهل القبلة ويستحلون دماءهم وأموالهم وأعراضهم، وهؤلاء الخوارج المعاصرون شر من الخوارج الأولين، وأكثر فساداً، وأجرأ على المسلمين من سابقيهم، وجاءت الأحاديث الشريفة عن سيد البشر صلى الله عليه وسلم أن الخوارج (شر الخلق والخليقة وأنهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون إليه) وأنهم (يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء) وأنهم (يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان)، وحث صلى الله عليه وسلم على قتالهم وقال: (لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد)، وقال: (طوبى لمن قتلهم وقتلوه) وإنهم (كلاب النار، وشر قتلى تحت أديم السماء). وشدد التعميم في نهايته على وجوب أن يتحمل الجميع مسؤوليته الدينية والوطنية تجاه أمن البلاد ووحدته، وأن يتحلوا بالبصيرة التي تعينهم على فهم المقاصد الخبيثة لخوارج العصر المارقين ومَن وراءهم مِن دعاة الطائفية وقوى الشر التي تتخفى خلفهم وتتخذهم مطايا لتحقيق مآربهم الخبيثة، وأن نكون جميعاً يداً واحدةً وصفاً واحداً خلف قيادتنا وولي أمرنا ومع رجال أمننا ضد كل مَن يهدد أمن الوطن ولحمته وتماسكه وأمنه ومقدراته ومصالح المواطنين والمقيمين ويهدد ضروراتهم الخمس.