سأعود إلى نجم والي مرة أخرى لأقارن بين «عربي» زار ما يسمى بإسرائيل وخرج يلهج بمديحها مزهوا بما وصلت إليه من تقدم وازدهار على المستويين الأخلاقي والحضاري، على حد ادعائه، وبين «يهودي» أمريكي منعته حكومة الكيان الصهيوني قبل أيام من دخول ما تسميه أرضها لأن آراءه الجريئة تتعارض مع سياساتها من جهة، ولأنه كان متجها إلى جامعة بير زيت لا إلى تل أبيب، من جهة أخرى. المقارنة تصلح من زاوية أخرى حين نعرف أن المفكر والناشط «اليهودي» نعوم تشومسكي يحرم من دخول «أرض ميعاده» لأنه مدعو من جامعة فلسطينية، بينما يتلقى «العربي» دعوة رسمية من هذا الكيان لحضور فعالية ثقافية على مستوى دولي!. وفي الوقت الذي كانت الصحافة الإسرائيلية تهاجم حكومتها بشراسة وتحاسبها على هذا الإجراء المتعسف وسط مطالبات بفتح تحقيق في القضية مع الاعتذار الفوري لتشومسكي، كانت صحافتنا العربية مشغولة بالفتاة العربية التي انتزعت لقب الجمال الأمريكي عن جدارة واستحقاق!. وغني عن القول أن التصرف الأحمق الذي قامت به الداخلية الإسرائيلية أكد تهافت الديموقراطية الزائفة التي يدعيها الكيان الصهيوني، ورسّخ «عنصريتها الفكرية» حسب صحيفة هآرتس، وهو ما لا نحتاج إلى إثباته أو التأكيد عليه، فما يهمنا أن مفكرا كبيرا بحجم تشومسكي مر من أمامنا وألقى إلينا التحية ثم مضى إلى شأنه دون أن تستوقفه الأندية الأدبية التي استقبلت «العربي» نجم والي على منابرها ومنحته دروع التكريم وخطابات الشكر، بينما فاتها أن تدعو «اليهودي» نعوم تشومسكي ليحاضر عن عدوانية إسرائيل وينسف أسطورة «النوايا الطيبة» التي أسرف والي في تلميعها بعد زياراته الشهيرة وصوره التذكارية. ولا يمكن بأي حال أن نعزو دعوة الأندية لوالي وغفلتها عن تشومسكي إلى سوء نية، بل هي تأكيد على أن هذه الأندية لم تكن تعرف من هو والي وما تاريخه، وربما لا تعرف أيضا من تشومسكي وما أفكاره!.