في أقصى جنوبجدة وفي كل جمعة تختلط تغاريد البلابل بهديل الحمام، ويمتزج صياح الديكة بنقنقة الدجاج مشكلة أنغام خاصة تكاد تلامس أسماع الزائرين جميعًا في أكبر سوق للطيور والزواحف في المنطقة الغربية، حيث لا يبدد تلك الأصوات سوى صيحات المحرّجين هناك، عندما يلتقي في كل جمعة هواة الطيور والدواجن والزواحف من مختلف مناطق المملكة في سوق الحمام المركزي بحي الخمرة، وذلك لبيعها في مزادات أشبه ما تكون بكرنفال أسبوعي مثير. أنواع مختلفة ونادرة من تلك الحيوانات والطيور تجدها معروضة في هذا السوق، فهذا دجاج فارسي وذاك ببغاء الميجر ميتشل وديك رومي وفئران (الهامستر) إلى غيرها من الأنواع المختلفة. ويقوم هؤلاء الهواة بتربية تلك الحيوانات في مزارعهم والاعتناء بها ومن ثم عرضها للبيع في ذاك السوق الأسبوعي الجامع. أنواع نادرة ومن بين جمع كبير من المشترين والزائرين يقول أحد الباعة ويدعى وليد حسن: أنه من هواة تربية الببغاوات حتى النخاع، حيث يتنقل بين الفينة والأخرى لحضور مزاداتها في الخليج، ويقوم بشراء ما يناسبه منها ومن ثم عرضها في السوق. ويضيف: اليوم لدي ببغاء المكاو البرازيلي، والذي يتميز بألوانه الزاهية وألفته، إضافة إلى أنه يجيد ترديد الكلام، مشيرا إلى أن قيمته تقدر بعشرة آلاف ريال. وفي الزاوية الغربية من السوق يبسط عبدالعزيز الزهراني وهو هاوٍ متخصص في الأنواع النادرة من الطيور، إذ يقول: لدي طائر (الميجر ميتشل) الفخم والنادر، والذي يتميز بعرفه ذي الألوان الزاهية، وهو من الطيور المهددة بالانقراض ويمنع تصديره، لذا أنا على أمل أن يأتي زبون لبيعه بعشرين ألف ريال. نقص الخدمات ويجتمع الهواة في كل أسبوع، وقد جعلوا من الأرض بساطا لبضائعهم إذ إن السوق يعاني من نقص في الخدمات كعدم وجود محلات أو حتى أسقف تحمي البائعين من أشعة الشمس. ويقول شيخ طائفة الطيور خالد نعمت الله: للأسف لا يوجد اهتمام بنا والناس تبسط في الشارع، ولا يوجد مسجد ولا دورات مياه ولا حتى أسقف يستظل بها الباعة، فمجموع الباعة والزوار يصلون في يوم الجمعة خاصة وقت الذروة من بعد العصر إلى المغرب إلى 5000 شخص تقريبا، مطالبا المسؤولين بالاهتمام بالسوق أسوة بباقي أسواق الطيور في مختلف مناطق المملكة. ويشهد السوق إقبالا كبيرا من مختلف طبقات المجتمع، حيث يفضل فهد القرني اصطحاب أبنائه الصغار بين الفينة والأخرى إلى «حديقة الحيوانات المصغرة» حسب وصفه، وذلك» للاستمتاع برؤية أندر الطيور وأغربها في سوق يعد مقصدًا للباحثين عن أندر أنواع الطيور ونقطة تجمع لهواته، إضافة إلى شراء المناسب منها. ثعابين وفئران وعلى الرغم من أن السوق مخصص فقط لمختلف أنواع الطيور والدواجن إلا أن ذلك لم يمنع عددا من الشبان الهواة من عرض بعض أنواع أخرى غيرها كالثعابين والفئران من فئة (الهامستر) حيث تلقى رواجا كبيرا من قبل الرواد هناك. يقول ثامر شاكر وهو أحد عشاق جمع وتربية الثعابين: هذه الأنواع التي تباع في السوق من نوع (أصلات) أي بمعنى أنها بدون سم، ويتم استيرادها من أستراليا وأفريقيا ومن ثم يتم تربيتها في المزارع الخاصة في جدة. وفي ناحية أخرى من السوق شدنا نباح الكلاب فيما الناس متجمهرون حولها، لنعلم فيما بعد أن فترة الحج تعد موسما مهما لبيع وشراء الكلاب، إذ يقول محمد علي: أن هذه الأيام تعد موسما مهما للكلاب نظرا لخروج الناس للحج وقضاء إجازة العيد في الخارج مما يتطلب حراسة المنازل. وعن مصدرها يقول: معظمها مهجن ويكون في الأحواش في أطراف المدينة، مشيرا إلى أن الكلب البوليسي هو الأكثر طلبا، إذ يتراوح سعره من 1500 وحتى 3000 ريال، فيما يصل سعر بعضه إلى 6000 ريال إذا كان حجمه كبيرا. أما عن الأسعار فهي معقولة إلى حد ما إذ يقدر سعر الدجاج الفارسي ب1500 ريال، والذي يتميز بحجمه الضخم، كما يقدر سعر الديك الرومي ب2600 ريال، أما الفأر من نوع (الهامستر) فيقدر ثمن الواحد منه ب15 ريالا. تداول ممنوع من جهته صرح مصدر مسؤول ل «المدينة» أن البيع أو الاستخدام الشخصي للحيوانات الوحشية والمفترسة في المملكة مخالف للأنظمة والتعليمات. وأضاف: أنه عند مخالفة الأنظمة باستيراد الحيوانات الوحشية تتم مصادرة الحيوان أو يعاد تصديره، ويحال الشخص إلى لجنة شكلها النظام للنظر في المخالفة، وتطبيق العقوبات المناسبة بحقه، مشيرا إلى أن الهيئة عينت مراقبين بالتنسيق مع الجهات المختصة لتطبيق النظام في حق المتاجرين بالكائنات المهددة بالانقراض، في عدد من المنافذ والأسواق. وطالب المصدر منظمي المهرجانات الموسمية ومسؤولي الأسواق التي تبيع الحيوانات والزواحف عدم الدعوة لإقامة أي عروض ترفيهية أو الترويج لها بالبيع مثل الثعابين أو العقارب أو القرود وغيرها من الحيوانات البرية، نظرًا لحيازتها من دون اعتماد أو موافقة الهيئة السعودية للحياة الفطرية.