بدأت شركات الإنتاج وفنانو الأغنية بحركة أغضبت الكثيرين من الشعراء والملحنيين، حيث عمدوا أخيرا إلى شطب أسمائهم من على «سي دي» الأغنية وكاسيتها، والاكتفاء فقط باسم الأغنية واسم الفنان، وألغوا بذلك الحق الأدبي لشاعر الأغنية، حجتهم في ذلك أن اسم الشاعر والملحن مكتوب بكتيب الأغنية المرفق مع الألبوم، مثل جميع شركات الإنتاج في العالم، شعراء الأغنية شعروا بإحباط كبير، إذ إن بعضهم لا يبحث عن المبلغ الزهيد الذي يتقاضونه مقابل غناء كلماتهم، بل لا يهم سوى الحق الأدبي الذي يرونه الأهم لديهم من أي مبلغ مادي، واجهنا بعض أشهر شعراء الأغنية، الذين حققوا نجاحا كبيرا في هذا المجال: ضيفنا الأول هو الشاعر خالد المريخي صاحب أنجح الأغنيات، وبالذات خلال العامين الأخيرين، ليس فقط على المستوى الخليجي بل على المستوى العربي، يقول خالد المريخي: «صناع الأغنية الحقيقيون هما الشاعر والملحن، وهما أهم من الفنان، حتى وإن كان نجما، لأن كتاب الأغنية المحترفين هم السبب الرئيسي في نجاح الأغنية، ويفترض أن يتم الاهتمام بإبرازهم إعلاميا والاحتفاء بهم، لأن الفنان أخذ حقه من الظهور بجميع الوسائل الإعلامية، بالإضافة إلى ظهوره المتكرر في القنوات الفضائية والحفلات وغيرها، وأنا ألوم الكثير من الفنانين خاصة الخليجيين، لأنهم يعتقدون أن نجاح العمل الغنائي محصور عليهم، وكأن الألبوم ملك لهم، متناسين بذلك دور الشاعر والملحن، اللذين من أبسط حقوقهما أن يبرزا من خلال الأغنية ويسلط الضوء عليهما، وما يحدث الآن من تهميش للشعراء والملحنين أنا أراه أنانية من الفنانين، وغباء من الشركات المنتجة». أما الشاعرة الغنائية الأهم «هتان» فقد كانت ردة فعلها قوية جدا، وصلت إلى درجة التفكير بالاعتزال إذا استمر هذا التهميش، على حد رأيها، مضيفة أن أكثر ما يهمها هو اسمها وحقها الأدبي، وليس المبلغ الذي تتقاضاه مقابل غناء قصيدة لها، تقول أم شقران: «كأنك بهذا الخبر تقول لي: اتركي الشعر واجلسي في البيت» وتضيف: «أقترح على إخواني وأخواتي شعراء الأغنية أن يمتنعوا عن إعطاء قصائدهم للفنانين إلى أن يعدل الفنانون وشركات الإنتاج عن هذا التصرف المحبط». شاعر الأغنية المعروف سامي الجمعان، صب جام غضبه على الفنانين الذين اتهمهم بأنهم غير واعين بقيمة الكلمة وما تحققه من نجاح للأغنية نفسها، يقول سامي: «تعلمت من تجربتي الطويلة في هذا المجال وخبرتي أن كلمات الأغنية هي شعلة النجاح الأولى والأهم، ثم يأتي اللحن في المرتبة الثانية، فكم من أغنية اشتهرت بسبب قوة أو غرابة مطلعها، وأقترح أن يسجل الشاعر شرط كتابة اسمه قبل توقيع التنازل». الشاعر الغنائي المشهور فيصل السديري، غير مستاء من ذلك معللا الأسباب بأن جمهور الفن والمهتمين سيجدون اسم الشاعر، سواء في كتيب الألبوم أو على النت، ويرى فيصل أن عدم اعتراضه على ذلك لا يعني أنه ضد شعراء الأغنية الذين يطالبون بحقوقهم الأدبية، بل يطالب بكتابة جميع أضلاع نجاح الأغنية، وبالذات الموزع الموسيقي الذي يراه فيصل أنه الأهم في معادلة انتشار الأغنية ونجاحها. أما نايف السديري فيقول: «حق الشاعر للأسف ضائع من بداية تسليم النص الغنائي للفنان وحتى نجاحه، الذي ينسب أولا وأخيرا للفنان نفسه، شعراء الأغنية مهضومة حقوقهم المادية والإعلامية، وهم من ساهم في ذلك، فالأمر يحتاج منهم إلى وقفة جماعية للمطالبة بجميع حقوقهم التي أهدرها الفنانون والشركات المنتجة للألبومات الغنائية، وذلك في عقود رسمية تضمن لهم الحق الكامل قبل بداية العمل، ولكن للأسف أجد أن الشعراء الذين يقدمون مبالغ كبيرة للفنانين مقابل غناء نصوصهم، هم من أسقط حق الشعراء في الظهور، لأن هذه المبالغ تضمن لهم انتشار الأغنية وخدمتها بشكل أكبر، فتكرارها والتركيز عليها يغري المتلقي بالبحث والسؤال عن كاتبها».