عام يمر، وآخر يأتي، والمنتخب الهولندي يركض خلف حلم تحقيق لقب كأس العالم دون جدوى، كرة شاملة وأداء ماتع، وإشادات من كل صوب دون فائدة تذكر، لكون الهدف المنشود تعجز عنه أقدام «الطواحين»، وملامسة الذهب أبعد من أياديهم، فلم يكن باستطاعتهم سوى إلقاء نظرة يملؤها الحزن على الكأس الأغلى، في مشهد يتكرر مع كل جيل جديد تبزغ نجوميته في سماء هولندا. ويرى الكثير من النقاد والخبراء في الوسط الرياضي أن منتخب هولندا، لا يعرف كيف يفوز، فهو باستطاعته إمتاع ملايين المشاهدين، وكسب احترام جميع المنتخبات المشاركة في البطولة، ولكن أن يصل للمباراة النهائية ويربحها فذلك أمر صعب، بسبب عقلية اللاعب الهولندي التي كبُرت على واقع أن الكرة تم اختراعها للمتعة لا للإنجازات. ولا يوجد منتخب يملك قدرات هولندا، ولم يستطع ربح اللقب، ولهذا فإن أصحاب القمصان البرتقالية يستحقون عن جدارة لقب «أقوى منتخب نشد المجد ولم يحققه» على الرغم من اقترابه منه في السبعينات، بقيادة المدرب الراحل رينوس ميتشلز، الذي قاد هولندا لنهائي نسختي 1974 و1978، ولكنه عجز عن إكمال الخطوة الأخيرة بخسارته أمام ألمانياالغربية بهدفين لهدف، والأرجنتين بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد على التوالي. وفي الوقت الذي تعاني منه كبرى الدول الأوروبية من شح في المواهب، لا تزال هولندا تصدّر النجوم، نظرا إلى ما تمتلكه من أكاديميات على مستوى عال، تأتي في مقدمتها أكاديمية نادي اياكس، فمع نهاية كل جيل يأتي من بعده جيل آخر بمواهب عدة، بداية بيوهان كرويف، مرورا بالهدّاف ماركو فان باستن، ومن ثم دينيس بيركامب، والآن مع نجوم بحجم روبن فان بيرسي، وآريين روبن، وماركو فان بوميل. واعتبر البعض أن هولندا، تكمن مشكلتها الأبرز في الآلية التي يتم بها اختيار المدربين، بالإضافة إلى عدم وجود لاعب هولندي استطاع إثبات نفسه واستمر على هذا النهج، باستثناء أسماء بسيطة، لا يدخل من ضمنها فرانك ريكارد، الذي قاد برشلونة لتحقيق كافة الألقاب الممكنة في مشواره التدريبي مع الفريق منذ 2004 ولمدة أربعة أعوام، نظرا إلى التراجع الحاد في مستواه، وعدم قدرته على إيجاد خطط جديدة، نظرا إلى معرفة الجميع لنهجه، وقدرتهم على القضاء عليه، ليتجه الآن صوب تدريب جالطة سراي في دوري متواضع مثل الدوري التركي. وجاءت بداية برت فان مارفيك الذي تسلم زمام التدريب بعد نهاية يورو 2008 خلفا لفان باستن، مبشرة حيث تأهلت هولندا إلى النهائيات دون أدنى خسارة مثل إسبانيا، وحصلت على أقوى دفاع، حيث لم تهتز شباكها إلا في مناسبتين، إلا أن ذلك الأمر لم يحم مارفيك من الانتقادات، خصوصا من قبل الصحف المحلية، التي لا تزال تشكك في إمكانياته، ولا تعتقد أنه الرجل المناسب للنجاح في مهمة صعبة مثل الفوز بكأس العالم. وإذا كان سوء الطالع يرافق الهولنديين في أحيان عدة، فإن معضلة الإصابات أكثر ما يرهقهم، بسبب البنية الجسمانية الهزيلة لغالبية اللاعبين، بما في ذلك العناصر التي تستعد للمشاركة في «المونديال» الإفريقي، خصوصا آريين روبن وفان بيرسي اللذين يعتبران أكثر لاعبي المنتخب عرضة للإصابات. ولا تلعب هولندا غالبا بطريقة واقعية أو بانضباط تكتيكي على مستوى عال، حيث تستمر في الهجوم طيلة دقائق المباراة، وتنتهج أصعب طرق اللعب، من خلال الاعتماد على التمريرات البينية، ثم الاختراق من العمق، وهو ما يكلفهم الكثير، على عكس ما يقدمه المنتخبان الألماني والإيطالي، اللذان يعتمدان على إغلاق المساحات، والاعتماد على البنية الجسمانية والهجمات المرتدة، فغالبا يكون النصر حليفهما أيا كان سوء أدائهما في المباريات. ولم تكن مشاركة هولندا في كأس العالم 2006 على قدر المستوى المأمول بعد الخروج من دور ال 16 على يد البرتغال، ولم تتأهل لكأس العالم 2002 في كوريا الجنوبية واليابان، بينما جاءت مشاركتها في 1998 متميزة بقيادة المدرب الهولندي جوس هيدينك بعد الوصول إلى الدور نصف النهائي والخسارة على يد البرازيل بركلات الترجيح