لم يعد غريبا أن تنافس إعلانات مكاتب المحاماة مثيلتها لمكاتب تأجير السيارات والأطباء وقاعات الأفراح ومكاتب السفريات في ظل تهافت من قبل ذوي الدخل المحدود على تلك المكاتب، وعلى محامين أحيانا لا يملكون سوى أرقام للتواصل وبأسعار رمزية في وقت تراجع فيه الإقبال على مكاتب المحاماة التي تعمل بشكل رسمي، وتحت مظلة الإدارة العامة للمحامين في وزارة العدل. وقد برزت ظاهرة الوكلاء الشرعيين الذين أصبحوا محامين بالوكالة للترافع عن قضايا إن نجحت حصلوا على أتعاب العمل مقابل النجاح، وإن فشلت فليست خسارة عليهم أن يتحصلوا على أتعابهم، الأمر الذي ألقى بظلاله السلبية على مهنة تعد من أنبل المهن وتتعامل مع جهات قضائية مختلفة. رصد ومراقبة وانعكست هذه القضية على المحامين الرسميين، ما دفع الإدارة العامة للمحامين بوزارة العدل لتكثيف العمل وإيجاد منظومة من الإجراءات الرقابية والرسمية والأنظمة لملاحقة المكاتب الوهمية، وتوفير تراخيص لمزاولة المهنة رسميا لمن يجدر به العمل فيها وفق مؤهلات رسمية وخبرات كافية. وتواصل الإدارة أعمالها لوضع آليات لرصد الظاهرة، ومراقبة المخالفين في خطوة ستعود بالإيجاب على المهنة، ونظرة المجتمع لها علي آلية العمل الرسمي في الترافع عن القضايا، وكانت الإدارة العامة للمحامين أحالت عددا من المخالفين إلى هيئة التحقيق والادعاء العام بعد الكشف عن مخالفاتهم حول ممارسة هذه المهنة. 1500 محام وعلى خلفية ذلك أكد الدكتور ماجد قاروب، رئيس اللجنة الوطنية للمحاماة بمجلس الغرف السعودية سابقا والمستشار القانوني أن هنالك تنسيقا وترتيبات مكثفة لملاحقة مكاتب المحاماة الوهمية التي بدأت تنتشر ويتسع نشاطها في مدن السعودية كافة. وعن عدد المحامين الوهميين أكد قاروب أن عددهم وصل إلى حدود خمسة آلاف شخص، مشيرا إلى أن عدد المحامين المصرح لهم بممارسة المهنة ويملكون تراخيص يبلغ 1500 محام فقط. وأوضح أن هنالك عددا ممن استغل المهنة للترافع في القضايا أمام المحاكم والجهات المختصة، مؤكدا أن المشكلة تكمن في أن عددا من خريجي كليات التخصصات الشرعية انتهجوا ذلك، وهم على غير علم ودراية بآلية العمل في مجال المحاماة الذي يتطلب تخصصات محدده وخبرات معينة تكون تحت مظلة الإدارة العامة للمحامين بوزارة العدل، وأضاف أن البعض يمارس المحاماة على مسمى وكيل شرعي، ويترافع ويتقاضى مبالغ سنوية كبيرة. وقال قاروب إن هؤلاء المزيفين مجرد نصابين ودخلاء على المهنة، وأثروا كثيرا في آلية عمل المحاماة الرسمية ودخلهم السنوي، حيث إن معدل الدخل السنوي الذي تتقاضاه مكاتب المحاماة في السعودية في حدود مليارين، أما تلك المكاتب الوهمية فتوقع أنها تجني نحو أربعة مليارات سنويا، مضيفا أن المحامي يتطلع إلى أن يعمل في مناخ نظامي وقانوني سليم مع زملائه في المهنة في مجال يتسم بالشفافية والعمل المهني والمصداقية، وأوضح أن هؤلاء المحامين المزيفين أساؤوا لمهنة المحاماة أمام القضاء والمجتمع. تعقب المخالفين وعن آلية رصد مثل هؤلاء المزيفين ومتابعتهم ووجود آلية تحد من عملهم غير الرسمي، أشار قاروب إلى أنه ومع الترتيبات والإجراءات التي تخطط لها وزارة العدل، ووضع خطة للربط الإلكتروني فإن ذلك سيحد من الظاهرة، وأضاف أن ما يقوم به هؤلاء الأشخاص تجرؤ على الأنظمة، مؤكدا أن الوزارة وحسب توجيهاتها المستمرة تستقبل أي بلاغ عن مثل هؤلاء لمنعهم من ممارسة المهنة، وأشار إلى أن العقوبة تتراوح بين السجن عام أو الغرامة 50 ألف ريال أو كليهما معا، لافتا إلى أنه تم رصد عدد من هؤلاء المحامين واتخذت حيالهم أحكاما وعقوبات. ودعا قاروب إلى تكثيف الإجراءات والمتابعات من قبل لجان المحامين الموجودة في الغرف السعودية بمختلف المناطق لتعقب هؤلاء المحامين الممتهنين للمهنة بطرق غير نظامية. وعما تعرض له بعض المحامين من توقيف حساباتهم البنكية وما اعترضهم من عوائق بشأن تجديد التراخيص، أكد أن الأسباب كانت عائدة للتنقلات التي شهدتها وزارة العدل، ولكن المشكلة انتهت بعد ذلك وحسم الأمر.