قصص غريبة وأشياء لا تخطر على البال.. صخب وضجيج وحركة دؤوبة لا تهدأ.. عالم غريب يلفه الغموض.. حيوانات من كل نوع وفصيل.. يحتل جزءا منعزلا بعيدا عن أعين الناس والجهات المختصة ولكنه يعمل تحت مظلة سوق الأنعام المركزي بجدة.. فريقان من الباعة؛ فريق «يراقب» مراقبي البلدية وآخر يزاول البيع.. ومتسوقون يأتون من أقاصي الدنيا للحصول على ضالتهم من الحيوانات الأليفة وحتى المفترسة والسامة. قلة هم من يعرفون هذا المكان ونشاطه الأسبوعي المعروف بسوق الجمعة، حيث تعرض الحيوانات والطيور بأنواعها وأيضا الثعابين السامة وغير السامة، التماسيح والزواحف والكلاب والقطط وحتى الفئران، في مناخ غير صحي أو اشتراطات صحية.. ولا يخلو المكان كذلك من باعة الأطعمة الجائلين الذين يبثون الأمراض والأوبئة بين الرواد بالجملة في سوق يقصده مختلف شرائح المجتمع ومن مختلف المناطق. « وبحسب تقرير لصحيفة عكاظ الأسبوعية» تجولت في ما يعرف بحراج الجمعة وتحاورت مع عدد من الباعة ورواد السوق الذين يقصدون هذا المكان لشراء الحيوانات لأغراض مختلفة. عشق وهواية بداية أوضح عبدالله الغامدي أحد الباعة المتواجدين في حراج الجمعة بأنه يهوى تربية الطيور الصغيرة بأنواعها المختلفة، بدءا بمرحلة إعداد البيض ومن ثم مرحلة التفقيس وبعد فترة عناية مكثفة بالصيصان تبدأ مرحلة التسويق التي تتم عبر المزادات التي تنظم في سوق الجمعة لبيع الطيور. وأضاف «منذ صغري اهوى تربية الطيور، وحاليا اكملت سبع سنوات في هذا النشاط»، ولا يملك الغامدي كغيره من الباعة تصريح مزاولة البيع والشراء، وهنا برر عدم حصوله على التصريح بالقول «لا اجد الوقت الكافي لاستخراج تصريح محل اقف عليه، خاصة أنني أحضر إلى السوق مرة واحدة في الشهر لأبيع طيوري الصغيرة، رغم علمي أن ما أقوم به مخالف لأنظمة البيع والشراء، فأنا متقاعد ولا أعمل بصفة رسمية في السوق، لذلك أجد السلوى في تربية الطيور بمختلف أنواعها ومن ثم بيعها مقابل مكسب مادي بسيط لا يتعدى بضع ريالات». تربية الحيوانات وبين محمد الزهراني أن روتين حياته لم يتغير منذ 15 عاما، فهو يقصد حراج الجمعة للحيوانات والطيور أسبوعيا، لبيع حيواناته التي تشمل الطيور والزواحف وكذلك القطط التي يقوم بتربيتها في منزله، بعد أن خصص جزءا كبيرا من وقته للعناية والاهتمام بها. وأضاف «تربية الحيوانات والاهتمام بها هواية رائعة وتروق لي كثيرا، ووالدي هو من زرع حب الحيوانات في داخلي منذ صغري وكان يشجعني على حب الحيوانات والاهتمام بها، وحاليا أسهر على تربيتها ورعايتها منذ مراحلها الأولى، وعندما تكبر اقوم ببيعها، وأحينا اشتري بعض الحيوانات بأسعار زهيدة وأبيعها لأصدقائي وبعض المعارف المهتمين بتربية الحيوانات الاليفة وحتى المفترسة، وأجني من ورائها بعض الأرباح»، مشيرا الى انه يقلق بعض الشيء كونه لا يملك تصريحا يخوله ممارسة بيع الحيوانات في السوق، خاصة أن مراقبي البلدية ينفذون أحيانا حملات مفاجئة ويصادرون بعض الحيوانات وهذا يكبد البائع خسائر كبيرة. ربح معقول من جانبه، ذكر فيصل العتيبي أنه يهوى تربية الحيوانات الاليفة وخاصة الكلاب منذ الصغر، ويقصد بين فترة وأخرى حراج الجمعة في سوق الأنعام لشراء الكلاب ومن ثم تربيتها وتدريبها قبل بيعها مرة أخرى بهامش ربح معقول، على حد قوله. وأضاف «عدم حمل معظم الكلاب المعروضة في الحراج شهادات صحية قد يهوي بأسعارها وبعضها غير مدرب وتأهيلها يحتاج لجهد مضاعف ويستغرق الكثير من الوقت والمال». ويضيف «أشتري الكلاب الصغيرة غير المدربة ومن ثم أشرع في تأهيلها وبيعها مرة أخرى بسعر مرتفع، كما