ترسيخاً للانقلاب على السلطة في اليمن، والسيطرة على المؤسسات، شرع الحوثيون في قمع من يناهضهم، ونكّلوا بهم، وأمعنوا في تعذيب من يختطفون داخل معتقلاتهم الخاصة؛ الأمر الذي أثار ردود فعل واستياءً واسعاً. الناشط السياسي صالح البشري، أحد الذين قُتلوا، السبت الماضي، إثر تعذيبه من مسلحين يتبعون الحوثيين، بعد اختطافه أثناء مشاركته في مسيرة احتجاجية في العاصمة اليمنية صنعاء يوم 11 فبراير. وتم العثور على "البشري" وثلاثة آخرين، صباح السبت الماضي، في شارع الستين بصنعاء وهم في حالة إغماء نتيجة التعذيب المستمر، وتم نقلهم إلى أحد المستشفيات لينتهي الأمر بوفاة "البشري" متأثراً بجراحه. خطف وتعذيب علي الفقيه أحد رفاق "البشري" الثلاثة الذين تم الإفراج عنهم بعد تعذيبهم من الحوثيين، أكد أن الحوثيين اختطفوهم، يوم الأربعاء الماضي، واقتادوهم إلى معتقل خاص، وهم معصوبو العيون مكممو الأفواه، مشيراً إلى أنهم بدؤوا في تعذيبهم في يوم الجمعة. وقال الفقيه: "بعد اختطافنا من الحوثيين، تم إيصالنا إلى سجن تابع لهم تحت الأرض، ومنعونا من أبسط الحقوق الإنسانية لمدة ثلاثة أيام، مارسوا خلالها علينا أنواع التعذيب"، لافتاً إلى أن الحوثيين اتهموهم بالعمالة لأمريكا وإسرائيل. وأضاف: "بعد صلاة مغرب اليوم الثالث من الاعتقال تم أخذ صالح البشري وقام الحوثيون بضربه ضرباً مبرحاً، وكنا نسمع صراخه، بعدها تم استدعائي مع رفاقي الآخرين وتم تعذيبنا وضربنا من المسلحين بشكل هستيري"، موضحاً أن خاطفيهم أفرطوا في ضرب صالح؛ الأمر الذي أدى إلى وفاته بعد ساعات من التعذيب. وأشار "الفقيه" إلى أنهم حُرموا من دخول الحمام لفترات طوال، ومُنع عنهم الأكل والشرب، وحُبسوا داخل غرفة ضيقة، لافتاً إلى أن "البشري" تعرض للضرب الشديد حتى الإغماء. وتعرض علي طاهر الفقيه، وعبدالجليل الصباري، ومنصور النظامي، لتعذيب شديد وخصوصاً في مناطق حساسة. تظاهرات منددة وأدت حادثة وفاة الناشط "البشري" إلى خروج تظاهرات مناهضة للحوثيين في مدن: صنعاء، وإب، وتعز، وردّد المشاركون شعارات منددة بسيطرة الميليشيات على السلطة، معتبرين الحادثة مؤشراً خطيراً على سلوك الجماعة. وفي السياق ذاته، حمّلت حركة "رفض" الشبابية ميليشيات الحوثي مسؤولية سلامة أمينها العام أحمد هزاع، مطالبة بسرعة الإفراج عنه. واعتبرت الحركة في بيانها، أن ملاحقة قيادة الحركة وإخفاءهم وتعذيبهم جرائم ضد حقوق الإنسان تُضاف إلى الجرائم السابقة للحوثيين، مؤكدة أن هذه الممارسات "الهمجية لن تزيد حركة رفض ومناصريها والشعب اليمني إلا إصراراً على استكمال أهداف الثورة السلمية للوصول إلى الدولة المدنية". وأقدم مسلحون يتبعون الحوثيون في مدينة إب، وسط اليمن، على الاعتداء بالضرب على الأمين العام للحركة أحمد هزاع، واقتادوه إلى مكان مجهول، كما قاموا باعتقال المصور التلفزيوني، محمد المعلمي، الذي سرد بعد الإفراج عنه، قصة اختطافه والاعتداء عليه من ميليشيا تابعة للجماعة، بعض أفرادها يرتدون زي الأمن والجيش وآخرون بزي مدني، وذلك أثناء تغطيته فعالية سلمية احتجاجية تطالب بإطلاق سراح الأمين العام لحركة "رفض". وقال "المعلمي" إنه تعرض لاعتداء من عشرة مسلحين بأعقاب البنادق؛ ومن ثم جرى اقتياده إلى أكبر سجن للحوثيين في المنتجع السياحي الذي استولت عليه الجماعة أثناء اجتياحها محافظة إب قبل نحو ثلاثة أشهر. وأعادت حادثة اختطاف "المعلمي" قصة مماثلة حدثت قبل أكثر من شهر لمصور آخر، هو معد الزكري، الذي مكث أياماً في معتقل للحوثيين في صنعاء خضع خلالها للتعذيب، وشعر حين إطلاق سراحه بأنه وُلد من جديد، قائلاً: إن الترهيب النفسي كان أشد إيلاماً من التعذيب البدني. غضب في مواقع التواصل إزاء هذه الممارسات، سرت حالة من الغضب في أوساط ناشطي مواقع التواصل، ونُشرت صور المعتقلين على نطاق واسع، مصحوبة بعبارات إدانة واستنكار. وازدادت موجة الغضب بعد سخرية ناشطين موالين لميليشيات الحوثي من حالة التضامن الواسعة مع المعتقلين الذين تعرضوا للتعذيب. وعلّق الكاتب سامي غالب، في صفحته: "أولئك الذين حوّلوا، قبل شهرين، واقعة خطف وتعذيب شادي خصروف في معتقل سري للحوثيين، إلى مادة للتندر خصوصاً بعد عضه بوحشية من أحد الأشخاص الذين عذبوه، يتحمّلون نصيباً من مسؤولية مقتل الشاب صالح البشري بالتعذيب. بين أولئك الساخرين والمتندرين قياديون حوثيون وصحافيون وحقوقيون وحقوقيات". وكان والد القتيل "البشري" تمنى لو أن الحوثيين قتلوا ابنه برصاصة أو حتى بقذيفة. وقد علّق غالب "صوت والد البشري هو صوت كل اليمنيين، وهو لسان حال الضحايا جميعاً". من جانبها، قالت منظمة العفو الدولية أن خبراء لها موجودون في اليمن جمعوا شهادات مروعة عن كيف تقوم جماعة الحوثي المسلحة بتعذيب المتظاهرين في محاولة لثنيهم عن المعارضة. وقالت دوناتيلا روفيرا، كبيرة مستشاري الأزمات في منظمة العفو الدولية الاستجابة، حالياً في اليمن: "انحنى الحوثيون إلى مستوى جديد وخطير من الترهيب والعنف لبث الخوف في نفوس أي شخص يحاول الاحتجاج على حكمهم". وأضافت: "تكشف شهادات كيف تم احتجاز المتظاهرين وتعذيبهم لعدة أيام؛ مما يؤثر على سلامة جميع أولئك الذين يجرؤون على التحدث علناً ضد حكم الحوثيين الذي يقف على المحك".