وفي أمسية أخرى طغت عليها وحشة المنفى وذكريات الأدب والوطن، عقدها النادي الأدبي بالرياض بالتعاون مع السفارة الألمانية بالرياض، وقدمها الدكتور فالح العجمي، استذكر الكاتب والروائي نجم والي رحلته إلى المنفى وتجربته مع الأدب الألماني منذ صغر سنه وبداياته المتأثرة بالأدب وبالفلسفة الألمانيين. واستعرض والي مراحل تطور الرواية الألمانية وتاريخها، مُشيرا إلى أن الرواية في العالم العربي لا تزال متنفسا ذاتيا يُسمع فيها صوت الراوي ولا صوت غيره: “أي كاتب يؤمن بنفسه ويُخلص لفنه سيصل إلى العالمية يوما”. وفي إجاباته على مُداخلات الحضور، أشار والي إلى أن المنفى قدر الإنسان، وهي الصفة التي يشترك فيها كثير من البشر، وكذلك حال السياسيين والثوار، فأغلب القصائد والروايات العالمية كتبت في المنفى الذي يهب الإنسان فرصة اكتشاف طاقاته الكامنة”. وبعد تأكيده على ولعه الشديد باللغة العربية التي يفكر ويحلم بها، انتقد والي النخب الثقافية في العالم العربي: “هي أكثر المجتمعات حسدا ونميمة وغيبة، وذلك لأنه وسط صغير ومحدود”، كما عاب على الثقافة العربية انحيازها إلى الفرد: “فالإنجازات الثقافية هي إنجازات شخصية في عالمنا العربي”. كما أشار إلى أن الرقابة في العالم العربي تحكمها الأهواء الشخصية للرقيب، ولا ضوابط لها، والرقيب يحكمه المزاج لا المنهج والمنطق. واعتبر والي أن زيارته إلى إسرائيل كانت “حرية شخصية” دفعه إليها فضوله: “من يتوجه إلى القدس لا بد أن يعبر إلى إسرائيل إذ لا توجد طريق أخرى”. ثم أشار إلى حملة المقاطعة التي استهدفته من المثقفين العرب: “واجهت صعوبات في سبيل نشر كتبي في العالم العربي بعد تلك الزيارة خاصة ذلك الكتاب الذي كتبته عن إسرائيل عقب تلك المرحلة”. ومثلما حدث في أمسية الشرقية، فنّد والي المزاعم التي قيلت على لسانه، والتي روجتها بعض وسائل الإعلام لتشويه صورته: “معظم الكلام الذي قيل عبارة عن إشاعات راجت لأننا مجتمعات شائعة في الأساس”. وفي ختام الأمسية، استعرض والي الفجوة التي تفصل النقد العربي عن نظيره الأوروبي والفروقات بين المدرستين: “النقد الأوروبي لا يحابي أحدا، فهو ليس نقد إخوانيات، بينما النقد في العالم العربي هو نقد يعمل بشعار: شيلني وأشيلك، فالنقاد العرب لا يمدحون إلا بعضهم، أو أنهم يمدحون الأموات”. ثم قال غامزا: “الكاتبات يحصلن على أطنان من المديح، وهو وأد مُباشر لهن”.