أن أغلب الكلاب المعروضة في السوق مصابة بأمراض مختلفة». بدوره أوضح عمر الجهني أن باعة الحيوانات الأليفة يعملون ضمن سوق الحيوانات، ولا داعي لاستخراج تصاريح عمل، وقال «عملنا يتم بصفة اسبوعية ولا يتجاوز الست ساعات أسبوعيا». وأضاف «عن نفسي اقوم بتنظيم المزاد في الحراج فمن يريد بيع سلعته يأتي إلي واسجل بياناته وعدد الحيوانات التي يريد بيعها، ثم نفتح المزاد ومن لديه الرغبة في الشراء يدخل المزاد.. والحمد الله يشهد السوق اقبالا ملحوظا من قبل المهتمين وحتى الفضوليين من سكان محافظة جدة ومن مكةالمكرمة وبعض المناطق القريبة». مزاد أسبوعي ويشير خالد الذبياني، إلى أنه من هواة تربية الببغاوات، ويحضر معظم المزادات التي تعرض هذه النوعية من الطيور، ومنها بالطبع حراج الجمعة، حيث يقوم بشراء ما يناسبه منها ومن ثم عرضها في الحراج بعد تدريبها على ترديد بعض الكلمات، وقال «لدي حاليا ببغاء «كاسكو» الأفريقي ويقدر ثمنه ب3 آلاف ريال وهو يجيد ترديد الكلام». وبين أحمد فرج أنه دائما ما يتردد إلى حراج الجمعة لمشاهدة المزادات وعروض الثعابين، وقال «لا أخفي بأن المكان بعيد جدا وغير منظم، وبالرغم من كونه بيئة صالحة لانتقال الأوبئة والأمراض إلا أنني اقصد السوق لحضور المزادات على الحيوانات والطيور، وما يعيب السوق أنه لا يوفر الاشتراطات الصحية ومن يزاولون هذه المهنة لا يملكون التصاريح الرسمية، ومعظم الحيوانات أو أغلبها بلا وثائق، متأملا أن تخصص الأمانة سوقا مجهزا بالمرافق والخدمات، وإذا تحقق هذا الأمر فإن السوق سيجذب شريحة كبيرة من المواطنين من هواة تربية الحيوانات الأليفة إضافة الجنسيات الوافدة وخاصة الأوروبية منها». تحديد الأسعار وأكد عبدالله الحربي، ولعه وحبه الشديد للطيور وتربيتها منذ الصغر، وأنه يقصد سوق الجمعة لبيع الطيور والزواحف ويحضر المزادات المختلفة، حيث يقوم بشراء ما يناسبه منها وعرضها في السوق بعد تدريبها وتأهيلها، ويرى الحربي أن الأسعار في سوق الطيور تعد معقولة إلى حد ما، إذ يقدر سعر الدجاج الفارسي الذي يتميز بحجمه الضخم ب1500 ريال، كما يقدر سعر الديك الرومي ب2600ريال، أما الفأر من نوع «الهامستر» فقيمته 15 ريالا. وأردف «يحتضن حراج الجمعة أو سوق الطيور كافة أنواع الحيوانات من زواحف وكلاب وقطط وطيور، بعضها بوثائق بعضها بلا وثائق وهذه المعضلة هي التي تحدد سعر الحيوان المعروض». إقبال ملحوظ وذكر محمد المالكي أحد مرتادي السوق منذ أكثر من 10 أعوام، أن سوق الجمعة لبيع الطيور والزواحف يشهد اقبالا كبيرا وملحوظا من مختلف الجنسيات العربية والاسيوية والافريقية فهذا السوق يعد منبعا لجميع الحيوانات النادرة في جدة وايضا نقطة تجمع لهواة تربية الحيوانات. وأضاف «عندما تدخل بوابة السوق تسمع أصوات الحيوانات المختلفة بدءا من مواء القطط وحتى عواء الذئاب». وتابع «يتميز السوق بوجود الحراج إذ توضع أنواع الدجاج والطيور في أقفاصها أو تكون منتشرة في حلبة بين المحرجين ويبدأ المزاد عليها»، فيما أشار عبدالله باطرفي إلى أن سوق الجمعة يعد تجمعا هائلا لجميع انواع الحيوانات في المحافظة ويتميز بوجود المزاد العلني وايضا بعض العروض للزواحف بجميع أنواعها. وزاد «يخلو هذا الحراج من الاشتراطات الصحية فهناك بعض الحيوانات لا تحمل وثائق، وايضا بعض الباعة يزاولون مهنتهم بلا تصاريح، لذلك يتم البيع بأسلوب عشوائي، كما أن البسطات المتواجدة غير منظمة وهنالك البعض يعرض سلعته على سيارته، أو يتجول حاملا الطيور أو الكلاب وحتى الزواحف، كما تجد من يفترش منتصف الشارع عارضا حيواناته المختلفة».